رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بريطانيا مهددة بالحرب الأهلية والتقسيم

تلوح كل من أيرلندا الشمالية واسكتلندا بإجراء استفتاء للانفصال عن بريطانيا مع تأزم المفاوضات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اعتزامه الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو ما رأته أوروبا والكثير من البريطانيين خطوة خطيرة، وخرقا لاتفاق دولي مهم ومؤثر على بريطانيا وتماسكها واقتصادها، وأنها مقامرة تهدد وحدة بريطانيا وعلاقاتها القوية والمتشابكة مع أوروبا، وتعرضها لعقوبات اقتصادية يصعب أن تتحملها، لتدفع بريطانيا ثمنا ثقيلا لقرار متهور لعب داعميه على وتر القومية، ورفع راية الاستقلال والسيادة، وكأنها معركة تحرر وطني وليس اتحاد طوعي لتبادل المصالح وتوسيع السوق، لكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا جرى استغلالها من جانب اليمين المتطرف، واندفعت الشعارات الشعبوية لتجد من يصدقها في الشارع، وبهذا حصل بوريس جونسون على مبتغاه من الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن ماذا عن الأضرار والعواقب المترتبة على الخروج؟ والتي لم تكن تلقى آذانا صاغية لسماعها، ووهنت أصوات المحذرين منها، وها هي المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي تتعثر، لأن بريطانيا لا تريد الالتزام بشروط الخروج، ومنها التعويض المالي ومشكلات أخرى تتعلق بعدم حصول بريطانيا على الامتيازات السابقة، وفي حالة الإصرار على الخروج دون الإلتزام باتفاق مع الاتحاد الوروبي ستكون العواقب وخيمة على بريطانيا في المقام الأول، وستعاني شركاتها المرتبطة بأخرى في الاتحاد الأوروبي، ولن تحصل على إعفاءات جمركية أو تسهيلات في تنقل بضائعها وخدماتها، وبالتالي ستكون معزولة عن أهم وأقرب أسواقها، أما وعود بوريس جونسون بأن اتفاقا جديدا ستعقده بريطانيا مع الولايات المتحدة سيأتي بالازدهار والمكاسب الكبيرة لبريطانيا فيبدو أنها محض دعاية، وأن ما يمكن تحقيقه من اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة كبديل عن الاتحاد الأوروبي لن تحقق تلك المكاسب التي ادعى جونسون أنها أفضل، كما أن الولايات المتحدة تعاني من أوضاع اقتصادية أكثر صعوبة من أوروبا، ولن تكون ذلك المنقذ الذي بشر به جونسون، أما في حالة هزيمة ترامب في الانتخابات القريبة فسوف تكون النتيجة وبالا على جونسون وحزب المحافظين، لأن بايدن لن يكون متحمسا لمعاملة تفضيلية لبريطانيا تفوق الاتحاد الأوروبي، بل إنه ينتقد سياسات ترامب التي أبعدت الولايات المتحدة خطوات عن حلفائها الأوروبيين.

لا تتوقف الأزمة البريطانية عند هذا الحد، فأمام بريطانيا ورئيس وزرائها أكثر من أزمة كبيرة، في مقدمتها الأزمة الأيرلندية، واحتمال عودة حرب استقلال أيرلندا الشمالية، والتي سبق أن تسببت في مآس طويلة وجرت بسببها أنهارا من الدماء والتفجيرات، وتحولت مناسبة الجمعة العظيمة إلى حرب دينية بين أيرلندا الشمالية الراغبة في الاستقلال عن بريطانيا والتوحد مع البلد الأم أيرلندا، وكان الاتحاد الأوروبي هو الحل السحري لتلك الحرب الطويلة، فقد عاد الالتئام بين الأيرلنديين في أحضان الاتحاد الأوروبي، لكن عندما تخرج بريطانيا من الاتحاد ماذا سيكون وضع أيرلندا الشمالية، التي ستنقطع علاقتها مع أيرلندا الأم، وبذلك تعود المأساة وأجواء الحرب، وجرى طرح عدة حلول تبقي على قدر من ترابط الجانبين، لكن تلك الحلول لم تكن عملية أو سهلة التنفيذ، بل ستكون ثغرة في اتفاقية خروج بريطانيا، وستضع على جدول أعمال الأحزاب الأيرلندية شعار الاستقلال، وبالفعل تجري دعاية واسعة لإجراء استفتاء على استقلال أيرلندا الشمالية عن بريطانيا، وأي محاولة لقمع إجراء الاستفتاء ستزيد الشقاق والنزاع وربما نزيف الدماء. وهناك وضع مشابه في اسكتلندا التي تشهد عودة الدعوة إلى الانفصال عن بريطانيا، وترى أن مصلحتها الاقتصادية في الارتباط بالاتحاد الأوروبي، وهي حجة قوية للمتحمسين لنزعة انفصال اسكتلندا عن العرش البريطاني، وهو ما تعكسه مواقف الأحزاب الإسكتلندية واستطلاعات الرأي التي تشير إلى رغبة متزايدة لدى الشعب الإسكتلندي في الانفصال، وستجد اسكتلندا ترحيبا من الاتحاد الأوروبي، الذي سيجدها فرصة للثأر من بريطانيا وأن تتلقى درسا قاسيا، وبدلا من أن تكون بريطانيا بداية انشقاق يهدد الاتحاد الأوروبي ستصبح أمثولة لمن يفكر في الخروج من الاتحاد الأوروبي.


لمزيد من مقالات مصطفى السعيد

رابط دائم: