رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الشيخوخة مرض العصر

حققت البشرية تقدما هائلا فى تحسين الصحة العامة للأفراد مع رفع مستوى معيشتهم, عن طريق تقدم العلوم الطبيعية من ناحية, والإفادة من قدرات وإمكانات الأجيال السابقة من ناحية أخري, فقد ارتفع معدل الأعمار بشكل كبير مما أدى إلى ارتفاع نسبة المسنين فى معظم دول العالم, ولاشك أن هذا إنجاز مهم لمصلحة البشرية, ولكن السؤال الأهم هو هل تجاوزنا هذا الحد, بحيث أصبحت الشيخوخة عبئا على المجتمع وعلى المسنين أنفسهم فى نفس الوقت؟ هناك قاعدة مستقرة, وهى أنه يوجد حد أمثل لكل شىء, فالطفولة جميلة لأنها أمل المستقبل, ولكن الطفولة الدائمة عبء على أصحابها وعلى المجتمع, فالطفل ينبغى أن ينضج ويجاوز هذه المرحلة ليصبح شابا وفاعلا لخدمة نفسه ومجتمعه على السواء, وبهذا يتحمل مسئوليته تجاه نفسه والمجتمع الذى يعيش فيه, فالاعتماد المستمر على الأهل أمر مزعج للشباب, وعليهم تحمل مسئولية الشعور بالاستقلال والقدرة على خدمة مجتمعهم, ولا بأس من الوقوع فى بعض الأخطاء الصغيرة لكى يكتمل ثقة ومعرفة بأمور الحياة, ومن هنا أهمية الشباب ودورهم فى استمرار الحياة وتطويرها, فالشباب هم رصيد الأمة والإنسانية للتقدم البشرى, حقا إنهم يحتاجون إلى خبرة الأجيال السابقة, ولا بأس من بعض الأخطاء الصغيرة لتحقيق مزيد من الخبرة والمعرفة. فالشباب وهم يستفيدون من خبرات وتجارب آبائهم وأجدادهم, فإنهم فى النهاية هم أمل المستقبل, ومن حق كل منهم, بل ربما من واجبهم أن يتعلموا من الأجيال السابقة, ولكن عليهم أيضا أن يقتحموا مجالات جديدة لم تكن معروفة أو حتى مقبولة من قبل.

الشباب هم رسل التجديد والابتكار فهم ليسوا نسخة من آبائهم, بل هم عنصر التغيير والإضافة حتى مع بعض المغامرات المحسوبة, فالشباب وإن كان عليه ألا يهمل تجارب الماضى دون تقديس، فعليه أن يتذكر أن احتياجات المستقبل تتطلب رؤية جديدة, فالتغيير هو سنة الحياة ولكل زمان أحكامه. وهكذا فالشباب هم حقا أمل المستقبل, وينبغى أن تتاح لهم الفرصة للمساهمة فى إدارة شئون الأمة واقتراح التغييرات والتجديدات المطلوبة فى أساليب الحياة المناسبة لهذا العصر. لا جدال أن الشيوخ هم حكماء الأمة الذين تحملوا ودافعوا عن مبادئها وأحلامها, ولكن عليهم أن ينسحبوا فى الوقت المناسب لإتاحة الفرصة لأجيال جديدة, فالتجربة والخبرة الماضية لازمة وضرورية لمواجهة المشاكل, ولكن قدرا من المغامرة والتغيير لا يقل أهمية للتعايش مع العالم الجديد واحتياجاته. وإذا كان من الواجب أن ينسحب الشيوخ من المسرح فى الوقت المناسب لجيل جديد من الشباب الطموح القادر على المواجهة, فإن من حق الشيوخ أن تتوافر لهم الظروف المناسبة للحياة الكريمة, هذا ما تفعله الدول الراقية اعترافا بجهودهم فى سنوات الشباب.

حقا, نحن فى حاجة إلى الإفادة من تجارب الماضي, ولكننا أيضا نعيش فى عالم متغير فى كل مظاهر الحياة وهو ما يتطلب فتح آفاق جديدة للمجتمع، خبرة الشيوخ ضرورية ومطلوبة ولكن انسحابهم من المشهد فى الوقت المناسب لا يقل أهمية والله أعلم.


لمزيد من مقالات د. حازم الببلاوى

رابط دائم: