رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الطعنة الغادرة

بريد الجمعة

أنا محاسب عمرى واحد وخمسون عاما، تخرجت فى كلية التجارة، وعملت عدة سنوات فى القطاع الخاص، ثم سافرت إلى الخارج عدة سنوات كعادة كل الشباب بعد التخرج بحثا عن قدر من الحياة الكريمة، وكوّنت نفسى وتزوجت ابنة عمى، ورزقنى الله ثلاثة أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، ثم عدت إلى مصر، وعملت مدير إدارة بشركة كبرى، ومرت الحياة بهدوء سنوات عديدة، ولكن الأحوال تبدلت وانقلبت حياتى الهادئة إلى عواصف وأعاصير، وكم كانت الجراح غائرة لأنها من طعنات أقرب الأقربين شقيقتى الكبرى وأبنائها، حيث كانت شقيقتى تمتلك قطعة أرض مبان، واتفقت معها على شرائها، وجمعت كل مدخرات السنين بل واستدنت مبالغ أخرى كبيرة حتى أجمع لها ثمنها، واتفقنا على سداد باقى الثمن بعد تسلمى الأرض والشروع فى البناء، وإذا بى أفاجأ بزوجها يظهر توكيلا عاما من شقيقتي، وبموجبه باع الأرض لنفسه منذ فترة طويلة، ودار نزاع قضائى بيننا فى المحاكم، وفى النهاية حكمت المحكمة لزوج أختى بالأرض بعد أن استعان بشهود زور، وخسرت كل مدخراتى، بل وأصبحت مدينا للعديد من الأشخاص، وبعد فترة قصيرة مات زوج شقيقتي، وآلت الأرض إليها وأبنائها، ظننت أنهم سيتممون التعاقد معى ويسلمونى الأرض، فمازال عقد الشراء بحوزتي، وكانت المفاجأة عندما قال لى ابن شقيقتي: «أنا وريث، ولست ملزما برد أموالك».   

وهنا تبدلت حياتى تماما وطاردنى الدائنون وانهالت علىّ القضايا من كل حدب وصوب برعاية أبناء شقيقتى مما اضطرنى إلى السفر لجنوب الصعيد مسقط رأسى وفقدت عملى ولم أجد مصدرا للدخل فرحت أتنقل فى الشقق ذات الإيجار الجديد، ولست قادرا على كسب أقل النفقات لأولادى بسبب الملاحقات القانونية حتى انتهيت منها جميعا بفضل الله منذ ستة شهور، فنصحنى المقربون برفع دعوى قضائية لاسترداد حقوقى بموجب العقد، ولكن من أين لى سداد نفقات المحاكم التى تتكلف بضعة آلاف من الجنيهات؟.. لقد أردت العمل ولو كسائق فى الغردقة القريبة من محل سكني، فاكتشفت أيضا أن رخصة القيادة المهنية منتهية منذ عشرين عاما، وأحتاج لتجديدها دفع تأمينات لتلك السنوات حتى أستطيع الحصول على معاش بعد سنة من الآن، ولم يتبق لى سوى الرخصة الخاصة، وهى أيضا منتهية وتحتاج لمبلغ مالى، وهكذا أدور فى حلقة مفرغة من الديون والمطالبات وعاجز عن استرداد حقوقى، وسد النفقات الأساسية للمعيشة، وأصبحت غير قادر على الخروج من المنزل بسبب مطالبات الدائنين، وأهمها نفقات الإيجار المتأخر والكهرباء والديون المتراكمة لضروريات المعيشة كمصروفات الجامعة التى لم تسدد، والبقالة والخضراوات... إلخ، وتعرضت لمواقف سخيفة بسبب ذل الدين، ولولا أهل الخير لمتنا جوعا، وأرجو أن أجد عملا مناسبا فى قنا أو الغردقة لحل جزء من هذه المشكلات وسداد الديون التى أثقلت كاهلى، وإنقاذ أسرتى من قسوة الظروف المحيطة بى.   

 

> ولكاتب هذه الرسالة أقول: 

ما فعلته شقيقتك هو الغدر بعينه، فهى التى حررت توكيلا لزوجها، وتعلم أنه باع به الأرض لنفسه، وكان الواجب عليها أن تنبهك إلى أن قطعة الأرض ليست ملكها، وأنها تنازلت عنها لزوجها، أو أن تشرح لك ما تم بشأنها فى وضوح، لكن أن تكذب عليك، وترفض إعطاءك ما دفعته لها نظير الأرض، فهذا هو الظلم بعينه، ويأباه الشرع والقانون.  إن غدر أقرب الناس يمثّل غصّة وجُرحا كبيرا فى القلب، فمِن المُمكن أن يتعرّض كُل إنسان لطعنةٍ فى الظهر، ولكن عندما يلتفِت ويَرى أنّ هذا الغدر أت من أقرب الأشخاص له، فإنّ قلبَه ينزِف حُزنا، فالغدر والخيانة من أصعب الأمور التى لا يُمكن للإنسان تقبلها، ويحتاج جُرحها لوقت كبير لكى يبرأ منه، وقال الشُعراء والأدباء فى الغدر والخيانة أقوى الأبيات التى تحمل معانى النذالة وموت الضمير الذى هو من أسوأ صفات الإنسان. 

إن كلا مِنّا يختارُ لنفسه أصدقاء يُشاركونه أيام حياته، فرحها وحُزنها، ولا يُمكن لأى شخص أن يعِيش وحيدا، والأقارب هُم أكثر الأشخاص الذين يُمكن الوثوق بهم، وعندما تتعرّض للغدر والخيانة منهم، فإنك تُكسر ويُجرح قلبك، ويتطلب العلاج سنوات طويلة 

إن سعادتنا تبدأ داخلنا، وهى دائما فى العطاء، والإخلاص أكبر بكثير من إبهار الخيانة، وينبغى ألا نندم على إحساس عشناه يوما بكل الصدق، فسوف تكشف لنا الأيام أن ما بقى داخلنا من مشاعر الإخلاص والمودة أجمل وأبقى مما فى أعماقِ إنسانٍ تخلّى عنا أو غدر بنا.  

وما أصعب وأبشع أن يقابل الحب بالغدر.. نعطيهم الثقة.. ونقدم لهم كل ما نستطيع.. مبتسمين بل فرحين على ما قدمناه لهم, ونهديهم أمانا وحبا واطمئنانا ملفوفا بالورد والريحان, فيبادلوننا به الغدر والنكران، فظلم الغريب أهون من ظلم الأقارب لأن الظلم من القريب مصيبة وتبعاته خطيرة، وما فعلته شقيقتك معك هو الغدر والظلم بعينه، وأرجو أن يتفهم أبناؤها ذلك، فيعيدون إليك حقك، وعلى أمهم أن تبادر من تلقاء نفسها إلى استرضائك، والإقرار بحقك، إذ لن تنفعها أموال الدنيا كلها، وسوف تواجه الكثير من المتاعب جراء ما فعلته معك، وقد يعجل الله لها جزاءها فى الدنيا قبل الآخرة.. إننى لا أدرى لماذا ينكر البعض الحقوق، ويتحايلون لعدم ردها إلى أصحابها؟، إنهم لن يكسبوا شيئا، وسوف يخسرون الكثير. 

ليت الجميع يستوعبون الدرس، وأرجو ممن تتوافر لديه فرصة عمل مناسبة لك أن يتصل بنا، والله فعال لما يريد. 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق