من يقف أمامها متأملا يرى فيها صورا ولوحات تشكيلية معجزة الخيال من إبداع الخالق سبحانه وتعالى .. أجسادا متعانقة.. وجوها لأفيال تطل بعيونها على محبيها .. أقفالا وخطوطا وكتابات محفورة على أغصانها تحمل ذكريات المحبين والعشاق ممن يلتقون تحتها .. تشهد أحلامهم وتوثق آمالهم فى مستقبل واعد .. وتشد أزرهم أمام عثرات خطاهم .. خطوط دقيقة متداخلة رسمتها الفراغات بين ضفائرها المدلاة على جوانبها وكأنها نماذج لوجوه أمهات مصر .. جدائل تلقى بظلالها على جانبى الشارع المؤدى لبرج القاهرة فى احتواء لافت لكل من يمر تحتها .. رغم قطار الزمن الذى وصل إلى محطته رقم 152 من عمرها .. مازالت شجرة «التين البنغالى» التى جلبها من الهند الخديو إسماعيل سنة 1868 لإضفاء البهجة على شوارع المحروسة شامخة.. تزداد رونقا وبهاء كلما توغلت جدائلها فى عمق الزمن .. وعانقت فروعها عنان السماء .. تنظر إليها أوراقها المتساقطة فى حزن رافض لمغادرة جسد الأم ورفاق الأغصان.. عزاؤها أن شقيقاتها ستظل تغزل معا مظلة الدفء فوق قلوب المحبين.
رابط دائم: