رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
هل كذبت اليوم؟!

فى 2016، عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، اختار قاموس أكسفورد مصطلح ما بعد الحقيقة كلمة العام بعد أن أصبح الكذب أهم ملمح لهذه الانتخابات. أصبح الكذب جزءا من الحمض النووى للمجتمع الحديث. مهن بكاملها تعتمد عليه، لكن يتم إطلاق أسماء محترمة عليها كالتسويق والدعاية والإعلان.

يدين بشر كثيرون، كما يقول فيتوريو يوفاشى أستاذ الفلسفة بجامعة كورك الأيرلندية، للكذب فى كسب عيشهم. وظائفهم تستدعى ذلك. لم يعد الكذب يحتاج إلى «تزويق» وتغليف لتمريره بعد أن أضحى ملح السياسة. السياسيون لا يكذبون فقط بل يكذبون بشأن الكذب ذاته، كما قال كاتب أمريكى. المتحدثة السابقة للبيت الأبيض ستيفانى جريشام، ردت على سؤال عن اتهام ترامب بالكذب، قائلة: إنه لا يكذب بل يتواصل مع الناس بطريقة يشعر البعض خاصة الإعلام، تجاهها بعدم الراحة.

قبل أيام، أظهر مقياس كشف الحقائق، بصحيفة واشنطن بوست، أن ترامب حقق رقما قياسيا، إذ تجاوز 20 ألف كذبة منذ بدء رئاسته. أنجز خلال 827 يوما 10 آلاف كذبة بمتوسط 12 كذبة يوميا، لكنه فى الـ440 يوما الأخيرة تجاوز 20 ألفا بمتوسط 23 فى اليوم. مع أزمات كورونا وتراجع الاقتصاد والاحتجاجات المناهضة للعنصرية، يتسع تسونامى الأكاذيب ويزداد. لماذا؟ لأنه لا توجد حتى الآن آليات محددة لمواجهة الخداع والكذب بل إن الصحافة التى تحاول كشف الكاذبين لا تتمتع هى نفسها بالمصداقية لدى القراء. المفارقة أن الكذب لايقتصر على السياسى وشبكة المحيطين به، بل هناك أناس يمكنهم كشف الحقيقة لكن ينتهى الأمر بهم داعمين للكذب، إما لأنهم من نفس المعسكر أو مستفيدون أو لا يريدون مشاكل.

قد نكذب بشأن حقائق معينة لكن بعض الساسة يشككون فى طبيعة الحقيقة نفسها وينزعون الشرعية عنها لخلق حقائق بديلة هى بالأصل أكاذيب. إنهم يعتقدون أن الحقيقة ليست ضرورية وعفا عليها الزمن.

لم يعد الأمر مجرد ماسورة أكاذيب يطفح بها السياسى، بل صناعة احترافية قوامها، كما يقول الكاتب البريطانى الأشهر جوروج أورويل (1903 ـــ 1950) لغة مصممة لجعل الأكاذيب صادقة والقتل محترما.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام

رابط دائم: