رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المفكر الصوفى الفنان د. أحمد الخليع: فرقة ابن عربى نقلت أشعار الصوفية من الزوايا إلى القلـوب

سهير عبد الحميد;

بأشعار صوفية تراثية وألحان مغربية ترددت فى أرجاء الزاوية الصديقية الدرقاوية الشاذلية التى تأسست بمدينة طنجة منذ مائة عام، انطلقت فرقة «ابن عربى» للسماع الصوفى، إلى الآفاق. وبدلا من أن تكون حبيسة زوايا المتصوفة سكنت القلوب فى أنحاء العالم، لتقول ها هنا مدرسة التصوف الفريدة المتفردة فى المغرب والتى صدرت شيوخها العظام إلى مصر، لتسكن أفكارهم الصوفية مدينة الإسكندرية الإغريقية ميلادا،الفرعونية الرومانية تنشئة،القبطية الإسلامية انتماء، صوفية الهوى والهوية.ومازال مجمع المساجد فى إطلالته على البحر يشكل وصلة حب صوفية من مصر وحتى المغرب.

........................

»ابن عربى» مشروع بدأه د. أحمد الخليع عام 1988، وهو أحد الذين عاشوا فى الزاوية الصديقية الدرقاوية الشاذلية، وبفرقة موسيقية بارعة أحد عازفيها فرنسى مسلم ومنشدها عبدالله المنصور أيضا ينتمى إلى الزاوية حيث بدأ الغناء مع الفرقة وهو فى السادسة عشرة من عمره واستمر حتى الآن ينشد ممسكا دفه الذى زينته أشعار صوفية.. وتحقق النجاح من طنجة إلى فرنسا والقدس المحتلة وأرجاء الوطن العربى. طلبهم الأمير تشارلز عام 2011 لإحياء حفل فى بريطاينا. وفى باريس وعقب حادث شارلى ايبدو بيوم واحد أقاموا حفلا ضخما لم يكن فيه مكان لقدم.

.............................

وهكذا سطرت الفرقة سطور نجاحها بعد أن انطلقت بمباركة شيوخ الزاوية الصديقية، الزاوية التى أسسها الشيخ محمد بن الصديق لتكون مفرخة للعلماء والمشايخ ومنهم الشيخ الخليع الذى سمى ولده أحمد تيمنا بأحد شيوخها سيدى أحمد بن صديق الحسنى المدفون فى القاهرة وأول من عمل مجالس إملاء الحديث فى مسجد الحسين بعد 600 سنة من مجالس الإمام السيوطى.وها هو أحمد الابن يعبر عن انتمائه للزاوية التى كثيرا كانت موجودة فى أغانى فرقته معنى واسما ومكانا تم فيه تصوير كثير من كليبات الفرقة التى تعد أقدم الفرق الصوفية فى العالم العربى وهو ما يتسق ومكانة مدرسة التصوف المغربية فى تاريخ التصوف الإسلامى.

أما الصوفى والباحث والفنان الدكتور أحمد الخليع مؤسس الفرقة، فقد درس التصوف وحصل على درجة الدكتوراة فيه من السوربون وهو عازف القانون بالفرقة، وصاحب برنامج إذاعى شهير فى المغرب هو «السماع الصوفى» الذى يبث منذ أكثر من 23 سنة ويقدم برامج تليفزيونية مهمة منها طرق العارفين ومقامات صوفية ومناقب الصالحين.

عرفت فرقة «ابن عربى» بأغان شهيرة منها عرفت الهوى، سلبت ليلى،رضى المتيم فى الهوى بجنون

وكان التحديث هو النهج الدائم للفرقة وهو ما نجده فى أحدث أعمالها وهى عمل غنائى مصور»جمع الله أشتاتى» فى تعاون جديد مع عازفين من اليونان.أغنية شدا بها منشد الفرقة عبدالله المنصور من كلمات الشاعر الصوفى الأندلسى أبى الحسن الششترى..وظهر الكليب فى شكل مغاير لأغنية «بح بالغرام» والتى هى أيضا من بشائر ألبوم الفرقة الجديد «العاشق والمعشوق»

وإلى تفاصيل أكثر عبر السطور التالية:

لماذا «ابن عربى» تحديدا من بين كل أقطاب التصوف اخترتموه كعنوان واسم لفرقتكم، ما الذى يميز أشعاره؟

شيخنا ومولانا محيى الدين بن عربى هو شيخ التصوف الأكبر واسمه يدل على التصوف بامتياز، «ابن عربى» يدل علينا نحن أحفاد الأندلسيين ويدل على التصوف.

أشعار ابن عربى، إشارية فى الغالب منسجمة مع الفكر الإشارى الذى نسعى لنشره؛ والإشارة والتضمين من أرقى ما يميز الشعر خصوصا والأدب العربى بصفة عامة.

ابن عربى معروف بالإغراق فى الرموز الصوفية وتعرض للاتهام بالزندقة..ومعظم الصوفية أغرقوا فى التحدث بالباطن فى حين لم يكن يفهم العامة سوى المعنى الظاهر..فهل وجدتم صعوبة فى التغنى بتلك الأشعار؟

لم يتهم أحد ابن عربى بالزندقة، إلا شواذ المشبهة المتهمون بها أصلا، ولا صعوبة فى التغنى بالشعر الجميل الراقى الرائع.

وقد قام بعض نواب مجلس الشعب فى مصر فى ستينيات القرن الماضى بالدعوة إلى حرق كتب ابن عربى بزعم أنها تدعو إلى الضلال ومع ذلك نجد أن لمصر فضلا كبيرا على ابن عربى، فيكفى أن الإمام جلال الدين السيوطى أفرد كتابا كاملا أنصف فيه ابن عربى وبرأه من كل التهم التكفيرية حمل اسم «تنبيه الغبى إلى تكفير ابن عربى».

هل اكتفيتم بأشعار ابن عربى أم قمتم بالنهل من خضم الأشعار الصوفية اللامتناهى؟

نحن نتغنى بشعر ابن عربى الأندلسى وأبى الحسن الششترى الأندلسى وابن الفارض المصرى والحلاج العراقى والسيدة رابعة العدوية العراقية والإمام الحراق المغربى والسهروردى الشهيد وجلال الدين الرومى البلخى الأفغانى وسعدى الشيرازى الإيرانى وعبدالغنى النابلسى الشامى وغيرهم.

المغرب وبلاد الأندلس كانت مدرسة رئيسية فى التصوف الإسلامى وخرج منها العديد من الأقطاب.ما أهم ملامح تلك المدرسة التى منحتها تلك القدرة على التأثير والانتشارفى العالم العربى؟

إذا كانت أنوار النبوة من المشرق، فإن أنوار الولاية أشرقت من المغرب.

أعظم مدارس التصوف المدرستان الأندلسية والمغربية والمدارس الأخرى كالفارسية والشامية والمصرية مدينة لهما عند كل المتأخرين.

إلى أى مدى تؤثر تلك الأفكار الصوفية فى المجتمع المغاربى حاليا؟

المجتمعات المغاربية مجتمعات صوفية بالطبع فما من مدينة أو قرية إلا وبها من الزوايا الصوفية أعداد كثيرة، والناس يعيشون حياة صوفية يومية ويحيون بالفكر الصوفى فى كل مناحى حياتهم، ويتذوقون الأشعار ويفهمون الإشارات بطبعهم إلا من شذ من مقلدة الأفكار الشاذة المتطرفة الغربية عن مجتمعاتنا، وهم قلة.

هناك حالة عجيبة وظاهرة نتوقف عندها فكل أولياء مصر المشهورين جاءوا من المغرب العربى وعاشوا ودفنوا بها خصوصا فى الإسكندرية وكأن قدرهم جميعا أن يولدوا فى المغرب ويدفنوا فى مصر؟

المغرب عند الصالحين أرض تنبت الولاية كما تنبت الأرض الكلأ.الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى قال إنه تحقق من مقام النور من المسجد الأزهر بمدينة فاس،والذى سورته من القرآن سورة الفتح «إنا فتحنا لك فتحا مبينا «وكتب أعظم كتاب فى الفكر الصوفى «الإسرا إلى المقام الأسرا» فى إسراء الولى ومعراجه وتكلم عن مقام القربى..وتحقق من مقام القربى فى مكان ما بين سلا ومراكش.

الشيخ الأكبر إمام العارفين كل التحققات حدثت له بالمغرب.وتحدث عن الأولياء المغاربة بالقاهرة ومنهم أبو عبدالله سيدى محمد الدقاق وقال كان له همة عظيمة لم يغتب أحدا أبدا فى مجلسه وهو يدرس فى مسجد القرويين طيلة 33 سنة. وهناك بالطبع الإمام سيدى أحمد البدوى وسيدى أبو الحسن الشاذلى ويكفى أن الإمام المحدث الشهير سيدى محمد بن جعفر الكتانى فى «سلوة الأنفاس إلى من أقبر من العلماء بفاس» قال إن هذه القبيلة سميت ب «قبيلة الشيخين» لأنها أنجبت اثنين من الشيوخ أبى الحسن الشاذلى والإمام أبو الحسن على الصغير،الذى له تعليقات كثيرة على مدونة الإمام مالك.وهناك من الأولياء المغاربة الذين جاءوا مصر المرسى أبو العباس والبوصيرى صاحب البردة كان جده مغربيا، عبدالرحيم القنائى. ولمحيى الدين بن عربى كتاب مهم بهذا الخصوص اسمه» عنقاء مغرب فى ختم الأولياء وشرح المغرب».

شاعر التصوف الأشهر المغربى أبو الحسن على الششترى عاش فى المغرب ثم استقبلته تربة مصر فى «تينة» قرب دمياط ولما وافته المنية قال «حنت الطينة إلى تينة» فدفن بها..أبو الحسن جاء من المغرب ليحج بعد انقطاع طويل لحج المغاربة لأن الفقيه ابن رشد سنة 514 هـ أصدر فتوى يمنع فيها المغاربة والأندلسيين من الحج نظرا لأن طريقهم إلى الحجاز لم يكن آمنا بسبب قطاع الطرق فى البر والبحر فمنع الحج لمدة 80 سنة.أول وفد أرسل من المغرب بعدها خرج المصريون لاستقباله ومعهم السلطان وبدأت قصة حميمة بين المغاربة والمصريين خصوصا أن المصريين إكراما للوفد أعطوا كسوة الكعبة للوفد المغربى كى يقوم بتوصيلها لأرض الحجاز. وكان من بين الحجيج فى هذه المرة أبو الحسن الششترى. ولما جاء القاهرة أنشد قصيدته الرائعة « يا حبيبا جاء فينا رحمة للعالمين، قد سرى نور المحيا، منك فينا فحيينا، أقبل البدر علينا،من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا مادعا لله داع،أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع، جئت شرفت المدينة أقبل البدر علينا مثل حسنك ما رأينا قط يا وجه السرور انت شمس أنت بدر انت نور فوق نور انت اكسير وغالى أنت مفتاح السرور».

من أين استقيتم الألحان المصاحبة لإنشاد الفرقة..هل جاءت من نبع التراث؟

السماع الصوفى وليس الإنشاد وبينهما فرق وبون كبير؛ والسماع ميزته التغنى بالإشارات والجمع بين الذكر والشعر؛والواقع أن الغناء الصوفى كان هو نوع الغناء الدينى الأكثر انتشارا عند المسلمين؛ والإنشاد الدينى طارئ ظهر مع انتشار وسائل الإعلام المسموعة و المرئية.

الألحان مستوحاة من التراث الموسيقى الصوفي؛ وبعضها ألحان من الإرث الصوفى القديم.

»سلبت ليلى منى العقل قلت يا ليلى ارحمى القتلى» وهى من أشعار الإمام الشوشترى، نموذج لأغانى الحب والعشق للمرأة..قد يراها البعض بعيدة عن مقاصد الصوفية؟

الذى يشغل الصوفى هو الحب فى حد ذاته وليس حب شخص بعينه لذلك لما جاءت ليلى قيس بن الملوح وقالت: لقد جئتك قال لها: إليك عنى فقد شغلنى حبك عنك فهو قد وصل للحب ذاته فلم تعد ليلى تعنيه. وقد كتب ابن عربى كتابا سماه «ذخائر الاعلاق فى شرح ترجمان الأشواق» ردا على شيوخ دمشق الذين اتهموه بمحبة امرأة فارسية كانت جميلة، فى حين أن ابن عربى أراد أن يقرب الناس من الحضرة العلية بهذه المرأة.

ما أوجه التلاقى والتباعد بين الإنشاد الصوفى المغربى ونظيره المصرى؟

هناك تقارب فى الإنشاد الشعرى مثلا؛ لكن الألحان مختلفة كثيرا؛ والمسألة طبيعية نظرا لاختلاف المقامات والأوزان والإيقاعات وغيرها؛ لكنها على العموم تلقى القبول من الطرفين لوحدة الثقافة.

قدمتم العديد من الحفلات على المسارح الأوروبية..إلى أى مدى انسجم الجمهور الغربى مع ما تقدمونه؟

الجمهور الأوروبى والغربى يتجاوب جدا مع اللحن وفى اعتقادنا أن الشعر يضفى على اللحن طابع القدسية فيقع بذلك تأثير مغناطيسى عجيب. ولنا فى ذلك عشرات الأمثلة وليس من رأى كمن سمع.

هناك تجربة قام بها أحد المنشدين المصريين المعروفين وهو الشيخ الهلباوى حين قام بإنشاد ترانيم صوفية على موسيقى عالمية كموسيقى موتسارت..هل ترى هذه الفكرة جيدة وتحقق اتساق بين الكلمة واللحن؟

قد يقع ذلك، والشيخ الهلباوى أجاد وأفاد، لكن المسألة تبقى متعلقة بشخص وقد لا تعطى أى نتيجة مع آخر وإن كان من مشاهير المنشدين وأعلامهم.

بعد أكثر من ربع قرن على تأسيس الفرقة..ما أوجه التجديد التى قمتم بها لمواكبة التطور الذى حدث فى العالم؟

نحن نستعمل آلات شرقية كالناى وأخرى غربية كالكمان وأظن أن الموسيقى لغة عالمية وآلاتها ملك للجميع، ونحن فى تجديد مستمر مطبوع بطابع الأصالة والمحافظة على الهوية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق