رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الأرض تحترق» كتاب يحلل المعركة المشتعلة من أجل اتفاقية جديدة خضراء

مصطفى سامى
كتاب الأرض تحترق

تغير المناخ أصبح المشكلة الأولى التى يبحثون لها عن حل بالغرب الآن. ولم تعد تحتمل الانتظار، طبقا لعدد من دراسات التغير المناخى وارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق. وعلى العالم أن يتفق وينبذ الخلافات الأيديولوجية لتنقية الجو من التلوث الذى بات يهدد صحتنا، حتى تنعم الأجيال القادمة بحياة صحية وننقذ الزرع والحيوان.
بالكتاب الذى بين أيدينا الآن؛ اكتفت المؤلفة بوضع كلمة واحدة على الغلاف هي. ON بينما وضعت إلى جوارها نارا تشتعل باللون الأحمر لتشرح موضوع الكتاب. فى إشارة واضحة لما يمكن أن يحدث للأرض بالأيام المقبلة نتيجة إهمالنا لما يحدث من تغيرات فى المناخ. فالأرض سوف تحترق ومعها البشرية. العنوان الفرعى على الغلاف كان. « القضية المشتعلة من أجل التوصل إلى اتفاقية خضراء جديدة. . وقبل بدء عرض الكتاب الأكثر مبيعا طوال الشهور الأولى منذ صدوره مطلع العام الحالي، وترجم حتى الآن لخمس لغات. سوف أقدم المؤلفة. ناعومى كلاين. الكاتبة الكندية الأشهر، والناشطة السياسية اليسارية والمنتجة لعدد من الأفلام الوثائقية حول تغير المناخ والانبعاث الحراري. انتقدت كلاين بشدة قوانين العولمة واستغلال الرأسماليين للفقراء، وخلال العقد الماضى صدر لها ستة كتب أخرى عن المناخ والبيئة، والصراع الجارى بين قوى اليمين بالغرب وبين من يطالبون باتفاقية تحد من الانبعاث الحراري. وجهت عدة اتهامات إلى ترامب بسبب مواقفه اليمينية تجاه البيئة واعتداءاته العنصرية ضد الأقليات. وصفتها مجلة. »نيويوركر«. بأنها. الكاتبة الأكثر تأثيرا بين اليسار الأمريكي. كما وصفها بيل ماكيبين الكاتب وصاحب الحملات الصحفية الشهيرة لحماية المناخ بأنها. المثقفة والأم الروحية للاتفاقية الجديدة الخضراء التى تعد أهم مبادرة قدمت حتى الآن«.
 لكن ما يثير الاهتمام أنه بينما تشغل قضية الانبعاث الحرارى وتلوث البيئة مساحة كبيرة فى الإعلام الغربى إلا أن هذه القضية غائبة تماما عن إعلامنا المصرى والعربي. فخلال ثلاثة أشهر قضيتها فى كندا منذ نهاية نوفمبر الماضى وحتى أول مارس من هذا العام نشرت صحيفة. جلوب آند ميل. الصحيفة القومية الوحيدة فى كندا. أربعة افتتاحيات عن تغير المناخ والانبعاث الحرارى وسبع مقالات فى صفحة الرأى حول الموضوع نفسه.
 تؤكد كلاين قلق الأجيال الجديدة حول العالم من الانبعاث الحرارى وتغير المناخ وتقدم لنا نماذج لطلاب تركوا مدارسهم وخرجوا للشوارع بمنتصف مارس 2019. المتظاهرون اختلفت ملابسهم عما اعتادوا عليه بمدارسهم، بعضهم كان يضع جاكتات من جلد الثعلب والنمور والأسود وهى الحيوانات التى نهمل المحافظة عليها بما يهدد انقراضها. وآخرون اكتفوا بملابس متموجة تشرح طوفان الفيضانات التى زحفت بالسنوات الأخيرة على عدة دول وخلفت خسائر فادحة بالأرواح، وتسبب الارتفاع المفاجئ بدرجات الحرارة فى حرائق قضت على مساحات هائلة من الغابات. تقول الكاتبة انه خلال أقل من ساعة كانت أنهار من الطلاب تغطى الشوارع والطرقات دون اتفاق. مائة ألف طالب بميلانو وأربعين ألفا بباريس و150 ألفا بمونتريال. كان الطلاب يحملون عدة أعلام ويافطات كتب عليها. اذا لم نحافظ على ثرواتنا الطبيعية الآن فلن تعود فى المستقبل ... ولا تحرقوا مستقبلنا ... وبيتنا يحترق«.
 تضيف: «هذا الكتاب حصيلة عشر سنوات من متابعة مؤتمرات البيئة وارتفاع درجات الحرارة. ودراستى للمناخ والكوارث الطبيعية التى وقعت حول العالم. ومواقف تيارات اليمين المحافظ الرافض لمناقشة القضية وما يراه اليسار والحكام الذين يشعرون بالقلق على مستقبل بلادهم وشعوبهم». تكشف الجدران والحواجز الاقتصادية والأيديولوجية التى تقف ضد. اتفاقية جديدة خضراء. يلتزم بها العالم لعلاج ما ارتكبه البشر من أخطاء بحق البيئة. تعود المؤلفة لعام 2018 عندما نشرت هيئة الباحثين بتغير المناخ التى شكلتها الأمم المتحدة تقريرا مهما حول التأثير المستمر لارتفاع درجات حرارة الأرض والذى إذا لم يواجه بقرارات حاسمة تحد من كمية انبعاث الغازات إلى النصف. فالعالم سوف يواجه كوارث طبيعية وتلوثا غير مسبوق بالجو. وطبقا للتقرير فإن إيقاف التلوث لن يتحقق بفرض ضرائب على انبعاثات الكربون رغم أهميتها، ولكن ذلك يحتاج لسرعة تغيير أساليب إنتاج الدول للطاقة وكيفية الحصول على غذائنا وبناء بيوتنا ومصانعنا.
 لم يكن تقرير الأمم المتحدة سوى الأخير من عدة تقارير حذرت فيها المنظمة الدولية من المخاطر الناجمة عن الانبعاث الحرارى والذى لا تُبذل جهودا كافية للحد منه. لكن ما يدعو للتفاؤل بخصوص. «اتفاقية جديدة خضراء» هو أن أجيالا من السياسيين الشباب بالولايات المتحدة وأوروبا لا يفصلهم عن شباب المدارس والجامعات بالعمر سوى عقد واحد. لديهم قدر كبيرمن الحماس لتوقيع هذه الاتفاقية التى تجد فى الوقت نفسه معارضة من اليمين الشعبوى المحافظ الذى يتحرك طبقا لمصالح الأثرياء ورجال الأعمال. هؤلاء السياسيون الشباب بعضهم من أعضاء الكونجرس الأمريكى أعلنوا صراحة ضرورة الاهتمام بهذه المبادرة وحشد أكبر عدد من الأعضاء للدعاية لها داخل أمريكا وخارجها. وهم يعملون الآن على تحويل المبادرة إلى سياسة ملزمة للحكومات. الجزء المهم بالاتفاقية هو ضرورة تحويل صناعات الطاقة لتصبح خالية من أى انبعاث حرارى والاستثمار بتجديد الطاقة والكشف عن أنواع جديدة من الطاقة الخالية من التلوث. طالب الأعضاء أيضا بالحد من تلوث السيارات ووسائل المواصلات. وبالحفاظ على مستحقات العاملين الذين نقلوا من العمل بالصناعات التقليدية الملوثة للبيئة إلى العمل بالطاقة الجديدة، وضمان العمل لكل من يريدون التحول لأى طاقة جديدة. وجهت المبادرة نداء لكل أبناء المجتمعات الذين ولدوا بمناخ غير صحى ناتج عن. الصناعات القذرة. وأغلبهم من الهنود، سكان البلاد الأصليين، ومن السود والملونين بألا يكتفوا بالاستفادة من التحول للطاقة الجديدة ولكن المساهمة بالتعريف بها وبفوائدها محليا. وطالبت المبادرة التى كانت كلاين المهندسة والمصممة لها- الجناح اليسارى الاشتراكى بالحزب الديمقراطي، بإصدار قانون التأمين الصحي. وقانون حماية الطفولة ومجانية التعليم. وفى انتخابات ترشيح الحزب الديمقراطى لانتخابات الرئاسة أعلن هذا التيار اليسارى الجديد مساندته لبيرنى ساندرز. وجهت المبادرة أيضا نداء بمساندة المرشحين لعضوية مجلسى الشيوخ والنواب الذين من بينهم الآن 105 أعضاء بالمجلسين من المؤيدين للاتفاقية .
هذه الجهود المخلصة لم تمنع المعارضين من اليمين من الهجوم على الاتفاقية. وعرضت كلاين نماذج من مواقف هذه التيارات. فتقدم رجل الأعمال ريتشارد روتشيلد بالترشح لإحدى لجان الحكم المحلى بميريلاند، ووقف بين الجماهير التى يطلب مساندتها. وقال لها إن سياسات مكافحة التغيرات المناخية الذين يطالبون بها هي. عدوان على الطبقة المتوسطة الرأسمالية فى أمريكا، وتساءل أمامهم قائلا: «لأى مدى ستستمر هذه الحركة التى يحركها الماركسيون؟». الكاتبة عرضت نماذج من أكاذيب اليمين ومن بينهم سياسيون وباحثون ورجال أعمال. وعرضت سطورا من كتاب »مناخ من الفساد« لأحد نشطاء اليمين، لارى بيل، وقد هاجم بشدة هذه الحركة ووصفها بأنها. لا تهتم بتحسين حالة البيئة بقدر اهتمامها بتقويض الرأسمالية ليحل مكانها الاشتراكية والفقر .... بالتالى تحويل أسلوب حياة الأمريكيين من أجل توزيع الثروة حول العالم. .
 ترى كلاين أن هناك عصابة من أعضاء الحزب الجمهورى المعارضين بشدة لقضية تغير المناخ، يعرضون القضية كـ »أكذوبة كبري«. من صنع ما يطلق عليهم »ليبراليين«. بهدف تغيير حياة المجتمع الأمريكى إلى الأسلوب السوفيتي. وكشفت تلقى عدد كبير من علماء تغير المناخ والنشطاء بالسنوات الأخيرة، رسائل تتضمن تهديدات بالقتل. هذه الثقافة وهذه الحرب المعلنة منهم هى الأسوأ، لكن ما يدعو للتفاؤل هو التحول الكبير بالرأى العام لمصلحة عقد الاتفاقية. فقد أظهرت نتائج استفتاء جرى بالعام الماضى أعده مركز أبحاث أكاديمى معروف أن 44% من الناخبين الأمريكيين يعتقدون أن تغير المناخ يجب أن تكون له الأولوية فى برنامج أى مرشح للرئاسة أو للمجلسين التشريعيين. ولم تكن هذه النسبة فى عام 2011 سوى 26. فقط. والملفت للنظر أيضا أن شبكة تليفزيون «سي. إن. إن» أجرت منذ شهور استفتاء بين مشاهديها تبين منه أن تغير المناخ بأتى بمقدمة القضايا ذات الأهمية بين الناخبين المسجلين من أعضاء الحزب الديمقراطى ويأتى قبل التأمين الصحي. وتتنافس شبكات التليفزيون الأمريكية الرئيسية الثلاث فيما بينها الآن بتقديم برامج منتظمة لمشاهديها عن تغير المناخ.
 الكتاب يمتلئ بالمعلومات والأرقام التى تحذر من تردى حالة البيئة عالميا ومسئولية الدول الصناعية فى إفساد المناخ. لكن الحلول المخلصة لإصلاح ما أفسدته الصناعة والبشر تواجه بتحديات كبيرة ... فالقضية. كما يتضح من الكتاب لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية. لكن المعركة سوف تستمر، والطبيعى أن تنتهى لمصلحة اليسار ... لمصلحة دعاة إنقاذ البيئة .
 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق