1- نُقُوْشٌ أَبَدِيَّةٌ
عِنْدَمَا قَرَّرْتُ الْخُرُوْجَ،
وَفَتَحْتُ أَقْفَالَ جَسَدِي..
تَسَاقَطَ فُتَاتُ قَلْبِى عَلَى الْأَرْضِ،
وَتَنَاثَرَتِ الدِّمَاءُ فِى الْهَوَاءِ..
مُشَكِّلَةً رَاقِصًا لِلتَّنُوْرَةِ..
لَكِنَّهَا سُرْعَانَ مَا اسْتَكَانَتْ
عَلَى الْأَرْضِ بَاكِيَةً..
قَبْلَ أنْ تَتَسَرَّبَ مِنْ تَحْتِ الْبَابِ.
وَعِنْدَمَا فَتَحْتُ الْبَابَ،
وَجَدْتُنَى هُنَاكَ بِكَامِلِ مَلَابِسِي..
وَلَحْمِى وَدَمِي..
غَيْرَ أنَّ قَلْبِى كَانَ مَا يَزَالُ يُحَاوِلَ أنْ يَتَجَمَّعَ،
عِنْدَمَا وَجَدْتُكِ تَحْمِلِيْنَ قَلْبِى عَلَى كَفَّيْكِ الصَّغِيْرَتَيْنِ
- كَانَ لَا يَزَالُ يَنْبِضُ
غَيْرَ أنِّى وَجَدْتُ دِمَاءً أُخْرَي،
عَلَى الْأَرْضِ تُحَاوِلُ الدُّخُوْلَ،
وَبَقَايَا أُخْرَى تُحَاوِلُ أنْ تَتَجَمَّعَ.
*****
دَائِمًا تُحَاوِلُ الدُّخُوْلَ إلَى كَهْفِهَا..
تُغْمِضُ عَيْنَيْهَا كَيْلَا يَرَاهَا أَحَدٌ!
لَكِنَّهَا كُلَّمَا أَغْمَضَتْ عَيْنَيْهَا رَأَتْنِي..
فَأُغْمِضُ عَيْنِي.
*****
جَلَسْتُ عَلَى شَاطِئِ قَلْبِهَا..
أَنْتَظِرُ الْمَوْجَ،
لَكِنَّهُ عَلَى مَا يَبْدُو..
كَانَ بَحْرًا هَادِئًا..
وَأَنَا لَسْتُ صَيَّادًا مَاهِرًا.
*****
مُنْذُ أنْ قَذَفَتْ ضِحْكَتَهَا فِى وَجْهِي..
وَأَنَا اسْتَبْدَلْتُ بِوَجْهِى ضِحْكَتَهَا..
وَسِرْتُ أُقَابِلُ النَّاسَ بِضِحْكَتِهَا،
وَلَمْ يَنْكَشِفِ الْأَمْرُ إلَّا عِنْدَمَا قَابَلْتُهَا الْيَوْمَ
- بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ السِّنِيْنَ -
وَهِيَ تَجْرِى فِى قَلْبِي..
مُمْسِكَةً سِكِّيْنًا
تُحَاوِلُ اسْتِرْدَادَ ضِحْكَتِهَا.
*****
بَعْدَ أنْ فَتَحْتُ لَهَا ثُقْبًا..
فِى الْجِدَارِ الْعَازِلِ حَوْلَ رَأْسِي،
وَجَدْتُهَا تَحْفُرِ الْأَنْفَاقَ تَحْتِي..
فَقُمْتُ بِتَرْمِيْمِ الثُّقْبِ.
2- مُوَاطِنٌ عَادِيٌّ
أَنَا مُوُاطِنٌ عَادِيٌّ..
شَاعِرٌ عَادِيٌّ..
تَتَسَاقَطُ مِنِّى الْقَصَائِدُ الْعَادِيَّةُ،
وَأَنَا أَتَجَوَّلُ فِى الطُّرُقَاتِ..
لَا تَتَرَاقَصُ الْبُيُوْتُ لِرُؤْيَتِي،
وَلَا تَهْطِلُ عَلَيَّ الْحَسْنَاوَاتِ مِنَ السَّمَاءِ.
فَقَطْ أُوَزِّعُ دِمَائِى فِى الشَّوَارِعِ..
أَبْحَثُ عَنْ لُقْمَةٍ لِأُطْعِمَ أَطْفَالِي،
وَأُطْعِمَ قَصَائِدِي.
*****
كُلَّمَا مَشَيْتُ فِى السُّوْقِ..
الْتَفَّ حَوْلِى مُوَاطِنُوْنَ عَادِيُّوْنَ..
وَمُوَاطِنُوْنَ غَيْرُ عَادِيِّيْنَ..
يَأْكُلُوْنَ مِنْ لَحْمِى الْعَادِيِّ،
بِفَرَحٍ غَيْرِ عَادِيٍّ،
وَأَنَا أُطَالِبُهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا قَلِيْلًا مِنَ اللَّحْمِ؛
لِيَسْتُرَ عِظَامِي؛
فَمَا زَالَ أَمَامِى طَرِيْقٌ طَوِيْلٌ..
حَتَّى أَصِلَ إلَى الْبَيْتِ..
وَالْمُوْسِيْقَى الَّتِى كُنْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ تَحْمِلَنِى عَلَى أَنْغَامِهَا
لَمْ تَنْطَلِقْ بَعْدُ،
وَالشَّمْسُ لَا تُرْسِلُ لِى وَرْدًا..
-كَمَا كُنْتُ أَظُنًّ-
لَكِنَّهَا تَعْصِرُ ذَاكِرَتِي؛
فَأَسْبَحُ فِى عَرَقِي.
*****
الْخَضْرَاوَاتُ الَّتِى أَكْتُمُ أَنْفَاسَهَا فِى الْأَكْيَاسِ..
تَضْحَكُ..
كُلَّمَا رَأَتْنِى أَجْلِسُ عَلَى الرَّصِيْفِ؛
لِأُطْعِمَ قَصِيْدَةً..
بَيْنَمَا الْقِطَطُ مِنْ حَوْلِي..
تَنْتَظِرُ دَوْرَهَا.
*****
لَا أَسْتَطِيْعُ إكْمَالَ الْقَصِيْدَةِ؛
فَالْبَاعَةُ يَرْفَعُوْنَ أَصْوَاتَهُمْ..
وَدَمِى الَّذِى مَلَأَ الْأَسْوَاقَ..
يُغْرِقُ الْقَصِيْدَةَ.
أُحَاوِلُ أَنْ أَفِرَّ بِهَا؛
فَأَصْعَدُ لِلسُّطُوْحِ.
أُحَاوِلُ أَنْ أَطِيْرَ بِهَا؛
لَكِنَّنِى مُوَاطِنٌ عَادِيٌّ بِلَا أَجْنِحَةٍ..
وَقَصِيْدَتِى عَادِيَّةٌ بِلَا أَجْنِحَةٍ.
*****
أَيُّهَا الْمُوَاطِنُوْنَ الْكِبَارُ،
أَيُّهَا الشُّعَرَاءُ الْكِبَارُ،
رِفْقًا بِنَا؛
فَمَا زَالَتِ الْقَصَائِدُ تُحَاوِلُ أَنْ تَتَنَفَّسَ،
وَمَا زَالَتِ الْكَلِمَاتُ تَبْحَثُ عَنْ لُقْمَةٍ عَادِيَّةٍ..
لِأَطْفَالٍ عَادِيِّيْنَ..
أَبْنَاءِ شَاعِرٍ عَادِيٍّ..
وَمُوَاطِنٍ عَادِيٍّ.
رابط دائم: