رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أدوات الإعلام فى توجيه العوام

فى عصر الحروب النفسية والإعلامية يكون من المفيد أن نتعرف على أهم ثمانى أدوات تستخدم من قبل القائمين على الإعلام لتوجيه متلقى الرسالة الإعلامية من غير أهل الاختصاص.

أولا ـ تلطيف القبيح أو التهدئة «Euphemism»: وهى الأداة التى يلجأ إليها الإنسان لتخفيف وطأة خبر مزعج أو صفة ممقوتة، وهى مسألة شائعة فى الثقافات المختلفة مثل استخدامنا عبارة «المرض الوحش» كإشارة لمرض السرطان أو «المثلية الجنسية» بدلا من «الشذوذ الجنسي»، أو مقولة مثل «تعويم الجنيه» كإشارة ملطفة لتخفيض قيمة الجنيه فى مقابل العملات الأخرى (وهو بالمناسبة ليس أمرا معيبا من الناحية الاقتصادية). ونفس الكلام ينطبق على «تحريك الأسعار» بدلا من «زيادة الأسعار»، ومن قبل ذلك استخدمت لفظة «النكسة» كبديل عن الهزيمة الهائلة التى منينا بها والدول العربية الأخرى وراح ضحيتها نحو20 ألف جندى وضابط ومدنى مصرى فى مقابل 150 إسرائيليا، أو بدل أن نقول إن قوات معينة انسحبت من مواقعها نقول: «القوات أعادت التموقع» .

 ثانيا ـ تهييج المشاعر «Sensationalism»: وهو العكس تماما من تلطيف القبيح. وهو ما يعنى استخدام لغة أو صور حادة بهدف إثارة الرأى العام فى اتجاه معين. ومن أمثلة ذلك استخدام لفظة من قبيل «أولاد القردة والخنازير» للإشارة لأبناء ديانة معينة، أو استخدام لفظة من قبيل «المجتمع الجاهلى الكافر» لوصف المجتمع الذى لا يطبق الحدود، أو «القوى الظلامية» لوصف من يدعون للاهتمام بالتربية الدينية فى المدارس، أو «دراويش الناصرية» لوصف مؤيدى المشروع الناصري، أو «المارينز والعملاء» لوصف من يؤيد عملية التسوية مع إسرائيل على النمط الساداتى أو استخدام عبارة من قبيل: «أزمة طاحنة بين تيار كذا وتيار كذا » مع أن المسألة لا تصل لدرجة الأزمة وإنما اختلاف فى وجهات النظر وسيحل عبر آلياته، أو أن يقول وزير اثيوبي: «النيل أصبح بحيرة إثيوبية».

 ثالثا ـ التأطير «Framing»: أى وضع إطار معلوماتى يسمح بتفخيخ أو تخفيف الخبر أو المعلومة. بعبارة أخرى أى وضع مقدمات معينة تقودنا لاستنتاجات مقصودة دون التغيير فى نص الخبر نفسه.

  مثلا، لو قلنا لشخص ما: «ماذا ستفعل لو ابتلاك الله فى ابنك؟» فيظن الرجل أن ابنه قد أصابه مكروه ثم ننتهى لنقول له إن ابنك رسب فى امتحانات الجامعة. لا شك أن الرجل قد ينتهى به الحال لأن يتقبل الخبر شاكرا لله لأنه قارن هذا الخبر غير المبهج بما كان قد توقعه من كارثة كبري. عكس لو قيل لنفس الشخص الخبر من منظور أن كل زملاء ابنه نجحوا باستثناء ابنه، فهنا سيكون رد فعله قطعا مختلفا.

رابعا ـ الحذف المقصود  «Deliberate Omission»: وهو حذف جزء من الخبر من أجل إعادة توجيه المعنى لخدمة غرض آخر، وهى حقيقة عدم أمانة فى النقل. مثل خبر يقول: «فلان الفلانى: إسرائيل فيها وحدة وطنية أكثر من مصر». فى حين أن أصل الخبر أن هذا الشخص قال إن «نيتانياهو ادعى أن إسرائيل فيها وحدة وطنية أكثر من مصر»، أو القول بأن شخصا ما يقول: «السلفيون حراس العقيدة» فى حين أن صحيح الرواية هو أن فى كل دين هناك مجموعة من أتباعه يعتبرون أنفسهم حراسا للعقيدة، وينظرون لقضايا المجتمع من منظور الكفر والإيمان هؤلاء يطلق عليهم فى اليهودية والمسيحية الأصولية أو الارثوذكسية وفى الإسلام يطلق عليهم الأصولية أوالسلفية.

 خامسا ــ النبز بالصفات أو الألقاب «Name calling»: وهى أداة تستهدف لفت الانتباه عن مضمون الكلام بتركيز الانتباه على أمر سلبى ما فى قائله. مثلا خرجت صحيفة مؤخرا بخبر يقول: «زعيم الفلول: مصر ملك للجميع وقيادات الحزب الوطنى قطعا أخطأت فى حق مصر». الإشارة إلى أن الرجل «زعيم الفلول» نال من مصداقيته ومن ثم تراجعت قيمة الفكرة التى كان يقولها رغما عن صحتها. مثال آخر يأتى من إحدى الصحف العربية التى قال عنوانها: «مايكل جاكسون الدعاة يدعو الناس لـ «التلذذ» بالصلاة». قطعا الاستخفاف بالداعية فى العنوان سيجعل أى كلام منسوب إليه غير مقبول عند البعض لأن الصورة الذهنية التى تكونت عنه فى العنوان أنه غير صادق فيما يقول.

 سادسا ـ الإيحاء الضمنى «Insinuation»: وهى محاولة لمخاطبة اللاوعى بشكل غير مباشر. مثلا إحدى الصحف العربية كتبت من فترة عنوانا وكأنه يطعن ضمنا فى تطبيق الشريعة الإسلامية حين قالت: «إقبال نساء كثيرات فى جنوب السودان على «أقدم مهنة فى التاريخ» بسبب بحثهن عن الحرية الجنسية التى صادرتها القوانين الإسلامية الصارمة التى يطبقها الشمال.» وكأن القضية مرتبطة بالشريعة الإسلامية رغما عن أننا حين نقرأ الخبر نجده ليس مرتبطا بالشريعة على الإطلاق. لكن الرسالة المسكوت عنها أن تطبيق الشريعة سيكون له مضار شديدة على النحو المفهوم ضمنا. 

 سابعا ــ حذف الفاعل «Omission of the Agent»: وهى أداة تستخدم إما لحماية الشخص المحذوف اسمه أو لتشويهه. مثلا تخرج صحيفة تقول: «مصرع فلسطينيين كانا يعدان قنبلة لعملية إرهابية» رغما عن أن متن الخبر يقول: «إسرائيل تقتل فلسطينيين اشتبهت فى أنهما يعدان لعملية فدائية.» الخبر فى نصه الأول يحمل المسئولية للفلسطينيين لكن متن الخبر يحمل إسرائيل المسئولية.

 ثامنا ــ التمجيد المبالغ فيه «Glorification Mechanisms»: والصحافة والإعلام العربيان حافلان بهذه الآليات من قبيل: «زعيمك خلاك زعيمة،» و«ريسنا ملاح ومعدينا» و«عاش.. عاش» و«اخترناه.. اخترناه..» و«جند الله هم الغالبون» لوصف فصيل إسلامى معين لنفسه.  هذه الأدوات تستخدم من أجل توجيه الرأى العام وخلق مشاعر مؤيدة أو معارضة لقرار أو حدث ما وفقا لطريقة عرض القرار أو الحدث. وهو أمر شائع فى كل المجتمعات بدرجات متفاوتة.


لمزيد من مقالات ◀ د. معتز بالله عبدالفتاح

رابط دائم: