رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معركة بوتين ولوكاشينكو ضد «السيدات الثلاث»..
تباطؤ الإصلاحات والانتخابات المبكرة فى بيلاروس صداع فى رأس موسكو

رسالة موسكو د. سامى عمارة

  •  الكرملين يبحث عن «زعيم موال لروسيا» لاستمرار التعاون الثنائى

 

بات واضحا أن روسيا تلقى بكل ثقلها المعنوى والمادى والأمنى والإعلامى وراء بيلاروس، مع كشفها عن قدر مناسب من «التحفظات» حول رئيسها ألكسندر لوكاشينكو. ورغم إن الكرملين لم يكشف صراحة عن هذه التحفظات، فإنه يظل على يقين من ضرورة رحيله تدريجيا، بموجب ما سبق وطرحه حول الإصلاحات الدستورية وما سوف يعقبها من انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة. ولعل ذلك ما قد يكون قد تطرق إليه الرئيسان فلاديمير بوتين وألكسندر لوكاشينكو فى مباحثاتهما التى استمرت لما يزيد على الأربع ساعات ونصف الساعة، فى منتجع سوتشى وراء الأبواب المغلقة، والتى كشفت ضمنا عن مدى حاجة كل منهما إلى الآخر فى مواجهة الضغوط الغربية التى تتزايد يوما بعد آخر، فى وقت ترفع فيه «سيدات» المعارضة البيلاروسية رؤوسها على استحياء تارة، وسافرة واضحة تارة أخري. ومن هنا يأتى الوفاق والاتفاق بين الشقيقتين الكبرى والصغري، ويشتد العزم على مواجهة الصعاب ... أيا كان الثمن، وأيا كانت التبعات! 

بعد فترة من الاتصالات غير المباشرة، التى دامت لقرابة الشهرين اختار الرئيسان بوتين ولوكاشينكو منتجع سوتشى على ضفاف البحر الأسود، موقعا للقاء انتظره الكثيرون طويلا بعد سلسلة من الاتصالات الهاتفية، التى كشفت عن أن روسيا تبدو قريبة من قبول يد المصالحة التى يمدها رئيس بيلاروس، فى محاولة للحصول على قبولها لعدد من تجاوزاته. ذلك لأن موسكو لم تنس له مواقفه من عدم الاعتراف بضم القرم فى عام 2014، وما صدر عنه من تصريحات بهذا الشأن، إلى جانب تجاوزاته فى معرض حديثه الصحفى إلى «الإعلامي» الأوكرانى دميترى جوردون قبيل الانتخابات الرئاسية فى بيلاروس التى لم تعترف بنتائجها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبى.

 

 كانت الزيارة هى الأولى فى سلسلة زيارات رئيس بيلاروس الخارجية منذ انتخابه رئيسا لبيلاروس فى التاسع من أغسطس الماضي، والتى بلغت 105 زيارات للشقيقة الكبرى منذ تقلده مهام منصبه للمرة الأولى فى عام 1994. وفيما استبق الرئيسان مباحثاتهما بعدد من التعليقات الصحفية التى أكدت جديتهما ومواقفهما المشتركة تجاه مواجهة الهجمات المتزايدة التى تتعرض لها بيلاروس، وعزم موسكو على دعم الشقيقة الصغري، واعترافها بنتائج الانتخابات الرئاسية، وبشرعية لوكاشينكو، ورفضها لكل «تجاوزات» المعارضة المدعومة ماديا وأدبيا وإعلاميا من جانب الدوائر الغربية، تناقلت وكالة الأنباء العالمية تصريحات سفيتلانا تيخانوفسكايا زعيمة المعارضة الهاربة إلى ليتوانيا المجاورة، التى توجهت بها إلى الرئيس بوتين حول «عدم اعترافها بأية نتائج أو قرارات يسفر عنها لقاؤه مع لوكاشينكو». وقالت تيخانوفسكايا فى ندائها إلى بوتين إن «السلطات الجديدة فى بيلاروس سوف تعيد النظر فى أية اتفاقات يمكن أن يتوصل إليها الجانبان بوصفها «اتفاقات غير شرعية». ودون اعتبار لمثل هذه التصريحات، أعلن دميترى بيسكوف الناطق الرسمى باسم الكرملين، أن «المباحثات أسفرت عن اتفاق الجانبين حول تقديم روسيا إلى بيلاروس قرضا ماليا يقدر بما يعادل مليار ونصف المليار دولار، إلى جانب العديد من جوانب الدعم الاقتصادى والسياسى إلى بيلاروس». وكان الرئيسان أعلنا عن تمسكهما بالمعاهدة الاتحادية الموقعة بين بلديهما، الى جانب التزامهما ببنود معاهدة الأمن الجماعي، وكل ما ينبثق عنهما من تبعات والتزامات. وكشف بوتين فى حديثه الى التليفزيون الروسى عن «رغبة» رئيس بيلاروس فى «الحصول فى حال الضرورة على الدعم الأمنى من جانب أفراد الأجهزة الأمنية الروسية». وقال «إنه استجاب لرغبة لوكاشينكو شريطة عدم استخدام هذا الدعم، إلا فى حال خروج الأوضاع فى بيلاروس عن السيطرة، وفى حال تجاوز العناصر المتطرفة الحدود المتعارف حولها تحت ستار الشعارات السياسية، وتحولها إلى أعمال الشغب وإقدامها على إضرام النار فى السيارات ومقار البنوك، ومحاولة الاستيلاء على المقار الإدارية الحكومية». على أن ذلك لم يمنع الرئيس الروسى من الإعلان عن ضرورة اضطلاع شعب بيلاروس بتسوية قضاياه دون أى تدخل أو ضغط من الخارج. واستطرد بوتين ليعلن عن استحسانه لما اقترحه نظيره البيلاروسى حول تغيير الدستور وما يتطلبه ذلك من إجراءات. ولعل الرئيس الروسى فى ذلك يقصد التركيز على أهمية ما أفصح عنه لوكاشينكو حول أنه «سيترك منصبه آجلا أو عاجلا»، إلى جانب إعلانه عن «الاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يمكن ألا يترشح لها».

الإصلاحات الدستورية

 وذلك ما كشف عنه سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية فى حديثه إلى التليفزيون «الروسى الدولي»، وتناول فيه قضايا المنطقة والعالم. وبهذا الصدد قال لافروف إن بلاده تعتبر ما طرحه الرئيس لوكاشينكو حول الإصلاحات الدستورية فى بيلاروس «إطارا جيدا لحل الأزمة»، فى نفس الوقت الذى حذر فيه من «سيناريوهات الثورات الملونة وتداعياتها». وأعرب لافروف عن «قناعاته بأن الأوضاع فى بيلاروس ستعود قريبا إلى حالتها الطبيعية، مشددا على ضرورة أن يشمل تعديل دستور البلاد كل طبقات مجتمعها». وقال الوزير الروسي فى هذا الصدد «تعرفون أنه تم إجراء انتخابات رئاسية فى بيلاروس، والأوضاع هناك متوترة حاليا لأن المعارضة المدعومة من قبل بعض زملائنا الغربيين، تسعى إلى الطعن فى نتائج الانتخابات. لكننى مقتنع بأن الأوضاع ستعود إلى حالتها الطبيعية قريبا مع استئناف العمل على تمرير عمليات الاندماج». ووصف لافروف ما تقدم به الرئيس لوكاشينكو قبل الانتخابات من مقترحات حول الإصلاحات الدستورية بأنها «واعدة جدا».  وأضاف «أنه أكد موقفه لاحقا عدة مرات، فيما كشف عن أن الرئيس بوتين يؤيد مثل هذه التوجهات». وأعاد لافروف إلى الأذهان ما قاله لوكاشينكو حول «أنه على استعداد لإعلان الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة بعد إجراء التعديل الدستوري». واستطرد ليؤكد الأهمية الشديدة لمشاركة ممثلى كل طبقات المجتمع البيلاروسى بما فى ذلك استمالة عناصر المعارضة إلى عملية تنفيذ التعديل الدستورى قبل حلول عام 2022، بما يتضمنه ذلك من تحول إلى «الجمهورية البرلمانية»، خصما من الصلاحيات الحالية للرئيس.

 وذلك هو ما تنتظره موسكو من لوكاشينكو، وإن يظل القلق يساورها بسبب تباطئه فى تنفيذ ما وعد به. كما أنها تظل على يقين من ضرورة عدم الإفراط فى دعم لوكاشينكو تحسبا لعدم تكرار أخطائها لدى دعم الرئيس الأسبق يانوكوفيتش فى أوكرانيا، وحتى العثور على البديل الموالى لروسيا فى بيلاروس. ومن اللافت فى هذا الصدد، أن رئيس بيلاروس بدأ فى لقائه مع نظيره الروسى أقل تمسكا بمواقع الندية فى التعامل عن ذى قبل، مفرطا فى التعبير عن صادق شكره وتقديره وامتنانه لمواقف الرئيس بوتين على الصعيدين الرسمى والشخصى والإنساني، على حد تعبيره. وكان لوكاشينكو أعلن أيضا عن عميق تقديره تجاه ما أعلنه بوتين حول اعتبار حدود بيلاروس حدودا للدولة الاتحادية، بكل ما يعنى ذلك من تبعات ومواقف. ومن هنا كان التذكير بما سبق واتفق حوله الجانبان بشأن المناورات العسكرية المشتركة، التى قال إنه سوف يتحدث بشأنها مع وزير الدفاع الروسي. ولم يمض من الوقت الكثير حتى سارع لوكاشينكو إلى إعلان إغلاق حدود بلاده مع كل من بولندا وليتوانيا وأوكرانيا، وهى البلدان التى لجأ إليها زعماء المعارضة، ومنها تجرى إدارة كل الأعمال المناهضة للسلطة الرسمية فى بيلاروس. 

وفى هذا الشأن ننقل عن موقع «سفوبودنايا بريسا» (الصحافة الحرة) ما كتبه فيكتور سوكيركو حول تكثيف التعاون العسكرى بين روسيا وبيلاروس على حدود الناتو على مدار العام. وأشار الكاتب إلى أنه « من الواضح أنه تم التخطيط للتدريبات المشتركة بين جيشى الدولة الاتحادية، تحت عنوان «الأخوّة السلافية -2020»، والتى بدأت تجرى على نطاق واسع فى أراضى بيلاروس». وأضاف أن «الوضع واضح. مينسك تتعرض لضغوط من جميع الجبهات، وخاصة السياسية. فالغرب، وبعد أن أخطأ التقدير بخصوص تغيير الزعيم البيلاروسي، يواصل ممارسة ضغوطه، بما فى ذلك باستعراض القوة». وكشف سوكيركو عن «أن المناورات المشتركة الحالية فى منطقة «بريست» واسعة النطاق، ويشارك فيها من الجانب الروسى حوالى 300 جندى من فرقة المظلات 76 من بسكوف، وحوالى 70 قطعة من المعدات العسكرية والخاصة، جنبا إلى جنب مع عدد مقارب من الجنود البيلاروسيين، ووحدات من القوات الجوية الفضائية الروسية وأنظمة الدفاع الجوي، ما يعنى أن القوات الروسية المسلحة ستكون عمليا وعلى مدار العام فى مواجهة الخط الأمامى لحلف الناتو، على حدود بولندا ولاتفيا وليتوانيا». ورغم دورية هذه المناورات، فقد صَدَقَ الكاتب حين قال «إن المناورات الحالية تكتسب أهميتها من توقيتها وموقع تنفيذها».  وكان الرئيس بوتين أعلن أن روسيا وبيلاروس ستقومان بنشاط مشترك فى مجال الدفاع على أراضى كل من البلدين كل شهر تقريبا خلال العام المقبل.

لوكاشينكو وروسيا

وننقل عن موقع «جازيتا رو» ما ذكره أندريه سوزدالتسيف الأستاذ فى المدرسة العليا للاقتصاد حول «وهن» مواقع ألكسندر لوكاشينكو وتراجع مقاومته لمواقف روسيا من استكمال إجراءات التكامل الخاصة بالدولة الاتحادية وأسعار الطاقة، ولاعتبار أنه لن يجد الدعم المطلق إلا من جانب ممثلى «الأجهزة الأمنية والعسكرية». ومضى سوزدالتسيف ليشير إلى «تحفظات غير معلنة» من جانب موسكو تجاه الدعم الاقتصادى اللامحدود إلى بيلاروس تحسبا لاحتمالات مماثلة لما شهدته علاقاتها السابقة مع أوكرانيا المجاورة التى سبق وحصلت على ما يقرب من خمسين مليار دولار تراوحت بين القروض والاستثمارات المشتركة، فى وقت مواكب لتحركات بيلاروس التى بدت قريبة من مواقف بولندا وليتوانيا المعاديتين. ولعل الكاتب الروسى يقصد مواقف بيلاروس التى حاولت من خلالها تسجيل تباعدها عن سياسات روسيا، ورفضها الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا، وكذلك تجاه النزاع القائم فى منطقة الدونباس فى جنوب شرق أوكرانيا، وهو ما سبق واعترف به لوكاشينكو فى حديثه الصحفى مع الإعلامى الأوكرانى جوردون قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية.

وفى تعليقه على لقاء بوتين لوكاشينكو، نقلت مجلة «أوراسيا إكسبرت» عن فيدور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية ورئيس تحرير مجلة «السياسة والعولمة» ما قاله حول «أنه من غير المناسب التسرع فى الحديث عن دولة اتحادية، فالحالة حادة. أول ما يتعين على لوكاشينكو القيام به، وربما بدعم من روسيا، هو استقرار الوضع بحيث لا تثار مسألة التطور الثورى الممكن للأحداث، وبحيث يتم التخلص من هذا التهديد. وبعد ذلك، يمكن بدء حملة جادة حول الشكل الجديد للدولة الاتحادية.» وأضاف لوكيانوف:» هناك وجهة نظر مفادها أن موسكو تستفيد من الضعف الحالى للوكاشينكو، تقول إنه «لا مكان يلجأ إليه. ولا سياسة متعددة النواقل. وهو سيوقع الآن على أى شيء». وأكد الكاتب السياسى المعروف أن «اتفاقا على شيء جدى مثل التكامل العميق، يتم توقيعه فى ظرف يكون الشريك فيه تحت ضغط واضح فى أفعاله، ليس الأساس الأكثر صلابة لمستقبل طويل الأجل.» ومضى ليؤكد أنه لهذا السبب، يرى عدم جواز إرغام ألكسندر لوكاشينكو على التوقيع بشكل عاجل على أية وثائق... ثمة ضرورة لاستقرار الوضع أولا. ويجب استقراره بحيث يفهم (لوكاشينكو) جيدا أن نهج تعدد السياسات أو «اللعب على الحبلين» انتهي، لذلك عليه أن يتصرف وفقا للواقع، على حد قوله. وخلص لوكيانوف إلى يقينه من أن الدولة الاتحادية «ستمتلئ بمحتوى جديد وسوف تنتقل إلى مرحلة جديدة طبيعية تماما من التكامل الاقتصادي، المفيد لكل من بيلاروس وروسيا، مع الحفاظ على السيادة السياسية، ومع تقديم بعض التنازلات الاقتصادية من كلا الجانبين».

وإلى حين تحقيق ما أشار إليه لوكيانوف، عاد لوكاشينكو من سوتشى بعد لقائه مع «الشقيق الأكبر» على حد قوله، ليواصل مواجهة مظاهرات المعارضة التى لم تنقطع منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية فى 10 أغسطس الماضي، لكن بإصرار أكثر على إخمادها من خلال سيناريو جديد يُعَوِض من خلاله أخطاء عدم وجود الظهير السياسى المناسب. ومن هذا المنظور يتحدث المراقبون عن سلبيات سياسات لوكاشينكو ومنها عدم سماحه بتشكيل الأحزاب السياسية، فى نفس الوقت الذى ينتقدون فيه تباطئه فى تنفيذ ما أعلنه، واتفق حوله مع القيادات الروسية بشأن البدء فى طرح الإصلاحات الدستورية والإعلان عن الانتخابات الرئاسية المبكرة. ومن اللافت بهذا الشأن أن ليتوانيا المجاورة، التى لجأت إليها زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا، سارعت بالاعتراف بها بوصفها «الرئيسة الشرعية» لبيلاروس، فضلا عن مساندتها وتمرير اتصالاتها بالأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية الأخرى التى سبق وسمح لها بالمشاركة فى اجتماعاتها عبر الأثير! وهو ما اعتبرته ماريا زاخاروفا الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية «تدخلا فى الشئون الداخلية لبيلاروس».

ولعل ذلك يتفق مع ما سبق وأشرنا إليه حول اعتماد الدوائر الغربية لسيناريو فنزويلا سبيلا إلى الإطاحة بلوكاشينكو وتنصيب تيخانوفسكايا رئيسة لبيلاروس، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة لدى محاولتها تنصيب زعيم المعارضة ورئيس البرلمان، خوان جوايدو رئيسا لفنزويلا بديلا لنيكولاس مادورو، وهو ما لم يتحقق. وكان الرئيس لوكاشينكو انتقد هذه المحاولات فى لقائه مع المشاركات فى منتدى المرأة الذى عقد اجتماعه الجماهيرى فى مينسك، فيما سخر من «منافسته» سفيتلانا تيخانوفسكايا التى أطلق عليها تندرا اسم «جوايديخا»، فى إشارة الى زعيم المعارضة الفنزويلية جوايدو الذى فشلت الإدارة الامريكية والدوائر الغربية فى تنصيبه بديلا لمادورو فى فنزويلا. وكان الرئيس لوكاشينكو «سخر» من كثرة عدد المرشحات للرئاسة فى بيلاروس، مؤكدا ان الدستور ألقى على كاهل الرئيس الكثير من المهام التى تنوء عن حملها الكواهل الضعيفة للإناث.

المرشحات الثلاث للرئاسة

وفى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى ظاهرة كثرة عدد النسوة اللاتى تقدمن بترشيحاتهن فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة فى بيلاروس، فيما تحمل الثلاث الأبرز منهن ألوية المعارضة ضد الرئيس لوكاشينكو بعد إعلانهن قبيل تلك الانتخابات عن «تحالفهن» لمواجهة النظام القائم، فيما يواصلن اليوم «نضالهن» من منصات داخلية وخارجية بدعم سياسى ومالى وإعلامى مباشر من جانب ليتوانيا وبولندا وأوكرانيا المجاورة لبيلاروس، وكذلك الإدارة الأمريكية وزعماء ألمانيا وفرنسا وعدد من بلدان الاتحاد الأوروبي.

 ونشير فى هذا الصدد إلى كل من: سفيتلانا تيخانوفسكايا التى تقدمت بأوراق ترشيحها نيابة عن زوجها الناشط السياسي سيرجى تيخانوفسكايا المعتقل حاليا فى سجون بيلاروس بسبب نشاطه على المواقع الإلكترونية، وماريا كوليسنيكوفا عازفة الفلوت ومدرسة الموسيقي، منسقة حملة الناشط السياسي فيكتور باباريكو رئيس مجلس إدارة أحد بنوك بيلاروس، والذى طالما تعرض للاعتقال أيضا بسبب نشاطه السياسي، وفيرونيكا تسيبكالو زوجة الناشط السياسى والنائب الأول الأسبق لوزير خارجية بيلاروس فيكتور تسيبكالو، وهو سفير سابق لدى الولايات المتحدة، وأحد أبرز العاملين فى قطاع تكنولوجيا المعلومات فى بيلاروس، الهارب حاليا إلى روسيا.

ونتوقف بداية عند سفيتلانا تيخانوفسكايا البالغة من العمر 37 عاما وتعمل مدرسة لغة انجليزية بعد تخصصها فى اللغتين الإنجليزية والألمانية فى كلية الآداب. وتقول فى سيرتها الذاتية انها ولدت فى سبتمبر 1982 فى إحدى القرى القريبة من بريست على مقربة من الحدود البولندية غرب بيلاروس. وأضافت أنها سافرت كثيرا إلى أيرلندا بعد اختيارها للسفر لأول مرة إلى بولندا وهى فى الثانية عشرة من العمر ضمن برنامج «أطفال تشيرنوبيل». وتعترف سفيتلانا بانها لم تهتم أو تشتغل بالسياسة طيلة حياتها، وأنها اضطرت إلى ترشيح نفسها بعد اعتقال زوجها الناشط السياسى سيرجى تيخانوفسكي. ولقيت تعاطفا واسع النطاق من جانب الكثيرين من أبناء وطنها، ممن يتوقون إلى التغيير، وكسر حلقات استمرار الرئيس الحالى لوكاشينكو فى السلطة لما يزيد عن ربع القرن. ويقول ألكسندر لوكاشينكو أن سفيتلانا لجأت إليه بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التى تقول نتائجها الرسمية بفوزها بالمرتبة الثانية بنسبة أصوات تزيد قليلا عن 10%، بطلب السماح لها لمغادرة بيلاروس والسفر إلى ليتوانيا المجاورة للانضمام إلى أولادها هناك. وسمح لها لوكاشينكو بالسفر، بعد تسجيلها لخطاب تليفزيونى اعترفت فيه بهزيمتها فى الانتخابات، فيما ناشدت ناخبيها ومناصريها بالتوقف عن التظاهر والاحتجاج، وهو الخطاب الذى قالت السلطات الليتوانية فيما بعد أن الأجهزة الأمنية البيلاروسية أرغمتها على تسجيله شرطا للسماح لها بمغادرة البلاد. وتحظى تيخانوفسكايا التى اعترفت بها ليتوانيا رئيسة شرعية لبيلاروس، بدعم هائل من جانب الكثير من الدوائر والبلدان الغربية التى تقف وراء المعارضة فى بيلاروس تأييدا للإطاحة بالرئيس لوكاشينكو.أما ماريا كوليسنيكوفا عازفة البيانو ومدرسة الموسيقي، فهى من مواليد مينسك العاصمة ومن أسرة تعشق الموسيقي، أوفدتها إلى ألمانيا للدراسة فى أحد معاهدها الموسيقية فى مايو 2007، لتعود إلى بلادها فى عام 2017. ولم يكن يُعرف عن ماريا أيضا أى اهتمام بالسياسة قبل تعرفها على فيكتور باباريكو المصرفى البيلاروسى الذى لجأ إلى روسيا هربا من ملاحقات السلطات الأمنية بسبب معارضته للرئيس لوكاشينكو، وترشحه لمنصب الرئيس. وتقول المصادر إن ماريا كوليسنيكوفا انضمت إلى باباريكو لترأس حملته الانتخابية، فيما تقدمت لاحقا بالترشح للانتخابات الرئاسية بعد اعتقاله، ولتتحالف مع تيخانوفسكايا وفيرونيكا تسيبكالو، ليشكلن ما وُصٍفَ «بتحالف النساء الثلاث» الذى يقود المعارضة ضد لوكاشينكو فى بيلاروس. ومن اللافت أن ماريا هى الوحيدة من أعضاء التحالف الثلاثى التى أصرت على البقاء فى مينسك بعد «هرب» رفيقتها تيخانوفسكايا إلى ليتوانيا، وتنقل الأخرى فيرونيكا تسيبكالو بين كل من وارسو وموسكو وكييف، وحتى محاولتها الفاشلة فى الهرب إلى أوكرانيا فى مطلع سبتمبر الحالي. وينقلون عن السلطات البيلاروسية ما قالته، فى إطار «قصة بوليسية مثيرة للجدل غير مكتملة الحبكة الدرامية»، حول أنها مزقت جواز سفرها، فيما تخلى عنها مرافقوها فى محاولة الهرب وألقوا بها من السيارة، قريبا من الحدود المتاخمة لأوكرانيا قبل فرارهما إليها.   

وختاما نأتى إلي فيرونيكا تسيبكالو المرشحة الثالثة فى انتخابات الرئاسة وزوجة فاليرى تسيبكالو السفير السابق لبلاده فى الولايات المتحدة والمكسيك، والمعارض الأكثر شهرة الذى رفضت السلطات البيلاروسية تسجيله مرشحا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكان فى مستهل سنوات نشاطه أحد مؤيدى ومناصرى لوكاشينكو فى تسعينيات القرن الماضي. ومن اللافت أن فيرونيكا لم تكن مثلها فى ذلك مثل رفيقتيها سفيتلانا تيخانوفسكايا وماريا كوليسنيكوفا، على دراية بالسياسة، مكتفية فى ذلك بعملها فى مجال تخصصها فى العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي. وتقول المصادر إنها دائمة التنقل منذ مغادرتها مينسك قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، بين كل من بولندا وأوكرانيا وروسيا التى سبق وهرب إليها زوجها فاليرى تسيبكالو.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق