جاءت دعوة الهيئة الوطنية للانتخابات بإجراء انتخابات مجلس الشيوخ فى الخارج والداخل، تطبيقا لما نصت عليه التعديلات الدستورية التى أدخلت على دستور 2014 والتى استحدثت هذا المجلس، ليضم أصحاب الخبرات والكفاءات.
ووفقا للدستور والقانون، يتكون المجلس من 300 عضو يتم اختيارهم بالجمع بين الانتخاب والتعيين، بحيث يكون الثلثان بالانتخاب بالاقتراع العام السرى المباشر(200 عضو يتم انتخاب نصفهم بالقائمة المطلقةالمغلقة، والنصف الآخر بالانتخاب الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما)، والثلث الباقى بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية من أصحاب الكفاءات والخبرات فى المجالات المختلفة، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10% من إجمالى عدد المقاعد. كما نص القانون على أن تقسم الجمهورية إلى (27) دائرة تخصص للانتخاب بالنظام الفردي، و (4) دوائر تخصص للانتخاب بنظام القوائم (يخصص لدائرتين منهما (15) مقعدا لكل منهما، ويخصص لكل من الدائرتين الأخريين (35) مقعدا، بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات. كما نص الدستور والقانون على أن تتضمن كل قائمة انتخابية عددا من المترشحين يساوى العدد المطلوب انتخابه فى الدائرة وعددا من الاحتياطيين مساويا له، ويتعين أن تتضمن كل قائمة مخصص لها (15) مقعدا ثلاث نساء على الأقل، كما يتعين أن تتضمن كل قائمة مخصص لها (35) مقعدا سبع نساء على الأقل.
ومن خلال قراءة القائمة الوطنية - القائمة الوحيدة التى تنافس على مقاعد القوائم المطلقة, وقوائم مرشحى الدوائر الانتخابية فى المحافظات السبع والعشرين، يتبين لنا:
أولا: تضم القائمة الوطنية 4 دوائر، وتضم كل دائرة مجموعة من المحافظات. فقائمة شرق الدلتا يمثلها 15 عضوًا، وتضم 7محافظات، و قائمة غرب الدلتا، 3 محافظات. ويمثل قائمة الصعيد35 عضوًا، وتضم 11 محافظة.
ثانيا: تم توزيع المقاعد المخصصة للفردي على 27 دائرة، بحيث تمثل كل محافظة دائرة واحدة. ويتساوى عدد المقاعد المخصص لكل محافظة فى كل من القائمة والفردى، باستثناء محافظات القاهرة (11 قائمة و10 فردى)، ومحافظتى الأقصر، وأسوان (1 قائمة و2 فردى)ومحافظة الاسماعيلية (2 قائمة و1 فردى).وقد تراوح عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة بالنظام الفردى بين 10 مقاعد (محافظة القاهرة) ومقعد واحد فى محافظات أخرى (الوادى الجديد، والبحر الأحمر، وبورسعيد، والاسماعيلية، والسويس، ومطروح، وسيناء الشمالية، وسيناء الجنوبية). وتم تخصيص مقعدين لكل محافظة من محافظات: الأقصر، وأسوان، ودمياط، و3 مقاعد لكل محافظة من محافظات: بنى سويف، والفيوم، وكفر الشيخ، وقنا،و4 مقاعد لكل من محافظتى: المنوفية، وأسيوط، و5 مقاعد لكل محافظة من محافظات: المنيا، والغربية، وسوهاج، و6 مقاعدلكل من محافظتى: القليوبية، والدقهلية و 7 مقاعد لكل محافظةمن محافظات: الشرقية، والإسكندرية والبحيرة، و8 مقاعد لمحافظة الجيزة.
ثالثا: ارتفاع نسبة المرشحين المستقلين، مقارنة بنسبة المرشحين المنتمين للأحزاب السياسية، على مستوى الدوائر الانتخابية الـ 27، حيث وصلت إلى أكثر من 65% فى مقابل حوالى 35% للمنتمين إلى الأحزاب السياسية على مستوى الدولة. ووصلت نسبة المرشحين المستقلين إلى100% (2 مرشحين مستقلين فقط) فى محافظة الوادى الجديد، وإلى أكثر من 70% فى محافظات الجيزة، والأقصر، والبحر الأحمر، والسويس، والغربية، والمنوفية.وجاءت أعلى نسبة للمنتمين إلى الأحزاب السياسية فى محافظتى: الفيوم (60%)، والبحيرة (نحو 54%).وعلى الرغم من ذلك، لم يتم تشكيل قائمة خاصة بالمرشحين المستقلين أو على الأقل تجمع بينهم وبين المنتمين إلى الأحزاب السياسية، حيث اقتصرت القائمة الوطنية على المرشحين الحزبيين (حزب مستقبل وطن، والوفد، والمؤتمر، وحماة الوطن، والشعب الجمهورى، والإصلاح والتنمية، والحركة الوطنية المصرية، والحرية المصرى، والتجمع، ومصر الحديثة).وترجع صعوبة تشكيل المستقلين قوائم إلى عدم وجود إطار مؤسسى يجمعهم مثل الأحزاب السياسية.
رابعا: ارتفاع حدة المنافسة الانتخابية بين المرشحين المتنافسين على المقاعد الفردية، مقارنة بمرشحى القائمة الوطنية. وقد وصلت المنافسة بين المرشحين إلى 8 مرشحين تقريبا على المقعد الواحد على مستوى الدولة. وعلى مستوى المحافظات، وصل المعدل إلى 14 مرشحا لكل مقعد فى محافظة قنا، وإلى 13 مرشحا على المقعد الواحد فى محافظتى: الأقصر، والسويس. ووصل المعدل فى كل من محافظات: القاهرة، والبحر الأحمر، والقليوبية، والإسكندرية إلى 10 مرشحين على المقعد الواحد، ووصل فى محافظات: بنى سويف، ودمياط، والاسماعيلية، والجيزة إلى نحو 9 مرشحين لكل مقعد. وينخفض المعدل إلى 7 مرشحين على المقعد الواحد فى محافظات: الشرقية، والدقهلية وأسيوط، وسيناء الشمالية، وكفر الشيخ، بينما تصل إلى 5 مرشحين لكل مقعد فى محافظات: مطروح، وسيناء الجنوبية، وبورسعيد. وتنخفض حدة المنافسة بين المرشحين المستقلين إلى 2 مرشح لكل مقعد فى محافظة الوادى الجديد، وإلى 3 مرشحين لكل مقعد فى محافظة الفيوم.
خامسا: إضافة إلى شدة حدة المنافسة بين المرشحين، هناك اتساع للدوائر الانتخابية، سواء فى حالة القائمة الوطنية أو فى حالة الدوائر الانتخابية على مستوى المحافظات، مما يشكل عبئا على المرشح فى الدعاية الانتخابية، خاصة بالنسبة للمرشحين المستقلين وفى حالة المحافظات ذات المساحة الكبيرة مثل الوادى الجديد والبحر الأحمر.
وفى النهاية، نؤكد أن الملاحظات السابقة لا تقلل من أهمية مجلس الشيوخ فى تجربته الأولى، على أن تتم مراعاة المشاكل التى تواجه هذه التجربة، والعمل على تداركها فى الانتخابات القادمة لمجلس النواب وللمجالس المحلية.
لمزيد من مقالات د. سمير عبد الوهاب رابط دائم: