رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أردوغان رئيسا لأمريكا!

أمريكا «قلبت» على أردوغان.

ربما تكون تحالفت معه لفترة، أو استخدمته لفترات، أو استفادت من أفعاله قبل ذلك، وحتى وقت قريب، أو حتى التزمت الصمت حياله طويلا، ولكن الآن الوضع يختلف.

فى أمريكا، بدأوا يحذرون الآن من محاولة أردوغان التسلل إلى البيت الأبيض، عن طريق بوابة «الرجل الطيب» بايدن، أو «بايدن النائم» كما يصفه ترامب دائما!

وسبحان مغير الأحوال!

صحيفة «واشنطن بوست» التى كثيرا ما هاجمت ترامب، وشتمته، وأضاعت عشر سنوات من عمرها فى التشجيع والدلع والطبطبة على «الربيع العربى» وزبانيته، بداية من إدارة أوباما والحزب الديمقراطي، ومرورا بمحور تركيا وقطر، ونهاية بأصغر ناشط فى الشرق الأوسط، تحذر الأمريكيين هذه الأيام من أن البيت الأبيض بشحمه ولحمه قد يصبح أسير الأتراك فى حالة وصول بايدن والديمقراطيين للحكم!

تحت عنوان «وبدأت للتو عمليات التأثير التركى على حملة بايدن»، كتب مايكل روبن المسئول السابق فى البنتاجون مقالا خطيرا بالصحيفة المرموقة قبل أيام بهذا المعني.

المقال بدأ بفضح جرائم أردوغان من الألف إلى الياء، فوصفه بأنه «الدكتاتور الذى يحكم تركيا منذ 17 عاما»، وصانع داعش، وقائد حملة التطهير العرقى فى سوريا، ومهرب السلاح إلى جماعة بوكو حرام فى إفريقيا، وهو الذى أهان النساء مرارا وقال إن دورهن «تربية الأطفال» فقط، وكانت النتيجة ارتفاع جرائم قتل النساء فى تركيا فى عهده بنسبة 1400%!

ويشير المقال إلى أن شخصية أردوغان هذه، بكل غرائبها، كانت محل إعجاب شديد من أوباما، الرئيس الديمقراطى السابق، لدرجة أن أوباما - شريكه فى تأسيس داعش - وصفه ذات مرة بأنه أحد أكثر الأصدقاء إخلاصا، بل أكد أنه يستمع إلى نصائح جيدة منه حول تربية بناته!

المقال يؤكد أن العملاء الأتراك فى الولايات المتحدة ساندوا هيلارى كلينتون بقوة فى انتخابات 2016، من أجل بقاء نفوذهم فى البيت الأبيض، وقد استجوبت المباحث الفيدرالية FBI أشخاصا فى هذا الأمر بالفعل، بعد أن أظهرت إيميلات مسربة أنهم أسسوا شبكة من الأفراد والصحفيين والجماعات للتأثير داخل الأوساط السياسية الأمريكية، ووصل الأمر إلى درجة تقديم تبرعات مالية لحملة كلينتون الرئاسية، ووقتها، حذر أحدهم جون بوديستا رئيس حملة كلينتون شفهيا من وجود أموال تركية سوداء داخل الحملة.

وخسر أردوغان البيت الأبيض مع مجيء ترامب الجمهورى للسلطة، ولكنه واصل محاولاته فى الوصول إلى دائرة ترامب المقربة من أصدقاء ورجال أعمال، على الأقل لكى ينصت له الرئيس الأمريكى ويضمن عدم عدائه له.

ويشعر أردوغان منذ رحيل أوباما، وفشل هيلاري، بأنه، وفقا للصحيفة، خسر الكونجرس، والبنتاجون، والمجتمع المخابراتى الأمريكي، ومعظم أجنحة وزارة الخارجية الأمريكية، ولذلك، تكثف منظماته هذه الأيام جهدها بشكل مروع، ليس فقط للتأثير على حملة بايدن الانتخابية، وإنما للسيطرة عليها بالكامل، عبر التبرعات وغيرها، ونظرا لأن حملة بايدن تبدو راضية بذلك، فإن الاستراتيجية التركية قد تنجح من جديد، وهو ما يهدد بمأساة، بحسب روبن.

المقال يؤكد أن الأتراك توغلوا بنسبة ما داخل إدارة ترامب، ولكنهم الآن يريدون استعادة نفوذهم داخل البيت الأبيض عبر التأثير على بايدن مبكرا، تحسبا لتفوقه على ترامب، وذلك عبر شبكة المنظمات التابعة لهم، مثل «منظمة التراث التركي», و«مؤسسة سيتا»، ومركز «ديانيت» الأمريكي، وغيرها، ممن وصفها مايكل روبن بأنهم عملاء أتراك غير رسميين، لا تقتصر مهمتهم فقط على زيادة نفوذ تركيا داخل الولايات المتحدة، بل أيضا القيام بعمليات تجسس واختراق للشخصيات الأمريكية النافذة المعارضة لأردوغان.

ليس من السهل أن تنشر واشنطن بوست مقالا كهذا وهى التى تخوض حربا مريرة من أجل إبعاد ترامب والجمهوريين عن السلطة.

وربما يكون تفسير انقلاب «واشنطن بوست» بهذه الصورة هو فساد أجندة أردوغان السياسية بشكل عام، وربما يكون السبب تعارض سياساته مع الإطار القانونى الأمريكى، ومع المصالح الوطنية الأمريكية بكاملها، وربما يكون السبب أيضا تصرفاته الغبية مع الأوروبيين فى البحر المتوسط، وتقاربه غير المحمود مع روسيا وإيران، وقد تكون «حركة» آيا صوفيا الأخيرة سببا وجيها كذلك.

ولكن مهما كانت الأسباب، فالنتيجة واحدة، وهى أن أردوغان انتهى «إكلينيكيا» بالنسبة لأمريكا «العميقة»، حتى وإن حاول أن يكون «رئيسا سريا» لأمريكا فى حالة وصول بايدن تحديدا للحكم، ليستعيد أمجاده مع أوباما وهيلاري.

أما نحن فى مصر، فعلينا من الآن أن نكون مستعدين لجميع الاحتمالات.


لمزيد من مقالات ◀ هانى عسل

رابط دائم: