رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصلحة محمد على وعقلية القائد إبراهيم!

ظلمته مرتين، الأولي.. حين سميته القائد أبو صباع لأننى حين جئت إلى القاهرة مكافأة على نجاحى فى الابتدائية وزرته كان سؤالى الوحيد: إلى أين يشير بإصبعه، فقالت لى أمي: أنه يشير إلى الاتجاه الذى يأتى منه أعداء مصر!. وبعد أن كبرت وعرفت أن أعداء مصر صاروا من الشرق والغرب والجنوب والشمال، فظلمت القائد إبراهيم باشا أبو العسكرية المصرية للمرة الثانية الذى انتصرت جنودنا بقيادته فى كل الاتجاهات، لكن انتصاراته كلها ليس فيها بركة، فقد خرج بجيشه جهة الشرق فى اكتوبر عام 1821وعاد فى فبراير سنة 1842 وخلال 20 سنة ترك مصر ولاية عثمانية وحين عاد وجدها صارت وراثية لمصلحة والده محمد على باشا ولأولاده من بعده!. إلى أن جلست يوما كاملا مع داود بركات رئيس تحرير الأهرام من عام 1901 إلى عام 1930وحدثنى من خلال كتابه عن «البطل الفاتح إبراهيم باشا وفتحه الشام» ففهمت بعض الحكايا!.

فى ذكرى ثورة 23يوليو التى أسست لاستقلال مصر الحديثة، سمعت الرئيس السيسى بعد أيام من اجتماعه بمجلس الدفاع الوطنى يؤكد: إن التهديدات التى تمر بها المنطقة من حولنا تجعلنا أكثر حرصا على امتلاك القدرة الشاملة والمؤثرة للحفاظ على حقوق مصر ومكتسباتها، فى إشارة إلى حق مصر فى حماية أمنها القومى بمساعدة الشعب الليبى وحقوقها القانونية والمكتسبة فى مياه النيل، وفى اليوم التالي، 24يوليو، فى ذكرى اتفاقية لوزان 1923التى أنهت الخلافة العثمانية يعقد الرئيس التركى اجتماعا مع مجلس الأمن القومى ببلاده، ويهدد بسحق من ادعى أنهم يعتدون على مصالحه وحقوقه فى شرق المتوسط وقبرص واليونان، وينقل 16الفا من المرتزقة الى ليبيا، وفى نفس توقيت بيانه يعلن رئيس وزراء إثيوبيا تحويل النيل الأزرق إلى بحيرة خاصة، واكتمال الملىء الأول لـسد «الأزمة» دون اتفاق مع مصر والسودان، ولتذهب المبادئ وحق شعب وادى النيل فى الحياة إلى الجحيم!.

وأنصت لداود بركات وهو يشرح فى كتابه عن ذكرى ــ لا ينساها السلطان العثمانى الجديد ــ وقعت أحداثها قبل 181 سنة حين جلس إبراهيم باشا يكتب عتابا إلى والده محمد علي: استعدنا كل الشام وجبال طوروس وأدنة والآن تأمرنى بالرجوع عند قونية ونحن على مسافة 50 كيلومترا من الأستانة، وبقينا فى حالة دفاع امتثالا لأوامرك، لمجرد أن الدول الكبرى اتفقت مصالحها على مساعدة السلطان فى تنظيم جيشه وأسطوله وماليته!.

كان رأيك، والكلام للقائد إبراهيم، أن نجعل الرأى العام فى الاستانة يفعل فعلته، رغم أنك تعلم أن الشعب التركى فى سبات عميق وهو أعجز من أن يخلع السلطان، فجميع سكان الولايات فى قنوط ويأس من اعمال الجيش التركى الذى لا نظام له ولا قانون إلا النهب والحرق والسرقة وأرى أن يقود جنودنا المنظمون الرأى العام فى إعلان عزل السلطان لأن سكوتنا وترددنا غلطة عسكرية فظيعة، فالعدو هدفه كسب الوقت بالخداع، ولا يعيش فى حجر السلطان إلا الثعبان!.

وصدر بالفعل فرمان سلطانى بتولية محمد على ولايات مصر ودمشق وحلب وعكا وبيروت وطرابلس والشام وكريد والقدس ونابلس، كما أسند الفرمان ولاية الحبشة وجدة ومكة فى عهدة ابراهيم مع لقب شيخ الحرم المكي!. وحين وصل الخبر لمحمد على أمر بإطلاق المدافع والاحتفالات والأدعية لولى النعم، لكن القائد إبراهيم لم ينخدع بهذا الفرمان لأنه كان واثقا بأن الباب العالى اعتاد الدسائس لاستعادة قوته، ووضع القائد عينه على قبرص لقطع طريقه الى مصر!. ولم يعمل محمد على بنصيحة قنصل النمسا: ان كل عربى ومسلم ينظر الى مصر كمنحة أرسلها الله لإنقاذ الإسلام بسبب أفضلية وسائلكم على ما عند الباب العالي، وتستطيع مصر حماية التجارة والصناعة والدين، وافضل ترتيب هو ان تؤلف المملكة العربية من مصر وبلاد النوبة وسنار ودارفور وكردفان وإفريقيا وبلاد العرب، وتترك الرجل المريض خلف جبال طوروس لأوروبا، لكن مصالح محمد على منعته من الحركة السريعة، حتى وقعت مؤامرة 1841 وسُحبت كل أملاكه وحصرت ولايته فى مصر ولأولاده من بعده!.

تعلمت من داود بركات أن أزمة مصر وقتها فى الصدام بين مصالح الباشا السياسى وعقلية القائد العسكرى الميداني، لكنى لم أفهم لماذا عاش الميدان فى ذاكرة المصريين بأسم ميدان الأوبرا التى أحترقت منذ 50 سنة رغم وقوف القائد الممنتصر فوق حصانه يوميا باشارته الحاسمة من أين يأتى الأعداء!.


لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف

رابط دائم: