أسوأ وأخطر ما يسود المجتمعات التى تفتقر إلى تقليد فرض القانون، ويتفشى فيها الفساد ــ أن تضطرب المفاهيم، وتنحرف عن الأهداف التى صيغت من أجلها فى شكل قوانين، فتتحول إلى أداة تواطؤ تحمى المعتدين على الحق العام.
«الحصانة» هى من هذه المفاهيم، التى أصابها الاضطراب وضربتها الفوضي، وأصبحت فى حاجة ملحة إلى عملية ضبط قانونى وأخلاقي، يعيدها إلى اصلها كآليه حماية فقط، وليست وسيلة تسمح للأشخاص المتمتعين بها، بالتصرف خارج مقتضيات القانون، وانتهاك مبدأ المساواة العامة.
صحيح أن «الحصانة» بمفهومها الوظيفى، ليست ضد مبدأ المساواة بقدر ما هى حماية لممارسة المهام والتكاليف المنوطة بالسادة أصحابها، إلا أن المجتمعات المتقدمة تحرص على أن تكون فى أضيق الحدود، لاتتعدى مكان وزمان الوظيفة، أما خارج ذلك فتبطل الحصانة، ويصبح «المحصن» مواطنا عاديا مثل سائر المواطنين.
إن الحصانة ـ عموما ـ لاتعنى الخروج عن القانون، وعدم الالتزام بالآداب العامة، والحديث بلغة سيئة جارحة، كما أنها يجب ألا تتستر على الفاسدين وتحصنهم من المساءلة والعقاب، فتقف بذلك ضد مصلحة المجتمع.
إحدى علامات تقدم المجتمعات ورشادتها، أن تكون «الحصانة» محدودة ومحددة ومشروطة، وليست واسعة وشاملة ومطلقة، تحيل صاحبها إلى شخص فوق القانون.
> فى الختام ـ يقول صلاح عبد الصبور:
«والحزن يولد فى المساء لأنه حزن ضرير
حزن طويل كالطريق من الجحيم إلى الجحيم»
[email protected]لمزيد من مقالات محمد حسين رابط دائم: