قبل أيام عدة تداولت مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو لرجل يعتدى بالضرب على زوجته وابنه وتبين أن الأم هى من قامت بتصوير الفيديو ونشره على موقع فيس بوك، وفى استجابة سريعة توصلت مباحث الانترنت لمكان الزوجة وابنها وتم إلقاء القبض على الزوج.
الغريب أن تعليقات المتابعين اتهمت السيدة بأنها أساءت لزوجها وعائلتها وشهرت بزوجها وما كان يجب لها أن تفعل ذلك لأن ما يحدث فى البيوت يجب أن يبقى سرا كما لو أن اعتداءه عليها وعلى ابنها البالغ من العمر 13 عاما يعتبر أمرا عاديا يحدث فى كل البيوت.
تكشف هذه الواقعة عما يحدث خلف الأبواب المغلقة أثناء الحظر الإجبارى بسبب فيروس كورونا
ليست هى بالطبع الواقعة الوحيدة بل تشهد معدلات العنف الأسرى ارتفاعا عالميا وفى الثلاثة أسابيع الأولى وصف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش ما تتعرض له النساء من عنف داخل المنازل بأنه «جائحة ظل». اليوم بعد مرور ثلاثة أشهر ازداد الوضع صعوبة وازدادت معاناة بعض النساء.
معظم الأسباب يمكن إرجاعها إلى تواجد الازواج مدة أطول مع أسرهم والضغوط الاقتصادية والنفسية ولجوء الطرف الأقوى إلى تفريغ شحنة غضبه فى الطرف الأضعف وبالرغم من عدم وجود دراسات أو أرقام محددة عن معدلات الزيادة الأخيرة إلا أن مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون رصدت زيادة كبيرة فى عدد الاتصالات وطالبات المساعدة القانونية والصحية أو طلب مكان آمن للاقامة وتشير رئيس المؤسسة انتصار السعيد إلى أن معظم المبلغات أو طالبات الاستشارة يشتكين من عنف الزوج لكن للأسف هناك فئة كبيرة تتعرض للعنف من الأب ومن الأخ لكن فكرة الإبلاغ عن الأهل ما زالت غير شائعة وغير مقبولة فهل ستحبس الفتاة أباها او أخاها هذا ما لا يمكن قبوله اجتماعيا أو حتى التهاون معه وحتى من تبلغ عن زوجها لا يتم تقبلها بسهولة وكثيرا ما تتصل بنا النساء يطلبن الإرشاد والنصح وعندما نطلب منهن التوجه لقسم الشرطة لعمل محضر يرفضن تماما سواء خوفا أو لأنه «عيب».
وإلى جانب العنف الجسدى والمعنوى هناك نوع آخر من العنف ترصده السعيد وهو العنف الاقتصادى فكثير من المعنفات من مستويات اجتماعية مهمشة واغلبهن فقدن أعمالهن مثل عاملات الأسواق والورش وعاملات المنازل. بعض الأسر تستمر فى دفع رواتبهن لكن اغلبها لا يفعل كما أن اغلب العاملات فى هذا المجال يعملن بشكل متقطع ولسن عاملات مقيمات فالعاملة تذهب للمنزل مرة أسبوعيا أو مرتين وليست عاملة منزل ثابتة أو مؤمن عليها ولها حقوق قانونية. انعكس هذا الوضع فى صورة عنف جسدى أيضا من جانب الزوج أحيانا او غيره بعد أن أصبحن عاجزات عن كسب المال.
نوع آخر من العنف رصدته مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون وهو العنف ضد مقدمات الخدمات الصحية ومن خلال متابعة العاملات فى هذا الحقل ودورات بيئة العمل الآمنة التى نظمتها على مدى شهور وتوقفت قبل جائحة كوفيد 19 مباشرة اشتكت بعض العاملات فى مهنة التمريض من تعامل الجيران معهن والتنمر الذى تعرضن له ووصل الامر إلى حد رفض عودتهن لمنازلهن أو رفض التعامل معهن نهائيا.
المجلس القومى للمرأة كان قد أعلن عن سلسلة من الإجراءات لمساعد النساء المعرضات للعنف وتدعيم الخط الساخن لتلقى الشكاوى 15115 وتقديم الاستشارات القانونية والنفسية والاجتماعية بالإضافة إلى تلقى الشكاوى عبر بالواتساب» على مدار اليوم وذكرت أمل عبدالمنعم مدير مكتب شكاوى المرأة التابع للمجلس ان الخط الساخن تلقى منذ شهر مارس الماضى عددا من الشكاوى بلغ عددها 3400 شكوى منها 129 من سيدات تعرضن للإيذاء او الاعتداء بالضرب وتعد بالألفاظ على أيدى الزوج أو الأب وقد تصل فى بعض الأحيان إلى التهديد بخطف الأبناء او خطفهم بالفعل مما يجبر السيدات على تحمل العنف الواقع عليهم للحفاظ على أبنائهن.
وتتوقع د . غادة حلمى الباحثة فى ملف العنف ضد المرأة و والطفل زيادة المعدلات مع استمرار طول فترة الاغلاق والحجر الصحى ووفقا لبيانات صندوق الآمم المتحدة للسكان إذا استمرت عمليات الإغلاق لمدة 6 أشهر أخرى فمن المتوقع ظهور 31 مليون حالة إضافية من العنف ضد النساء وتطالب بمزيد من التوعية وتكثيف الحملات الاعلامية ونشر الخط الساخن لتلقى الشكاوي
وترى د.إلهام خليل أستاذ ورئيس قسم علم النفس كلية الآداب جامعة المنوفية أن العنف الأسرى يزداد مع تفاقم الضغوط الاقتصادية التى من المرجح أن تزداد حدتها مع استمرارإجراءات الحظر والآتصال الأقل بالعائلة مثل الأم والأب والأخوات والأصدقاء الذين أعتادوا أن يقدموا الحماية من العنف ضد المرأة، ومع زيادة المسئوليات العائلية.
رابط دائم: