رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شباب الأزهر بين التنوير العالمية

فى مؤتمر الشباب الأخير الذى عقد بالعاصمة الإدارية كرم الرئيس السيسى فريق جامعة القاهرة الذى فاز بكأس العالم فى المسابقة العالمية لريادة الأعمال بين شباب الجامعات والتى عقدت فى سيليكون ڤالى كاليفورنيا بالولايات المتحدة فى شهر سبتمبر عام 2019. تكريم الرئيس هو اعلى درجات التكريم. ورغم ذلك لم يتوقف كثيرون أمام ما قام به هؤلاء الشباب كى يستحقوا تكريم الرئيس، بل إن هذا التكريم لم ينل من الاعلام ما يستحقه. وللمهمومين بجودة التعليم الذى يحصل عليه بناتنا وابناؤنا فإن لهذا الانجاز قيمة كبيرة استدعت هذاالتكريم الرئاسي.. ومنذ أيام فاز فريق آخر من شباب جامعة الازهر بكأس العالم متفوقين على كل من البرازيل والهند وكندا، فى نهائيات نفس المسابقة الدولية لهذا العام والتى عقدت فى مدينة أمستردام بهولندا، وشارك 85 فريقا من شباب الجامعات من 38 دولة فى انحاء العالم عبر الانترنت، وذلك بسبب التدابير الاحترازية فى مواجهة جائحة كورونا. وبصفتى إحدى أعضاء الفريق الدولى الذى يتولى التحكيم فى نهائيات المسابقة فقد أبهرنى الأداء الرائع لبناتنا وابنائنا من شباب جامعة الازهر، وتوقفت كثيرا وانا اضع درجات التقييم، ينازعنى الشعور بالحرج من تهمة الانحياز لفريق بلادي، غير اننى حكمت بما يمليه على ضميرى امام اداء رائع يدعو الى الفخر بهؤلاء الشباب وما قاموا به من جهد.

ومادفعنى لكتابة هذا المقال سببان: الأول أن هذا البرنامج الطموح، نحتاج اشد الاحتياج لنشره فى جامعاتنا المصرية، فهو يعطى شباب الجامعات فرصة التدريب العملى المجانى على يد أرفع القيادات لكبريات الشركات العالمية، وخبراء التنمية البشرية. اما السبب الثانى فيرتبط باستكمال الحديث الذى تطرقت اليه فى مقالى المنشور بجريدة الاهرام بعنوان مؤسسة الازهر، بين الجديد والتجديد.

وفيما يتعلق بالأزهر الشريف والشباب الذين يتخرجون فى جامعته..اعترف بأن مجرد انضمام جامعة الازهر الى هذا البرنامج الدولى يحمل دليلا عمليا على رؤية تنويرية تحكم هذه المؤسسة العريقة. فالفريق الذى انضم حديثا لهذا البرنامج وينافس للمرة الاولى محليا ودوليا، يبلغ عدد أعضائه 120 شابا وفتاة من كليات مختلفة بجامعة الازهر نصفهم من أوائل الدفعات.هذا الفريق تنافس محليا مع 56 جامعة مصرية، وتنافسوا مع 32 دولة منهم امريكا والمانيا وروسيا وكندا والهند والصين وأستراليا. 

هكذا، حققت جامعة الازهر المركز الاول عالميا عن مشروع يسمى شيتوشريمب، حيث نجح الفريق فى استخدام قشر الجمبرى الذى كان ينتج عنه أطنان من المخلفات يوميا تلوث بحيرة قارون، وتم استخدامه فى إنتاج توابل والسماد العضوى وبعد بحث اكتشفوا ان مادة الشيتوزان المستخرجة من قشر الجمبري، تستخدم فى المجالات الطبية والدوائية لقدرتها على امتصاص الجزيئات المتناهية الصغر التى تصل الى 2 ميكرون ، وقاموا بتصنيع فلتر كمامة طبية يعمل بكفاءة تفوق الفيلتر N95، ونجحوا فى صناعة فلتر مياه. ليحقق بذلك عائدا بملايين الجنيهات للاقتصاد المصري.كما نجح شباب الازهرفى إقامة شراكة عالمية مع شركة امازون العملاقة، التى تسوق منتجاتهم، كما نجحوا فى القضاء على طفيل يدعي، ايزو بودا الذى أصاب بحيرة قارون عام 2010 وقضى على الثروة السمكية فيها.وبعد ان كان 1500 قارب صيد يعملون فى البحيرة، انخفض هذا العدد ليصل الى 50 قاربا فقط بسبب الطفيل وارتفعت معدلات البطالة بالقرية. وترتب على النجاح فى القضاء على الطفيل ان عاد الصيادون لقواربهم وبحيرتهم من جديد.كما أنشأ الشباب 20 مزرعة جمبرى تنتج 8 أطنان سنويا بتدريب الصيادين على استزراع الجمبرى وفروا فرص عمل للنساء اللائى التزمن بسحب اطفالهن من سوق العمل وضمان انتظام 1300 طفل فى التعليم.

ما كتبته عن المشروع فى هذه السطور القليلة لا ينصف الجهد العلمي، الشامل والمتعمق الذى بذله الفريق لدراسة المشكلة التى اختاروا التصدى لها، والشراكات التى نجحوا فى اقامتها مع جهات عالمية ووطنية، والإخراج الرائع للمشروع، والابداع فى التصدى للمشاكل. كان اختيارهم لقرية شكشوك المطلة على بحيرة قارون بمحافظة الفيوم والتى تعد من القرى الأفقر عالميا والتى تبيع المنتج الأغلى، دليلا على الجدية والنظرة الإنسانية التنموية الشاملة. النجاح الذى حققه فريق جامعة الازهر، ومظهره واداؤه المتحضر، المحترم الذى يوازن بين المنهج العلمى والعصرية والمهنية، اتقان الفريق رجالا واناثا للغة الإنجليزية، وبساطة وسلاسة الأداء فى عرض للتجربة استغرق اثنتى عشرة دقيقة، وفق قواعد المسابقة، كان محل تقدير، مثلما جاء التنسيق وتوزيع الأدوار فى الأداء بين الفريق الذى تكون من أربعة، اثنين من الطالبات والمثل من الطلبة، وجاء الزى الذى اختاروه بالغ الأناقة. تحدث شباب الازهر لغة ريادة الاعمال بطريقة قد تبدو جديدة بالنسبة لنا الا انها اللغة المستخدمة من منافسيهم، ويستعدون لعرض مشروعهم فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك مؤكدين، ان اهداف برنامج اناكتس يعتمد اهداف التنمية المستدامة التى افقرها قادة العالم وترجمتها مصر فى رؤية 2030.

ولا تفوتنى الإشادة بدلالات حرص فضيلة الإمام الأكبر  شيخ الجامع الأزهر د.أحمد الطيب على الالتقاء بالطلبة فور إعلان فوزهم وتهنئتهم وإعرابه عن فخره بهم، مشددا على مواصلة الجهد وابتكار وتنفيذ المشاريع الحديثة التى تنفع الناس وتسهم فى نهضة الوطن وتحفيز باقى الطلاب للتفوق والدخول فى عالم ريادة الأعمال.

والخلاصة أن آداء فريق ايناكتس لجامعة الازهر جاء دالا على تعليمهم فى مؤسسة غرست لديهم الثقة بالنفس والانفتاح ومكنتهم من الفوز على شباب من 58 جامعة ينتمون الى 32 دولة. وترك الفريق انطباعا دوليا يليق بالمكانة التى يحتلها الازهر الشريف فى نفوس البشرية. وهذا هو التجديد والتنوير الذى نتطلع جميعا لتحقيقه..


لمزيد من مقالات سفيرة د. مشيرة خطاب

رابط دائم: