ربما تتباين الآراء حول وجود عربات الكارو بشوارع المحروسة بين مؤيد ومعارض، فالعاملون بهذه المهنة يقولون «مصدر أرزاقنا» وليس لنا بديل آخر، بينما أغلب المواطنين يتفقون على أن استمرار سيرها بالشوارع ليس مظهرا حضاريا ويعتبر نوعا من المظاهر التى يرفضها كل الطامحين الى التحضر، ويعتبرون مشهد عربة كارو «عنوان العشوائية» .
وعلى الرغم من الجهود المضنية التى تبذلها القيادة السياسية ومن خلفها أجهزة الدولة فى تطوير المناطق والشوارع بمختلف أنحاء المحروسة فإن عربات «الكارو» مازالت تنتشر فى الأماكن الشعبية بمختلف ربوع مصر، ويرجع ذلك الى عدة أسباب منها سهولة دخولها إلى الحوارى والشوارع الضيقة التى لا تتمكن المركبات الكبيرة من دخولها .
فعربة الكارو كما يقول الحاج مصطفى محمد صاحب ورشة بمصر القديمة تستخدم فى نقل مواد البناء من حديد تسليح ورمل وزلط ونقل القمامة فى المناطق الشعبية والحارات ، وقد تكون مصدر رزق العديد من البسطاء الذين يبيعون الخضار عليها أو الفول المدمس وهناك من يجمعون الخردة ومواد البلاستيك بها والكرتون وغير ذلك ، ولم ينكر الحاج مصطفى أنها تمثل مصدرا للعشوائية ، مؤكدا ضرورة وضع خطة من قبل الحكومة تنفذ على أرض الواقع لاستبدالها حفاظا على المظهر الحضارى وعلى النظافة فى الشوارع والأحياء .
وفى تعليقه على هذا الوضع قال الدكتور عمرو عبد السميع أحد سكان مدينة الفسطاط الجديدة بحى مصر القديمة إن استخدام عربة الكارو لم يقتصر فقط على نقل البضائع أو بيع الخضراوات والفواكه، بل تطور ليشمل هوايات ترفيهية أخرى مثل استخدامها فى السباق الذى يشارك فيه عشرات العربجيةً بعرباتهم الكارو ، وتعتبر هذه السباقات بمثابة الأحداث المهمة وسط «العربجية»، وهى تبدأ عادة فى الليل تجنبا لمطاردة الأجهزة الأمنية، حيث يصطف المتفرجون والمشجعون على جانبى الرصيف فتبدو الأرصفة حينها مثل مدرجات الملاعب. وهو أمر سيئ يجب التخلص منه .
وفى جولة لـ» الاهرام « بمنطقة مصر القديمة رصدنا الكثير من الشكاوى لسكان مدينة الفسطاط حول سباقات الخيول وخاصة امام متحف الحضارات المصرية، وكما يقول أحمد حسن « موظف بشركة خاصة « وهو أحد سكان المدينة « ان تلك المسابقات تجرى فى عدد من المناطق المختلفة بمصر وليس فقط امام متحف الحضارات المصرية ولكن فى كثير من المناطق، وغالبا ما تتم ليلا بعيدا عن اعين رجال الشرطة خشيه ضبطهم، ويكون الهدف منها إلى جانب المتعة والترفيه، المراهنات على الفائز فى السباق التى من خلالها يتم عقد صفقات بيع وشراء وتحديد سعر الحصان أو الحمار عند البيع».
اما حسام حمدى ويعمل مدير مبيعات بإحدى الشركات ومقيم بمدينة الفسطاط فيقول: نعانى من السلوكيات التى تتم خلال تلك السباقات ، فخلال عام واحد تغيرت ملامح منطقة الفسطاط وغيرها من المناطق التى تم تطويرها إلى الأفضل بشكل لم يكن يتوقعه سكان المنطقة أو المترددون عليها ، لكن سلوكا غير حضارى يمارسه اصحاب هذه العربات أمام مقر وزارة البيئة ومتحف الحضارة المصرية، هذا المشهد يناقض ما تقوم به الدولة من جهود مضنية لتحويل المنطقة إلى مزار سياحى عالمى يجلب ملايين الدولارات والعملات الاجنبية الاخري. فعشرات عربات الكارو يجلبها العربجية عشية كل جمعة للمشاركة فى سباق واستعراض أمام متحف الحضارة حسب قول حسام وغيره من السكان فى مشهد لا يمت للحضارة أو الحداثة بصلة ، ففى ليل كل يومى جمعة وأحد من كل أسبوع يجتمع المئات من الجمهور من القاهرة الكبرى وضواحيها لعقد مراهنات على الحصان الرابح، وفى الخلفية سكان مدينة الفسطاط الجديدة بمصر القديمة الذين يعانون من تلك الممارسات التى تشوه المنطقة وتهدر جهود الدولة.
ويناشد اهالى مدينة الفسطاط الجديدة بمصر القديمة ، وزير الداخلية اللواء محمود توفيق لنجدتهم مما يتعرضون له اسبوعيا جراء احتلال العربجية وجماهيرهم للمنطقة ومداخل المدينة ، مطالبين بالتدخل لحمايتهم من تلك المظاهر غير الحضارية.
على الجانب الاخر يقول أصحاب عربات الكارو الذين رفضوا ذكر أسمائهم ان عربات الكارو هى مصدر رزق لأسرنا ، وفى حال قيام الحكومة بحظرنا من السير بها فى الشوارع ينبغى عليها أن تقدم لنا البديل حتى لا تنقطع أرزاقنا، ونتحول لمتسولين . وفى رد محافظة القاهرة قال اللواء إبراهيم عوض المتحدث باسم المحافظة إن هناك قرارات من محافظين سابقين منذ عام 1988، بحظر سير عربات الكارو بالقاهرة ، وآخرها العام السابق، حينما أصدر اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة قرارا بضرورة الالتزام بتنفيذ القرارات السابقة الخاصة بحظر سير الكارو بشوارع العاصمة ، وأعطى الأجهزة صاحبة الحق فى الضبطية القضائية ومنهم رؤساء الأحياء وشرطة المرافق تسليم الدواب إلى حديقة الحيوان، والتحفظ على العربات بهدف القضاء على هذه الظاهرة العشوائية التى تعوق حركة المرور .
رابط دائم: