اهتمت الصحف والمواقع الإخبارية بحُكْم المحكمة الإدارية العليا، الذى أدان الدروس الخصوصية، فى حيثيات إدانته لمعلمة فى المنوفية كانت متهمة بإعطائها دروساً خصوصية. ذلك لأن الحكم لم ينحصر فى التفاصيل الخاصة بالاتهام المباشر للمعلمة، وإنما تجاوز الواقعة الصغيرة وأدان الدروس الخصوصية من ناحية المبدأ، وحذَّر من آثارها التخريبية على العملية التعليمية، وأكد أنها قضية جوهرية تمس حقوق الأجيال، وأن لها انعكاسات ثقافية سلبية تلحق الضرر بالجوانب الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، وتؤدى إلى إرهاق ميزانية الأسرة المصرية. وخلصت المحكمة إلى أن السبب وراء تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية هو عدم تجريمها بعقوبة العزل من الوظيفة على غرار ما ينص عليه قانون تنظيم الجامعات، وناشدت المحكمة المشرع وضع العقاب الرادع.
أضِف إلى هذا أن الحُكم وضع يده على أسباب الظاهرة، وأنه، فى إدانته لها وللمعلمة، كان متوازناً فى الإشارة إلى الأسباب الموضوعية للجوء الطلاب إلى الدروس الخصوصية، وكان مراعياً أيضاً لظروف المعلمين. ذلك لأن الحكم أقرّ بأن الطالب يلجأ للدروس الخصوصية مدفوعاً باحتياج يتسبب فيه النظام التعليمى وطريقة الامتحانات، بما يتطلب من الطالب أن يحفظ المعلومات، فى وقت يجب ألا يكون الامتحان وسيلة إبراء ذمة الطالب، وإنما وسيلة لكشف التنوع الإبداعى بين الطلاب، فى وقت التقدم العلمى الرهيب الذى لم يعد الحفظ فيه مطلوباً. وأن هذا النظام يجعل الطالب فى حاجة إلى المدرس الخصوصى الذى يساعده على الحفظ. كما أن الحُكم، بعد إدانته القوية للمعلمة، كان موضوعياً فى طلبه إعادة النظر فى الحوافز المادية والمعنوية للمعلمين، حتى يكرّس المعلم جهده داخل الحصة الدراسية بالمدرسة. أى أن الحُكم يقضى على أهم حجج المعلمين الذين يعطون الدروس الخصوصية بأن الرواتب لا توفر لهم التزاماتهم الأساسية.
أما الاهتمام الإعلامى بهذا الحكم فهو دليل على إدراك الإعلاميين لأهمية القضية للرأى العام، وإلى أن الحكم يأتى بجديد مفيد لملايين الأسر، ولعموم المعلمين، وأن مقاربته للقضية، وتوازنه، يوفر إمكانية عملية لحل مشكلة استعصت عبر عقود، وصار من الواجب البدء فى حلها.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب رابط دائم: