رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أولياء أمور اختاروا التعليم المنزلى
عندما يتحول البيت إلى مدرسة

سالى حسن

خلال الشهور الماضية وبسبب وباء «كورونا» وإجراءات التباعد الاجتماعى والحجر الصحى تعرف أولياء الأمور فى مصر لأول مرة على فكرة التعليم عن بعد والامتحانات عن بعد ايضا. بعضهم اعتبرها تجربة ناجحة وآخرون اعتبروها مرهقة وبلا فائدة حقيقية.

منذ سنوات طويلة هناك من قرروا اتخاذ التعليم المنزلى طريقة تعليم أولادهم يعتمدون على ذلك اعتمادا كليا، سواء بطريق شرعى وهو التسجيل فى أحد أنظمة التعليم الدولى التى تتيح إمكانية التعلم عن بعد أو التسجيل فى إحدى المدارس الحكومية والتحايل بتقديم الشهادات المرضية لكى يذهب الطفل وقت الامتحانات فقط.

التعليم المنزلى نظام دراسى يختاره الآباء لتعليم أولادهم بشكل فردى خارج الإطار المؤسسى للمدارس، مستعينين بمدرسين خصوصيين.

وهناك عدة اختيارات متاحة لهذا النوع من التعليم منها ما يلزم اتباع نظام التعليم المتاح سواء الحكومى أو الدولي. ففى التعليم الدولى يوجد اختياران: إما دراسة المناهج المقررة فى التعليم التابع لدولة معينة وهنا يجب تسجيل الطالب فى الجهة الممثلة للدولة فى مصر أو تعليم حر قائم على اختيار الطالب المواد التى يظهر بها اهتماما أو نبوغا وهنا يقوم الطفل نفسه بتوجيه عملية التعلم حسب ميوله ومهاراته وليس العكس وقد يختار الأهل تسجيل أبنائهم فى التعليم الحكومى أيضا لتعلم اللغة العربية والدين والدراسات الاجتماعية وهنا يجب تسجيل الطفل فى مديرية التربية والتعليم حتى يجتازوا الاختبارات آخر العام.

عدد المجموعات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعى فى مصر لأولياء الأمور الذين اختاروا تعليم أولادهم منزليا يشهد بانتشار الفكرة ونجاحها إلى حد ما واقتناع الآباء والأمهات بها وهم من خلالها يتبادلون المعلومات ويلتقى الأبناء من خلال أنشطة رياضية واجتماعية لتعويض أحد عيوب النظام وهى افتقاد فكرة الجماعية وتكوين صداقات حقيقية.

كريمة أم لولدين اختارت أن تلحق ابنيها بالتعليم المنزلى منذ ثلاث سنوات وقامت بتسجيل أبنائها فى إحدى المدارس الدولية الفرنسية ويتلقى إبناها دروسهم عبر الإنترنت، ويمكنهما أيضا الحصول على الكتب الورقية عن طريق البريد، فى نفس الوقت قامت بتسجيلهم فى مديرية التربية والتعليم حتى يستطيعا العودة للمدرسة فى أى وقت. وعن طريق الموقع الالكترونى يستطيع الابناء متابعة الدروس من خلال الشرح المبسط وطرح الأسئلة، أما الامتحانات فهى بنظام الكتاب المفتوح وهى ترى أن التعليم من المنزل وفر لها العديد من المميزات منها توفير النفقات وتطويع المناهج وطريقة الشرح لكل طفل بما يناسبه ويناسب قدراته واستعداده، فابنها الأكبر كان يتعلم بطريقة غير أخته لأنه يفضل الانتهاء من كل مادة على حدة فى حين أن أخته كانت تلتزم بجدول المواد وتدرسها معا، وهى تعتبر هذه تجربة ناجحة بشكل كبير، ولكنها مرهقة للأم وهى تجعل الطالب أكثر اعتمادا على نفسه وهو أساس المعلومة، بالإضافة إلى حرية الوقت وحرية التعلم نفسها ودراسة المواد كاملة دون حذف وهو ما صقل لدى أبنائى ملكات اللغة وحب القراءة وأمدهما بمعلومات وفيرة لا تتوافر لمن هم فى نفس السن.

كما أن الامتحان بطريقة الكتاب المفتوح جعلهما أكثر التزاما وصدقا وأكثر ثقة فى نفسيهما وفى الآخرين ما يعيب التجربة من وجهة نظر «كريمة» افتقاد الأبناء الصداقات ولكن يمكن تعويض ذلك بطرق كثيرة.

هدى لديها طفلان بالتعليم المنزلى بالصف الخامس والسادس على نظام التعليم البريطاني، وتقول اخترت التعليم المنزلى لأسباب كثيرة منها عدم اقتناعها بنظم التعليم المؤسسية السائدة سواء الحكومى أو الخاص، والتى ترى أنها تتعامل مع كل الطلبة على إنهم مجموعة متماثلة، فالمناهج موحدة ومعايير النجاح والرسوب واحدة أيضا، وهو فى رأيها عكس ما خلقنا الله عليه وهو الاختلاف فى الإمكانات والمهارات والميول ومستويات التحصيل علما بأن المدرس ملزم بوقت محدد للانتهاء من المنهج، كما أن النظام المدرسى الممتد لفترة 8 ساعات متواصلة، ثم ساعة على الأقل للرجوع للمنزل مرهق جدا للطلبة ثم يأتى دور الواجبات فمتى يمكنهم اللعب والاستمتاع بطفولتهم. كما أن التعليم الدولى مع ارتفاع نفقاته بالنسبة لها لم يكن حلا أيضا لأنه يفصل الأطفال عن مجتمعهم ويغذى لديهم «عقدة الخواجة» ويفصلهم أيضا عن مجتمعهم وثقافتهم، كما يتم تصنيفهم بناء على الشكل أو مستوى التحصيل أو المستوى الاجتماعى وغيرها من المعايير التى تعرضه بعد ذلك للتنمر، ولذلك اختارت لأولادها التعليم المنزلى على المنهج البريطانى وهى بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد فتضمن تعليما جيدا يسير النفقات وفى نفس الوقت تجنبهم المشاكل الاخري.

التقارب فى العمر بين ابنيها جعل التجربة سهلة بالنسبة لها مع اختلافات طفيفة بينهما وهى لا تقوم بالشرح بنفسها لأنها لا تريد أن تكون مصدر السلطة باستمرار، ولذلك تستعين بمدرسين أكفاء يستطيعون توصيل المعلومة بطريقة مبتكرة وممتعة بعيدا عن جو التوتر والقلق ودون الضغط  المرتبط بفكرة الامتحانات.

وهى تلتزم بعدد ساعات يوميا من الثامنة والنصف حتى الواحدة ظهرا مع فترات راحة كثيرة ولكن قصيرة. وتقول: أستطيع آن أؤكد أنها تجربة ناجحة لولا افتقاد أبنائى الألعاب الجماعية فى المدرسة وحصة الموسيقى، ولكننا نتغلب على ذلك بممارسة رياضة فردية وحصص الموسيقى الخاصة.

وبالرغم من حماس أولياء الأمور للفكرة إلا ان بعض الخبراء يؤكدون ان التعليم المنزلى لا يمكن ان يكون بديلا للمدرسة فدورها أكبر من مجرد شرح المناهج والحصول على شهادة، ولكنها كما تقول د.هبة محمد وجيه قطب الأستاذة المساعدة بالجامعة الأمريكية توفر خبرة تعليمية وحياتية واجتماعية وأخلاقية وترفيهية أيضا، فهى تفرز شخصية ناضجة مستقلة عن الوالدين وقادرة على مواجهة الواقع، وهو ما لا يوفره التعليم المنزلي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق