رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عن رؤية المستقبل

مشهد الكرة الارضية حاليا مثير للدهشة والغضب والسخرية وكأنها صورة مكبرة من حال مريض تضارب فى جسده أعراض متناكدة لامراض متوحشة. وتبدو منطقة الشرق الأوسط كرحم يولد منه مستقبل مختلف. لكن ألام المخاض قاسية. وأرجو ان يبرز فى أفق الفهم استيعاب حقائق دراسة الواقع بما يتيح نموا ناضجا لشكل المستقبل. ولم يكن من الصعب على قائد محترف دارس لمختلف المعارك على مدة التاريخ ان يعيد ترتيب الاولويات. هكذا استطاع عبد الفتاح السيسى ان يزيح بقرار وإرادة المصريين نظام الأخونة الكاذب من مسرح الحياة السياسية ليقترح ترتيب القضايا التى يجب منحة الجهد الكامل, فكان اهتمامه بقضائه على فيروس سى يتساوى مع ضرورة البحث على تنمية اقتصادية بدأت بحفر المجرى الثانى لقناة السويس. وعلى البعد اتجهت عيونه لرؤية آفاق ما تحتاجه المائة مليون نسمة التى تعيش على رقعة الخريطة المصرية وما تحتاجه من تطوير لأساليب التعلم الخلاق. فوضعنا نهاية العصر الذى يعيش فيه التلاميذ كأجهزة تسجيل لمعلومات مرصوصة يتم وضعها فى اوراق الاجابات ثم نسيانها من بعد ذالك، وجاء تطوير التعليم ليوقظ فى أعماق من يطلقون العلم فى القرى والنجوع والمدن, يقظة الحق فى استيعاب حقائق الواقع لاستكشاف آفاق المستقبل. وهكذا رأينا الجهد النبيل لمشروع المائة مليون صحة, مع بدء استصلاح مليون ونصف مليون فدان وهكذا بدأنا نرسم خريطة جديدة نستكشف بها حقائق ما نحتاجه لصناعة مستقبل يختلف عن حالة الاجترار لما عاشت عليه مجتمعاتنا سابقا, فمن رفض لبيع السوق الانتخابية مقابل بعض السلع الأساسية الى ضرورة تنظيم إنتاج وتوزيع تلك السلع بشكل كريم فاذا كان مقعد التلميذ فى المدرسة وانتصاب قامة العامل امام شاشة الكمبيوتر او الآلة ليرقب إنتاجا متميزا. فاستطعنا تحقيق الحلم فى حياة لائقة عند الغالبية من أهل الخريطة المصرية. ولكل تحول آلام المخاض فتجمعت فى عموم الذاكرة ما حلمنا به عبر الثورات المختلفة فكان نصيبنا ان نرى خريطة جديدة للرقعة الزراعية, وكأننا جمعنا خطايا وأخطاء ما مررنا به من تجارب لنستكشف طريقاً جديداً لحياة مقبولة, فاستصلاح مليون ونصف مليون فدان يصير بتوافق خلاب مع خريطة جديدة للطرق تصل شرق الوطن بغربه وشماله بجنوبه مع الانتباه لما يحيط بالخريطة من أخطار.

وكأن مصر تعيد ترتيب الأهداف المرجوة لشعوب آسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية, وكأن حلم عدم الانحياز مع الحلم فى حياة مقبولة لم يغادر وجدان الخريطة المصرية. ومن يرقب الحركة السياسية بالقيادة المصرية منذ الثلاثين من يونيو يمكنه ان يرى بوضوح كيف يشق المصريون أكثر من طريق لحياة لائقة بتأسيس مدن جديدة مع خريطة إعادة توزيع على عموم الجمهورية بدلا من تجمعات كالبثور العاجزة عن خلق فرص عاملة.

يجرى كل ذلك بينما الأخطار الكارهة لتقدم المصريين تحيطنا من الشرق والغرب والشمال والجنوب ومن مثير الضحك الساخر ان نرى من أحسنا اليهم عبر القرن العشرين، وهم يرصون ما وصل اليه من ثروة ليوقفوا خطواتنا الى المستقبل. فالذاكرة لا تنسى كيف طلبت قطر بالوديعة الزائدة التى وضعتها فى البنك المركزى المصرى لدعم وتأميم تخلف المرتدى لمسوح التدين الكاذب, حالمين بأن تكون تلك الوديعة مقدمة لشراء مشروع تصنيع ضفتى قناة السويس وخرج عموم المصريين فى الثلاثين من يونيو ليوقفوا هذا الهزل السياسي. ولم يكن الجيش المصرى بعيدا عن قراءة آلام وأحلام الواقع المصري. فجاءت المساندة الفعالة لإزاحة رعاة التخلف من حول مائدة الثرى التى افترشوها فى قصر الحكم ولم ينتبه الى ان قطع اللحم المسلوق ليست الا لحم مستقبل اجيال مصرية. وازحنا غمة التجارة بالدين الى ترتيب خطوتنا الى تحقيق احلامنا. وان يكون مشروع حفر المجرى الثانى رغبة فى مضاعفة خطواتنا اللاهثة الى مستقبل لا يتحكم فيه أحد. ومن بعد ذلك جاء الحلم بمشروع القضاء على فيروس سى مع محاولة وضع خريطة لصحة عموم المصريين, جرى ذلك بينما كانت قوات الجيش تنظف سيناء من بثور وجراثيم التخلف, مع شق طريق يصل شرق سيناء بغربها مع انفاق تختزل زمن التواصل بين الدلتا وحدود مصر الشرقية. وفى نفس الوقت يجرى على قدم وساق استكشاف ما خفى فى بطن البحر المتوسط من كنوز تتمثل فى الغاز الذى يمكن ان يمد اوروبا بطاقة ونستخدم عائده فى تطوير الحياة على الخريطة المصرية. جرى ذلك بينما كان دعاة التأسلم الكذابون قد جمعتهم الإدارة المصرية فى السجون لتمنع تكاثر افكارهم المريضة. فمن يملك قدرة على استزراع الصوب المصرية لا يمكن مقارنته مع من يقضى الليل مع حفظ نواقض الوضوء. وكان استاذنا محمد حسنين هيكل بارع التفوق فى قراءة الجوهر المطلوب لحياة مصرية لائقة عبر فهمه بما مثله عبد الفتاح السيسى فجاء وصفه برئيس الضرورة. جرى كل ذلك وسط تجاهل ضجيج الثرثرة بأوهام الديمقراطية, فسنبلة تصنع رغيفا. ويد على زناد الدفاع عن الخريطة هما وسائل حماية حق صناعة الحياة.

فليسمح لى القارئ بأن أنقل له الظروف الصحية القاسية لصاحب هذه السطور. فالسنوات الثمانيون التى حملت وجودى على هذه الارض حملتى اوجاعا تفوق التصور بدءاً من ضعف عام يعالجه اساطين الطب المصرى بداية من مازن النجا سيد قراءة خريطة النظيف السرى لشعيرات الجهاز الهضمى مع استرشاد عميق الفهم بخفايا ما يجرى فى الدورة الدموية التى قرأها ويتابعها سيد امراض الدم حسام كامل, مع محاولة منع مسلسل ضعف القدرة على الابصار الذى يواجهه معى دكتور يحيى صلاح مصطفى وحازم ياسين مع تحمل ابنى الاعلامى شريف عامر التكلفة الباهظة لعلاج كل تلك الاوجاع دون اى تبرم او ضيق مع رفض كامل العلاج على نفقة الدولة. رغم كل ذلك فالحلم لا يتوقف عن حتمية صناعة حياة لائقة لعموم المصريين. اسأل كل قارئ بكلماتى ان يدعو لى بظاهر الغيب لعل اوجاع المرض ترحل بعيدا عنى.


لمزيد من مقالات ◀ منير عامر

رابط دائم: