رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إثيوبيا.. و«حافة الهاوية»

لوّح نائب أركان الجيش الإثيوبى بالحرب، فى تصريحات صحفية، مؤكدا أن بلاده ستدافع عن حقها فى السيادة على سد النهضة، وأضاف: يعلم المصريون والعالم كيف يمكننا إدارة الحرب كلما حان وقتها.. تصريح عنترى ضمن مسلسل تهديدات زاعقة يلقى بها زعماء إثيوبيا، على رأسهم آبى أحمد رئيس الوزراء الذى شدد، عشية المفاوضات الأخيرة حول السد، بأن أديس أبابا سوف تبدأ ملء بحيرة السد مطلع الشهر المقبل، حتى دون اتفاق. كلام يجعل أى مفاوضات نوعا من الهراء، فعلى أى شيء نتفاوض إذن؟!.

لكن هذه العنتريات الجوفاء، تكشف عن اضطراب شديد بالداخل، حيث يريد آبى أحمد تحقيق انتصار معنوى وحشد الأصوات لو أجريت الانتخابات التى تم تأجيلها لأجل غير مسمي، بالتعنت مع مصر والسودان، مع ذلك تلاحقه الأزمات، استقالت كيريا إبراهيم رئيسة مجلس النواب، اعتراضا على تأجيل الانتخابات، خشية مما وصفتها بـ(ديكتاتورية فى طور التكوين). أما جبهه تحرير تيجراى فقررت إجراء الانتخابات بالإقليم، ووصفت آبى أحمد بأنه يقود انقلابا على الدستور؛ للبقاء فى الحكم، بما يهدد بإشعال حرب أهلية.

تتبع الحكومة الإثيوبية سياسة (حافة الهاوية)، ضد مصالح مصر والسودان فى مياه النيل الأزرق، أى تصعيد محسوب على حافة الصدام، وقد أخذت خطوة أبعد بانتهاج سياسة (اللعب بالنار)، تطلق التهديدات، عطفا على التصلب فى المفاوضات، ولاتخجل من مطالبة البلدين بعدم الاعتداد بالاتفاقيات القديمة، ومنها 1902، و1929، و1959، والتى وصفتها بالاستعمارية. أمام هذا الوضع الخطير، يتساءل بعضنا: ما العمل؟

يلجأ بعضهم لإلقاء قطعة نقود فى الهواء، ولو كان الجانب الأعلى صورة تكون حربا، ولو كتابة فهى تهدئة. قد يصلح ذلك فى اختيار لون فانلة فريق كرة، لكن لا مجال له هنا، القضية معقدة، النيل سر وجود مصر، بدونه تصبح مقبرة بحجم دولة. وهناك من يسعون لإحداث انقلاب استراتيجى بأوضاع الإقليم، فوق إحداثيات الأمن القومى المصري، إنه صراع ممتد لا يجوز فيه تسطيح الرؤية؛ فالردع بكل أشكاله موجود على الطاولة؛ قالت أسماء عبدالله وزيرة الخارجية السودانية: إن أديس أبابا إذا ووجهت بموقف قوى من الخرطوم والقاهرة (ستفكر مرتين) قبل ملء السد دون اتفاق. أما مجلس الأمن القومى برئاسة الرئيس السيسى فلم يتأخر فى وضع النقاط على الحروف، بتحذيره إثيوبيا من المماطلة والتنصل من الالتزامات.

ووصف المتحدث باسم وزارة الرى الموقف الإثيوبى بأنه يتأسس على إرغام مصر والسودان إما على التوقيع على وثيقة تجعلهما أسرى للإرادة الإثيوبية، أو أن يقبلا بقيام إثيوبيا باتخاذ إجراءات أحادية؛ كاشفا عن افتقارها الإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل، كذلك نيتها استغلال مياه النيل، دون التفات إلى الأضرار الجسيمة التى ستلحقها بدولتى المصب، مائيا واقتصاديا وبيئيا وسياسيا.. لهذا عليهما إدراج بند التعويضات بأى اتفاق. وبرغم هذا التعنت فإن أديس أبابا التى تلوّح بالحرب، تدعى (المظلومية)، ولاتتوقف عن ممارسة التضليل للتأثير فى شعوب النيل والعالم، باتهام مصر بأنها تعرقل المفاوضات، مع أن إثيوبيا هى من يفعل، فمصر تدعم التنمية بدول الحوض، بدليل أنها تنشيء حاليا سد ستيجلر على نهر روفيجى للأشقاء فى تنزانيا، بسعة 34 مليارم3 ويولد 2115 ميجاوات، بما يدحض المزاعم الإثيوبية. إن الأكاذيب (استراتيجية إثيوبية)، فهى غنية بالمياه، يهطل عليها 1000 مليار متر أمطار سنويا، المياه السطحية 122 مليارا، ولديها 12 نهرا و22 بحيرة ومياه جوفية متجددة، ويتجاوز نصيب الفرد 1900 متر سنويا، أما مصر فليس لها سوى حصة 55 مليارا من النيل وتستورد 60% من غذائها، ولايتجاوز نصيب الفرد 500 متر، مع تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف، لذلك عليها ألا تكتفى بالحفاظ على الحقوق المكتسبة فحسب، بل المطالبة بزيادتها عبر مشروعات حصاد المياه بدول الحوض.

لذلك قد تلجأ القاهرة لمجلس الأمن لوقف بناء السد؛ استنادا للبند الخامس من إعلان المبادئ, قبل التوجه لمعركة قضائية دولية، إنه صراع قابل للتمدد، فى ظل إعادة توزيع القوى بالمنطقة، تتحول بموجبها مراكز طرفية غير عربية، إلى قوى قطبية مركزية، يجرى إيقاظ حواسها التوسعية، ومن الجيد أن موازين القوى مازالت فى مصلحة مصر، وأن المصريين جميعا يستشعرون الخطر، وهم مستعدون لحماية مصالح الوطن بأى ثمن عن طيب خاطر, فسد النهضة بداية المعركة لا نهايتها، وهذا دور السياسات الاستباقية الوقائية.

[email protected]
لمزيد من مقالات ◀ د. محمد حسين أبوالحسن

رابط دائم: