رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المسرح الشعرى بين الغياب والحضور
المبدعون: لدينا نصوص متميزة.. لكن أين جسور التواصل؟!

هناء نجيب
احمد سويلم-إبراهيم ابو سنة

أدباء يطالبون المؤسسات الثقافية بنشر إنتاج شعراء المسرح

 

 

 

المسرح الشعرى فن مهم من فنون الأدب. يعود إلى القرون القديمة، والمسرحية الشعرية نص يتم إعداده وفقا لضوابط الشعر أساسه القصيدة المقفاة.. ومع الوقت طغى عليه المسرح النثرى حتى إن الشاعر الإنجليزى وليم شكسبير استخدم النثر فى بعض مسرحياته.

وفى مصر كان أمير الشعراء أحمد شوقى رائدا لهذا الفن فى مسرحياته «مجنون ليلى» و«عنترة» و«كليوباترا». كما برز شعراء آخرون فى الستينات منهم عزيز أباظة وعبد الرحمن الشرقاوى وصلاح عبد الصبور.

ولأننا نمتلك هذا التاريخ فى المسرح الشعرى  يثار التساؤل الآن: لماذا توارى ولم يعد ظاهرا فى واقعنا الأدبى كما كان؟..

«ثقافة» تستطلع فى هذا التحقيق آراء عدد من الشعراء والنقاد الذين لهم إسهام فى هذا المجال.

فى البداية يقول الشاعر أحمد سويلم إن: المسرح الشعرى فن صعب لأنه يحتاج إلى تحقيق المعادلة بين الشعر والدراما. ومن أسباب اختفائه أنه لا يوجد كثير من الشعراء يكتبونه فى الوقت الحاضر مثلما كان فى الستينات والسبعينات حيث كان  هناك ثراء فى الأعمال رفيعة المستوى سواء عربية أو مترجمة لكبار الشعراء أمثال أحمد شوقى وصلاح عبد الصبور وفتحى سعيد، ولكن حاليا هناك  غياب لكتاب المسرح الشعرى الذين يستطيعون نقل أحاسيسهم  للمتفرج  بالإضافة إلى عدم إتقان الممثل للغة العربية وعدم إقبال المخرجين على تقديم هذه النوعية من المسرحيات، كما أن الجمهور لم يعد  لديه شغف لهذا النوع من الفن، فرغم وجود نصوص لكبار الشعراء لكن الكوادر غائبة.

ويضيف: بالنسبة لى لدى أعمال عدة  فى البرامج الثقافية بالتليفزيون لكنها لا تظهر للنور رغم وجود مناسبات يمكن تقدمها فيها فى تلك البرامج.. وذلك يعود إلى عدم الاهتمام بتعليم اللغة العربية فى مدارسنا حتى انها لم تعد اللغة الأولى فيها، عكس ما كنّا عليه فى أجيال سابقة. ويؤكد سويلم ان اللغة العربية لغة جميلة ولكن اسلوب تدريسها فى المدارس يجعل التلميذ فى بداية مراحله التعليمية ينفر منها لأننا ندرس  له الشعر الجاهلى وهو صغير وهو بالطبع  صعب عليه، فلماذا لا نبدأ معه بشعر حديث ونعود مرة أخرى لأنواع الشعر الصعبة، وهذا ما أيده علماء الاجتماع منذ القدم وعلى رأسهم ابن خلدون  الذى  ناشد تدريس الصبى ماهو أيسر..

ويختم سويلم بأن وزارة الثقافة عليها دور كبير فى تشجيع الشباب المبدع فى هذا المجال لتساعدهم على  تقديم أعمالهم وإقامة الورش الثقافية لهم لكى يعود المسرح الشعرى إلى سابق عصره. 

فى المقابل يرى الناقد د. صابر عبد الدايم أن اختفاء المسرح الشعرى قضية قديمة جديدة..فهناك شعراء مبدعون فى المسرح الشعرى ونصوصه فى كل المحافظات. وهناك أكثر من 20 شاعرا لهم نتاج شعرى مسرحى متميز، ولكنهم لا يجدون الفرصة ليصل إنتاجهم للمخرجين أو النقاد. فهناك جسر مفقود بينهما ويجب أن يكون هناك وسيط هو قصور الثقافة الجماهيرية فى كل محافظة والنادى الأدبى  الخاص بها ..لتكون همزة الوصل بين الشعراء والمسئولين بوزارة الثقافة . ويكفى مثلا أن تقدم كل محافظة مسرحية  أو اثنتين فى العام لنحصل على 50 أو 100مسرحية سنويا ، ويمكن عقد مسابقات بين المحافظات تقيمها قصور الثقافة ويتم اختيار خمسة نصوص شعرية مسرحية منها تقدم على مسارح الدولة وفى الأوبرا .

ويضيف عبد الدايم : وعلى الإعلام أيضا دور مهم لمساندة هؤلاء الشعراء لتقديم مسرحياتهم على لقنوات التليفزيونية ، ويمكن أن تؤدى وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا» دورا كذلك. كما أن المسرح  الآن للأسف الشديد مرتبط فى فكر الكثيرين بالفكاهة والسطحية وهذا غير صحيح لأن الجمهور يقبل على العمل الجيد . وعلى وزارة الثقافة الدور الأساسى للارتقاء بالذوق الجماهيرى..كما أن على الجامعات دورا فى اكتشاف مواهب الطلاب والاهتمام بإنشاء المسارح .

ويتفق الدكتور محمود نسيم الجوهرى, الكاتب المسرحى وأستاذ الفلسفة بأكاديمية الفنون, مع الرؤى السابقة عن العربية وطرق تدريسها فى المدارس موضحا أن هناك أخطاء جسيمة فى اللغة على أعلى المستويات، وأنه لا يوجد ممثلون يجيدون النطق  بالفصحى على خشبة المسرح بل يرتكبون الكثير من الأخطاء.. كما أن وسائل الاتصال أغلبها بالعامية مع إدخال الإنجليزية فى كثير من الأحيان. وأن على الدولة  من خلال وزارة الثقافة مسئولية الاهتمام  بالمسرح، ومنه المسرح الشعرى، والالتفات من جديد إلى بيت  المسرح وهيئات الثقافة الجماهيرية فى مختلف محافظات مصر.

ويضيف الجوهرى أن مسرح الفصحى بشكل عام يتضاءل..وأن ما يعرض منه قليل وليس الشعرى فقط.. وأن الكتاب الذين ألفوا مسرحيات بالعامية والفصحى كانت كتاباتهم العامية اكثر شيوعا، مؤكدا أن المشكلة تكمن  فى كتابة نص الشعر المسرحى الذى يصلح للقراءة وليس للعرض، لأن المسرح العربى استمدت مسرحياته من الأدب.

ويرجح الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة أن سبب غياب المسرح الشعرى فى مصر أنه  لون وافد على العالم العربى، لم يكن معروفا قبل   شوقى الذى يعد مؤسس الشعر المسرحى فى القرن التاسع عشر عندما كتب مسرحية «على بك الكبير» ولكن من بعده وحتى الثلث الأخير من القرن العشرين لم تتسع مسارحنا لتقديم نماذج  مبدعة.

ويضيف أبو سنة أن هناك أسبابا عدة وراء توارى الشعر المسرحى منها عدم تشجيع الشعراء الذين كتبوا المسرحيات الشعرية لتقديمها على خشبة المسرح وهذا يفقدهم حماستهم لاستكمال المسيرة. ومنها وجود مشكلات فى الإخراج فهناك عدد قليل من مخرجى المسرح الذين يجيدون  إخراج هذه النوعية من المسرحيات. ومنها أيضا ضعف إتقان الممثل للغة العربية. وعدم الاكتراث برعاية الدماء الجديدة التى يعتمد عليها لدفع الحركة المسرحية لقيام نهضة المسرح الشعرى. فَلَو تأملنا المسرح الشعرى العالمى نجد بلادا متقدمة ما زالت تقيم مهرجانا سنويا لشعرائها مثل شكسبير فى إنجلترا، بغرض تعريف الأجيال الجديدة بتاريخهم ليستكملوا المسيرة.

من جانبه يرى الناقد د. مصطفى عبد الغنى، أن أزمة المسرح الشعرى تعود إلى عدم الإحساس بالهوية، وانه ليس هناك اهتمام بالموسيقى وإمكاناتها الإيحائية وبالتالى عدم اهتمام بالمسرح الشعرى، مشيرا إلى أنه قدم ستة نصوص مسرحيّة لكن لم يلتفت إليها أحد.. ويعتبر غياب المسرح الشعرى فى الفترة الحالية إشارة خطر.. فالمشهد خال من النصوص الشعرية، وإن وجد شعراء كفاروق جويدة الذى قدم مسرحية شعرية منذ أكثر من عام لكنها لم تعرض . 

ويشير عبد الغنى إلى أن هذه الأزمة لا تقتصر على مصر  بل تتجاوزها إلى الدول العربية التى كانت تحتضن المسرح الشعرى بمختلف أنواعه سواء فى سوريا أو العراق أو غيرها.

ويضيف أن السبيل للخروج من هذا النفق هو عودة اهتمام وزارة الثقافة بهذا النوع الأدبى وأن تقوم بدورها المنوط بها للنهوض به مرة أخرى عن طريق مراكزها الثقافية التى غابت طوال الفترة الماضية .

فى المقابل يرى الشاعر د. وائل فتحى الأستاذ بتربية عين شمس والحائز جائزة أحمد فؤاد نجم فى شعر العامية العام الماضى أن المسرح الشعرى لم يتوار تماما ولكنه قليل، وذلك يرجع لصعوبته عند المقارنة  بالشعر النثري؛ لأنه يحتاج إلى فن الدراما وفن الشعر فى آن واحد مما يجعله أصعب، ومؤلفيه أقل عددا.

ويضيف أن هناك كتابا موجودين على الساحة من الشباب ومتوسطى العمر، ومنهم محمد سيد عمار الذى ألف  ثمانى مسرحيات شعرية وفاز بجوائز أدبية  فى بلاد عربية وآخرها عام 2019 فى إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة وأعماله موجودة فى الهيئة العامة للكتاب وفى هيئة قصور الثقافة. وكذلك الشاعرة وفاء البيلى فهى كاتبة متميزة للمسرح الشعرى..ويتميز الاثنان بأن مسرحياتهما مستمدة من تراثنا التاريخى .

ويختتم د. وائل حديثه بأن على الدولة نشر أعمال هؤلاء المبدعين وعرضها فى هيئة قصور الثقافة لتشجيع الكوادر الجديدة  وزيادة الإقبال الجماهيرى على هذا النوع من الفن الأدبى الراقى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق