رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إنها بيلاروس.. وليست بيلاروسيا

قفزت بيلاروس, وليس بيلاروسيا, إلى صدارة المشهد السياسى الأوروبي، نتيجة عودة الكثير من الدوائر الغربية إلى سابق مخططات الثورات الملونة وأهدافها المناوئة لروسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، فى توقيت تقف فيه عند منعطف طريق يكتنف الغموض كثيرا من جوانبه، ومنها ما يتعلق بترجمة اسمها، إلى روسيا البيضاء، تارة، وبيلاروسيا تارة أخري. ولعل ما يرتبط بالاسمين من إيحاءات واشتقاقات تاريخية تظهر إلى جوارها أسماء مثل روسيا الحمراء، وروسيا السمراء وما يتعلق بذلك من أحداث يمتد تاريخها إلى ما قبل الميلاد، يزيد من حدة المأساة التى تتعلق بإصرار الصحافة العربية على الخطأ، والتمادى فى تمسكها بالاسم الخطأ فى الزمان الخطأ، رغم تحذيرات واعتراضات أصحاب الشأن المباشر. ولم تقتصر قائمة النوائب على الاسم وحسب، حيث تعدتها إلى النيل من تاريخ الدولة ورموزها الوطنية، ومنها ما يتعلق بعلم الدولة، ووحدة أراضيها. ونتوقف فى البداية لنشير إلى أن العلم بألوانه الأبيض ثم الأحمر ثم الأبيض الذى ترفعه جماهير المعارضة فى مظاهراتها التى تجوب شوارع العاصمة مينسك وكبريات المدن البلاروسية، هو علم جمهورية بيلاروسيا الشعبية قبل انضمامها إلى الاتحاد السوفيتى السابق، وجرى تغييره بعد تغيير اسم الجمهورية من بيلاروسيا إلى بيلاروس. ولذا كان من الطبيعى ان تحمل الجماهير فى مظاهراتها المناصرة للرئيس لوكاشينكو، العلم الرسمى للدولة بألوانه الأحمر والأخضر والنقوش الفولكلورية على خلفية بيضاء، والذى جرى التصديق عليه فى 7 يونيو 1995، وهو العلم الذى أقرته السلطات البيلاروسية بعد انضمامها إلى الاتحاد السوفييتى السابق مع بعض التغييرات الطفيفة. أما عن اسم الدولة فقد تقلب كثيرا بين أحضان التاريخ وحتى أقر السوفيت الاعلى (البرلمان) فى نهاية المطاف تغييره من جمهورية بيلاروسيا السوفيتية الاشتراكية الذى كان عنوانا للدولة بعد انضمامها الى الاتحاد السوفيتى السابق، إلى بيلاروس بموجب قراره رقم 1085الصادر فى 19 سبتمبر 1991، وهو الاسم الذى نص عليه فى وقت لاحق دستور البلاد الذى بدأ العمل به اعتبارا من عام 1994. وتتباين التفسيرات حول اسم بيلاروس والتى يعود بعضها إلى تفضيل سكانها للون الأبيض واختياره لونا رئيسيا للأزياء القومية وكل ملابس أبناء بيلاروس، بما تتحلى به من نقوش ورسوم فولكلورية، منها ما يتزين به العلم الجديد للدولة، فيما يعزو آخرون هذا الاسم إلى غلبة اللون الأبيض على بشرة سكانها، على النقيض من تشيرنو روس (روسيا السمراء) التى انتشر سكانها فى الجنوب قريبا من أراضى ليتوانيا وتشيكيا التى كانت هدفا لحركة القبائل المجرية والغجرية ذات البشرة التى تميل إلى اللون القمحي، النازحة من منطقة ما وراء الأورال. وفى هذا الصدد لم نجد ما يؤكد الخطأ الشائع الذى يقع فيه الكثيرون حين ينسبون أصل الاسم إلى لون الثلوج البيضاء التى تغطى أراضى المنطقة، والا كانت روسيا بأراضيها التى تمتد لتشمل ما يقرب من ( ثُمْن) مساحة الكرة الأرضية بما فيها سيبيريا، هى الأَوْلى بمثل هذه التسمية. أما تشيرفونو روس (روسيا الحمراء) فهى التى تمتد أراضيها لتشمل ما يدخل اليوم ضمن أراضى روسيا الاتحادية فى شمال شرقى القارة الأوروبية، بما فى ذلك شمال أوكرانيا الحالية وغرب بولندا. وتلك حكايات لا نستطيع الجزم بصحتها أو دحضها، ونتركها لعلماء التاريخ والأنثروبولوجيا بمختلف أقسامه التطبيقية منها والاجتماعية والحضارية والطبيعية. ويبقى أن نشير إلى أن بيلاروس دولة مؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة وعضو مستقل على قدم المساواة مع بقية الأعضاء، جنبا إلى جنب مع روسيا الاتحادية التى ورثت مقعد الاتحاد السوفيتى السابق، وأوكرانيا. وكان الوفد السوفيتى نجح فى انتزاع مقعدين آخرين لكل من بيلاروس وأوكرانيا، تقديرا لتضحيات الجمهوريتين فى الحرب العالمية الثانية، ولا سيما بيلاروس التى فقدت آنذاك قرابة ثلث سكانها وأكثر من نصف مواردها الاقتصادية.


لمزيد من مقالات د. سامى عمارة

رابط دائم: