ضريبة الحياة

بينما كنا نفتش عن متنفسات صيفية، بعد حظر لشهور، وكان الساحل الشمالى يعج بالحكايات والسهرات، وانشغال الميديا فى المقارنة بين شخصية الذى يصيف على ساحل البحر الاحمر، وشخصية ولوك الساحل الشمالي، ووسط مناظرات إعلامية اغلبها دخل الى جب لا طائل من ورائه منذ زمن، ومع استمرار سلوك وخطاب الرياضة المتردي، واثناء التقصى وراء اصحاب سيارات بالملايين، أذاعت القوات المسلحة، الاحد الماضي، بيانا بالعمليات التى قامت بها فيما بين الثانى والعشرين من يوليو، والثلاثين من اغسطس .

مع التململ والشكوى من الحر، وتأجج صفحات التويتر والفيس بوك بوصفات الطعام وجروبات...إلخ، كان جيشنا مستمرا فى حربه لاجتثاث العناصر التكفيرية، وقد قام زينة رجال مصر بعمليات: منها تدمير 317 وكرا وملجأ، تتخذها العناصر التكفيرية مرتكزات بشمال سيناء لتنقض على الآمنين، وتمكن الرجال من تدمير عشر عربات دفع رباعى كانت تستعد لتنفيذ العمليات الإرهابية وتمكنت قواتنا المسلحة من القضاء على ما يقرب من 73 عنصرا تكفيريا كانوا كامنين بملاجئ، واستطاعت ان تقضى على عنصرين تكفيريين شديدى الخطورة، ومن ناحية حدودنا الغربية استطاعت القوات المسلحة تدمير عشرعربات دفع رباعى تستعد لاختراق حدودنا، وبالتوازى استمرت قواتنا البحرية فى تأمين سواحل البحرين الاحمر والمتوسط وتفعيل الامن البحري، وقد ارتوت ارض مصر بدماء استشهاد وإصابة سبعة من الضباط والجنود.. شاهدت البيان وسرعان ما انتشرت صور الرجال ..كأنها المرة الاولى التى يرشق فيها حزن فقد الرجال ويخترق القلب .. لا أريد ان أتعوده .. وينبغى ألا نتعوده ... هل يدرك الناس فى بلادى قيمة الحياة التى يدفع ضريبتها زينة رجال مصر .؟

كل شهيد لا يقابل تضحيته ولا يوازيها إلا الإصرار على مجتمع نظيف ودولة عادلة .. كل فاسد ينخر فى جسد مصر، لا يستحق ضريبة الحياة التى يدفعها الرجال.. ينبغى ألا يتحول الاستشهاد الى الاعتياد، لابد وان نحس بقيمة الدم، وان نمتن للرجال الذين يدفعون حيواتهم، كى نحيا، والامتنان ليس كلمات، لكنه اصرارعلى تنفيذ القانون، وكشف التدليس.. ومساندة الدولة فى محاولاتها ان تفرض القانون... كل مسئول جالس على مقعد مسئولية منظرة او شكلا، هو خائن لهؤلاء الشهداء .. الحياة التى تدب على ارض هذا الوطن، ضريبتها دم، هذا هو المعيار الذى علينا ان نقيس عليها كل أداء .. هل يوازى هذا الأداء، ضريبة الحياة المدفوعة دما ام لا ... ما زلنا نندهش من قدرة الفاسدين، وفجرهم، مازلنا نحس فارق سرعات لا يتوازى وضريبة الحياة..

يستشهد الرجال لأجل استقامة الحياة فى وطنهم، واستقامة الحياة يعنى استقامة منظومة كاملة متكاملة، من اول موظف الحى او المحافظة وحتى اكبر مسئول .. ضريبة الحياة تستحق ان نفعل قوانين المحاسبة ايا كانت التداعيات.. فى أحلام يقظتى أتصور لو اننا يوما استطعنا مع كل مخالفة مضبوطة، ان نفتش ونأتى بالفاسد الذى كان وراءها .. المسئول الذى وافق ووقع على مخالفة لو حوسب واحد ما اعتمدوا على الزمان فى النسيان... هناك من فسدوا وأفسدوا وأعادوا إنتاج انفسهم كرجال خير وتقوي، وتواطأ معهم جزء من الإعلام، بدعوى انهم قد نالوا عقوبة، و هناك من نحتوا البلد، وخلقوا لأنفسهم تاريخا بالمقاس.. كنا شهودا و لم يرو لنا احد .. هؤلاء لا يستحقون ان يستشهد زينة الرجال لأجلهم ..أرجوكم لا تعتادوا استشهاد الرجال.. ولا تتهاونوا فى حساب المفسدين..