رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اسلمى يا مصر

هل يصدق البعض ما كان كثيرون, منهم كاتب هذه السطور, يؤكدونه ويشرحونه ويؤصلون له، وهو أن مصر في حالة حرب من نوع ودرجة غير مسبوقين في تاريخ المحروسة، وأنها بقيت حربًا علي خمس جبهات، لأنه الجبهة الخامسة- وهي العمق, لم تنته فيها المواجهة بالانحسار الكبير للإرهاب المسلح، لأن المواجهة لم تكن ضده وحده وإنما شملت الإرهاب الناعم، إذا جازت التسمية، ومعه الفساد والإهمال والفوضي إضافة لتحديات استمرار التنمية والإعمار الذي ليس له مثيل؟! هل يصدقون الآن بعد ما ثبت أن الأتراك والأحباش يبذلون أقصي ما في طاقتهم لتضييق الخناق علي الإرادة والإدارة المصرية، ومعهم تحالفات مباشرة وغير مباشرة من أطراف في المنطقة وفي العالم؟.

وهل يصدقون أن ما كنا وما زلنا نؤكده ونشرحه ليس نفاقًا ولا تطبيلًا ولا جلبًا للتعاطف ولا دغدغة لاستثارة المشاعر الوطنية؟! وعلي ذلك هل تبادر كل القوي الوطنية, علي كافة المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية وأيضًا الاقتصادية, لبناء حائط اصطفاف وطني يقف بكل صلابة وقوة ووعي مع قيادتنا السياسية ومع قواتنا المسلحة ومع الحكومة، لأن أي ثغرة ولو صغيرة ستسمح, لا قدر الله, باختراق صفوفنا وبدعم البؤر الإجرامية الإخوانية وغير الإخوانية، التي نستطيع أن نؤكد وجودها من خلال ما تنضح به في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بث الشائعات، وفي محاولات اغتيال شخصية ثورة يونيو وإنجازاتها وقائدها.. هل نبادر لنقتدي بمنهج تخطيط وإدارة وتنفيذ قواتنا المسلحة للاستجابة لتحديات التنمية والإعمار داخليًا وتحديات تأمين حدودنا والحفاظ علي قدسية ترابنا الوطني وتأديب من يجرؤ علي تهديد مصر؟ إن القاعدة المشهورة هي أن النظم المأزومة داخليًا تبادر إلي اختلاق مواجهات خارجية لتجد مسوغًا لتقصيرها وعجزها، وغطاء لاستبدادها وفسادها، وأشهد أن نظامنا الحالي لم يسع لحظة واحدة إلي ذلك الاختلاق، ولم يسع لحظة إلي استفزاز أي طرف إقليمي أو دولي، وأنه ركز علي الداخل وأنجز ما اعتقد أنه من قبيل المعجزات، أو بالبلدي شغل عفاريت، حيث أينما وجهت بصرك تجد إنجازًا جبارًا، ولا أريد أن أضرب أمثلة علي الحذر البالغ الذي اتبعته مصر خارجيًا، فلم تنزلق في أي بؤرة ملتهبة، ولم يكن هذا الحذر وذلك التركيز علي الداخل حائلًا دون سياسة خارجية نشطة وفاعلة ومؤثرة ومقنعة لكثير من الأطراف الدولية في حوض البحر المتوسط وفي أوروبا وآسيا، ومع ذلك فإن الخطر علي مصر وتهديد أمنها، بل واستقلالها، أتي نحو حدودها واستهدف النيل والبحر معًا، ولا أبالغ في أنني ضمن كثيرين يتابعون لحظة بلحظة كيفية إدارة مصر، ممثلة في رئيسها وقواتها المسلحة وخارجيتها ومؤسساتها السيادية للأزمة وأيدينا علي قلوبنا التي تخفق بالدعاء أن يسلم الوطن من كل تهديد؛ نتابع منهجًا متميزًا في إدارة الأزمات وفي تقسيم العمل وفي استقطاب إرادات إقليمية ودولية مهمة للوقوف بجانب مصر، أو بحد أدني الابتعاد عن المشاركة في تهديد مصر. وأعود إلي القوي الوطنية السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي ينشغل بعضها بالبحث عن مغانم في النواب والشوري، ويلوذ البعض الآخر بالسلبية، وإن تعداها فبالتركيز علي ما يزعم أنه سلبيات تحاصر الحريات وتقلص مساحات العمل العام. وهناك علي المستوي الاجتماعي الاقتصادي من يريد الاستمرار في منهج خطف المكاسب في الأراضي والشواطئ، واحتكار السلع والمضاربة علي العملات، وغيرها، الذي كان سائدًا في حقب ولّت ولن تعود بإذن الله، إضافة للتهرب الضريبي وغياب المسئولية الاجتماعية. ولذا يكون التساؤل الواضح هو: متي يمكن أن يقف الجميع إلي جوار الوطن؟ بل متي يمكن أن ننصهر جميعًا في حائط الاصطفاف الجمعي الوطني الشامل لنحمي وطنًا يتم بناؤه طوبة طوبة من جديد؟!.

إن الخطر حقيقي وليس مختلقًا، والتهديد مباشر زمانًا ومكانًا وليس مؤجلًا أو متوقعًا، وإذا نجح العدو التركي في أن يحرز تقدمًا في الخاصرة الغربية المباشرة لمصر، واستطاع الأحباش أن يهددوا وجودها العضوي، وأفسح المجال للإرهاب بنوعيه العنيف والناعم كي يلتقط أنفاسه ويمارس عنفه ويبث سمومه؛ فإن ما بنيناه ونبنيه وما كان في خططنا يصبح أنقاضًا ويعم الخراب علي الجميع، اللهم إلا إذا كان هناك, وكما كتبت من قبل, من ليس لديهم ما يمنع من التعاون مع العدو ومع الاحتلال ومع الإرهاب، طالما ماكينة الربح شغالة ومتعاظمة. تحية لمن يدير هذه المعادلة بالغة التعقيد والصعوبة، واسلمي يا مصر إننا الفدا.


لمزيد من مقالات ◀ أحمد الجمال

رابط دائم: