استفاد الرأي العام كثيرا من نشر صورة أحد الآباء وهو يربط حذاء ابنته وهي خارجة من امتحان الثانوية العامة يوم الخميس الماضي. وكانت أهم المؤشرات التي تعبر عن صحة المجتمع هذا التقدير الكبير والتعاطف الجارف من جماهير المعلقين مع الأب، لأنه لم يكتف بالذهاب مع ابنته إلي الامتحان، وانتظارها حتي تنتهي لاصطحابها في طريق العودة إلي المنزل، وإنما أيضاً أن يربط حذاءها بعد أن لاحظ أنه مفكوك، وأنها يمكن أن تتعثر فيه وهي مجهدة من السهر وقلة النوم، ومن مجهود التركيز في الامتحان، فجلس الأب علي الرصيف ليتمكن من ربط الحذاء بينما الفتاة واقفة مستكينة، في لقطة يمكن أن تفوز في مسابقة أجمل اللقطات.
لم يعترض سوي عدد محدود جداً ممن شاهدوا اللقطة، الذين رأوا فيها تدليلاً مفرطا من الأب لابنته، ومنهم من قال إن الفتاة ناضجة بما يكفي لأن تربط حذاءها بنفسها! ولكن سرعان ما تلاشت هذه الأصوات أمام موجة التأييد الجارف، ممن استخلصوا جوهر الموضوع ومعناه الأساسي، الذين أدركوا أن أهم ما تنطوي عليه اللقطة هو حب الأب لابنته، بإصراره علي القيام بما يراه واجبه، بما في ذلك تدليله لابنته، في وقت تحتاج الفتاة لحنان الأب، في عز الامتحان والتوتر الرهيب الذي تعيشه وما كان الأب وابنته يدركان أن مصوراً يسجل اللقطة، وأنه سوف ينشرها للرأي العام، وأن تصرفهما التلقائي سوف ينال ما يستحقه من متابعة للرأي العام، وهو ما حدث بالفعل.
وقد نشرت بعض المواقع أن اسم الأب: أحمد صالح العطار، يعمل مهندساً، ويقيم في منطقة فيصل بالجيزة، والطالبة اسمها سارة، وهي في الصف الثالث الثانوي علمي علوم، وتؤدي امتحاناتها في إحدي مدارس المهندسين، وكنت أتمني أن أعرف اسم المصور لنشره، لأن بفضل ذكائه المهني راجت هذه الصورة، حتي قيل إن جمهور المشاهدين تجاوزوا الملايين ممن أعربوا عن تأييدهم، بمجرد نشر الصورة، وهو جمهور هائل، يؤكد أن مؤيدي اللقطة أكثر بكثير من القليلين الذين تحفظوا لأسباب تخصهم.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب رابط دائم: