هذا هو وقت الدفاع عن الوطن. وقت ان يتذكر كل منا أنه المصرى بكل خصاله وصفاته وموروثاته الجينية. نحن من صنعنا الدنيا ومنحناها فكرة الدولة. نحن من ابتدعنا قيمة ان يكون للبشر وطن يجمعهم ويدافع عنهم وينتصر لمصالحهم. نحن من ابتكرنا فكرة الحضارة ووضعنا اللبنة الاولى والفصل الاول والمنهج الاول فى سجل رفعة الانسان ومجده. نحن من ترجمنا وحافظنا منذ منشأ الكون على المكانة الرفيعة التى اختصنا بها الخالق. وكنا دائما على قدر المسئولية لما اختارنا لها الدهر. كنا فرادى وجماعات على قلب رجل واحد نحمى ونبنى هذا الوطن العظيم الذى رآه الناس قبلنا أم الدنيا. التحمنا فى جسد واحد فأصبحنا بنيانا أمام تحديات الأيام. فاستطعنا بفضل وحدتنا ان نتجاوز كل محنة وأن نسحق كل مستعمر وأن ننتصر لفكرة الوطن ولوحدته واستقراره. لم يقهرنا غاز ولم نكن ابدا شعوبا غازية. لكننا كنا شوكة فى خصر كل من يريد بنا سوءا، وكنا كابوسا لكل من تسول له نفسه ان يؤذى بلادنا أو يلحق بها سوءا، وكان كل منا جنديا فى عمله يدافع بكل ضراوة وغيرة وايمان عن وطنه المحبوب. لكن افضل مافينا هم الجنود الحقيقيون الذين يضحون بأغلى ما فى الوجود من أجل أمتهم. وقد أكد الانبياء والصالحون أن المصريين هم خير جند الأرض. أنهم ثابتون فى الارض كالجذور. ثابتون على مبادئهم مهما تقلب عليهم الدهر. علم مصر هو دماؤهم الطاهرة. وعندما تغرب الشموس، ويغرق الكون فى ظلمة الارهاب والمعتدين، يصبحوا هم البدور. الجندى المصرى مرابط يضىء بجسارته ليل الخونة الحالك. انه يعطى روحه بكل بساطة من أجل بنى وطنه. ولسان حاله يقول كل شىء يهون من أجل مصر. المصرى الاصيل كالمعدن الثمين، نقى السريرة وله طبيعة واحدة توصف بالعلو الاخلاقى على مدى التاريخ. إن كرامة وطنه فوق مصلحته وفوق كل اعتبار. لم يعلمه احد ذلك لكنه مفطور على مصريته العظيمة. المصرى الاصيل نابع من الارض الطيبة ومن نهر النيل وممتزج بذرات تراب وطنه. هؤلاء هم الابطال الذين يعطون كل شىء دون ان يقايضونا على اى شىء. يشعر كل منهم ان واجبه التفانى وصد العدا. ويقول دائما : ايه يعنى لما أموت ووطنى يعيش.
هؤلاء هم أصولنا حقا لانهم يصومون عن كل شىء مرغوب. ويصبحون خيرا خالصا يمشى على قدمين. هل هناك من هو مستعد ان يضحى مثلهم؟ إنهم يمشون ليل نهار فى نور نياتهم الحسنة ويثقون بأن الله رب قلوب. البذل من أجل مصر هو غاية الجندى المصرى وصون الشرف هو خبزه اليومى لانه يرتدى من الحق ثوبا. الكون يعرف خطوتهم عندما يذهبون ليومهم المعلوم. لا يمكن يوم ان ينهزم البطل المصرى او يبيت مغلوبا. انه عملاق يصون عزته وفارس فى قلب الكروب. وعندما يرتقى ويصبح شهيدا، يتحول الفقير الى ربه الى أغنى الناس. ويترك لحنه الاثير الذى ستخلده الشعوب. سيبكون عليه بدمع الدم ويمجدونه فى القلوب. هذا الجندى الجسور الذى كان قلبه نارا موقدة على اعداء وطنه قلبه مليء بالنور لأنه يعيش للناس. انه قلب حقيقى وسط الزيف لانه قلب بريء وعظيم وشريف. لا يخاف الا من الخالق الوهاب. هذا القلب أكبر من الكون لانه لا يغير ألوانه ولا انتماءاته. قلب الجندى مواكب من النور وطريقه الى السماء بدون سور. ويقينى ان الشهيد لو سئل: هل ستعود وتضحى بنفسك من جديد ؟ سيقول انه سيعيد ما فعله مرات ومرات لانه مؤمن بوطنه. البطل المصرى هو الحبيب والقريب لانه ترك كل شيء وأعطانا نحن كل شيء. لم يسأل وطنه يوما عما سيأخذه مقابل تضحياته. فهل الحياة التى ضحى بها لها أى ثمن مادي؟
مصر هى تلك القلوب التى تستطيع فقط ان تعطي. هؤلاء بالفعل هم الذين فازوا بالحياة لانهم عرفوا مغزاها الحقيقي، وهو الايثار والتضحية من اجل الاخرين. هل كان لمصر ان يصبح لها تاريخ تشرف به بين الامم لولا جنودها المقاتلون. فلو كان لديها كل العلوم والفنون وكانت والعياذ بالله دولة مهزومة او محتلة او منتهكة. هل كانت ستقوم لها قائمة أو اعتبار فى الكون. هذا الطفل الآمن فى منزله، وتلك الأم التى تصحو من الفجر لرعاية اطفالها وهذا العامل البسيط. وكلنا معهم على اختلاف مشاربنا. كلنا نعمنا بالامان والسلام على مر العصور وعلى مدى التاريخ بسبب هذا الجندي. يا الله. كم نحن مدينون لهم. صلوا للجنود ولروح كل شهيد. لكل منا اب وام وشهيد. هو الذى ولدنا من جديد.
لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف دره رابط دائم: