رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حظر العقول وخسارة الاقتصاد الأمريكى

رحاب جودة خليفة

من المؤكد أن السرقة الصينية للأبحاث والتكنولوجيا الأمريكية هى قضية حرجة تحتاج واشنطن لمعالجتها، لكن يبدو أن مشروع قانون حظر الطلاب الأجانب البالغ عددهم ١٫١ مليون طالب من التسجيل فى الجامعات الأمريكية لن يحل المشكلة. وفى حالة إقرار مشروع القانون الذى يهدف لحماية الأمن القومي، فإنه لن يكون له التأثير المطلوب. وبدلاً من ذلك، فمن المحتمل أن يضر الجامعات الأمريكية ويزيد من تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

وفى حين، أن هناك أمثلة بارزة تدين طلبة الدراسات العليا الصينيين، فقد تبين أن التجسس الإلكترونى عبر شبكات الإنترنت العامة فى كل دول العالم هو الوسيلة الرئيسية للقرصنة على الأبحاث والتكنولوجيا الأمريكية. وتسلط الجهود التى تبذلها الولايات المتحدة لتحسين الأمن الإلكتروني، بما فى ذلك إنشاء وكالة الأمن الإلكترونى وأمن البنية التحتية واستراتيجية «الدفاع عن المستقبل»، الضوء على التهديد العميق الذى يشكله التجسس الإلكترونى على الولايات المتحدة. ومع ذلك، على الرغم من هذه الإجراءات، تواصل الصين إطلاق عمليات إلكترونية ضخمة تستهدف الجامعات وصناعة الدفاع الأمريكية. ويواجه المتسللون الصينيون الحد الأدنى من المخاطر فى تنفيذ هذه العمليات لأنهم قادرون على القيام بذلك من داخل حدود الصين.

ومع أن الغرض من مشروع القانون هو حماية الأمن القومى الأمريكى والملكية الفكرية ولا ينطبق إلا على نحو ١٪من الطلبة الصينيين الدوليين أى نحو ٣٠٠٠ فرد سنويا، لكن إمكانية التوسع فيه يشكل خطرا على الاقتصاد الأمريكى بشكل أساسي. فالتعليم يشكل عنصرا مهما فى قطاع الاستيراد الأمريكي، حيث بلغت إيرادات الجامعات الأمريكية 700 مليار دولار، طبقا للمركز الوطنى لإحصاءات التعليم. وبلغت قيمة قطاع التعليم ما يقرب من ضعف عائدات الصادرات الزراعية الأمريكية فى ٢٠١٧، مسجلة ٢١٫٦ مليار دولار من فول الصويا.

والصين هى أكبر مصدر للطلبة الأجانب، حيث توفر ٣٤٪ من إجمالى عدد الطلبة الدوليين للولايات المتحدة. ويساهم الطلبة الأجانب بأكثر من ٤٠ مليار دولار فى الاقتصاد الأمريكى كل عام، ويدعمون أكثر من ٤٥٠ ألف وظيفة، وفقا لرابطة المعلمين الدوليين ووزارة التجارة الأمريكية. ويتركز معظم هؤلاء الطلبة فى مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات مما يزيد من الابتكار والإنتاجية فى الولايات المتحدة، التى تزيد بدورها أجور المواطنين الأمريكيين.

لذا، فلن يفشل مشروع القانون فى معالجة الطريق الرئيسى للتجسس الصينى فحسب، بل سيضر أيضًا بالجامعات الأمريكية التى تجمع ١٤ مليار دولار سنويا من الطلبة الصينيين وحدهم. وهو ما دفع الجامعات الأمريكية بالفعل لحافة الإغلاق بسبب الضائقة المالية عقب جائحة كورونا وتهديدات ترامب بقطع الدعم وعدم إعفائهم من الضرائب بسبب اتهامه لها بدعم الحركات المعارضة فى البلاد. وخلال العشرين عاما الماضية، اجتذبت الجامعات الأمريكية أعدادا قياسية من الطللبة الأجانب الذين يدفعون عادة الرسوم الدراسية بالكامل، بالإضافة إلى إنفاقهم الكبير على شراء الكتب والإسكان والمصروفات غير المباشرة الأخري.

لكن مع ازدياد التوترات، شهد عام ٢٠١٨ انخفاضا عاما فى عدد الطلاب الأجانب بالجامعات الأمريكية. وفى عام ٢٠١٩ فقط، انخفض عدد الطلاب الدوليين لأول مرة منذ عقود بنسبة٢٫٧٪.

إذن، فإيرادات الجامعات يمكن أن تتلاشى بين عشية وضحاها بسبب قوانين ترامب. فبالإضافة إلى استخدامه لمصطلح «فيروس الصين»، الذى يروج لكراهية الأجانب، فإن هذه الإجراءات يمكن أن تنفر الحلفاء المحتملين، خاصة فى آسيا، فى وقت تحاول فيه واشنطن بناء تحالف دولى لمواجهة الصين فى مجالات متعددة. كما أنه سيؤدى إلى تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والتى تعتبر بالفعل فى أدنى مستوياتها منذ عقود.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق