رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أبى غير العالم

دخل الرجل الأسود البشرة المتجر لشراء علبة سجائر.. بعدما غادر المتجر، شك العامل ان الورقة المالية (عشرين دولارا) مزورة فأبلغ الشرطة التى جاءت على عجل.. قيده الشرطى ثم جثا بركبته على رقبة الرجل لفترة طويلة حتى اشتكى الأخير من عدم قدرتة على التنفس ولكن الضابط أجاب ساخرا: ما دمت تستطيع التحدث فتستطيع التنفس.. كان زملاؤه من الشرطة يحيطون به وطبقا للتسجيلات الصوتية استشعر احدهم الخطر واعرب باستحياء عن قلقه، ولكن الضابط لم يعره اهتمامًا.. اخيرا لفظ الرجل أنفاسه.. سجل أحد المارة بهاتفه المحمول ما جرى.. وهكذا أجج مقتل جورج فلويد أكبر مظاهرات غاضبة شهدتها الولايات المتحدة فى العقود الخمسة الماضية.

فى الظروف العادية، كان يمكن تفسير هذا الحادث بإساءة استخدام السلطة والقتل الخطأ من قبل الشرطى ويثير قدرا ما من الغضب المجتمعى الذى يهدأ بمعاقبة الجاني.. ولكن الواقع ان الولايات المتحدة كانت قبل الحادث أشبه ببرميل من البارود ينتظر عودا من الثقاب، وجاءت واقعة جورج فلويد لتشعل الموقف. بدأت المظاهرات بمدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا حيث وقع الحادث وانتقلت كالنار فى الهشيم إلى معظم الولايات الأمريكية ثم طالت أبواب البيت الابيض مما دعا الرئيس الامريكى إلى ان يدخل مخبأه المحصن تحت الارض ويمكث فيه لساعة كاملة..

مثل كل المظاهرات السلمية، تتسلل قلة مخربة لإشاعة الفوضى والنهب.. والنظام الحكيم هو الذى يفهم أصل المشكلة ويلم الشمل ويتعامل بحسم وسرعة مع أسباب الغضب بالتوازى مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المجتمع من العنف والتخريب.. لكن رد فعل الرئيس الامريكى المولع دوما بالمعارك كان أبعد ما يكون عن ذلك، ففى كل مرة يظهر فى حديث أو يكتب على تويتر يكون كمن يلقى زيتًا على نارا مشتعلة.. فمرة يهدد: عندما تبدأ السرقات، سيبدأ إطلاق النار، وتارة يخاطب المتظاهرين أمام البيت الابيض: إذا اقتربتم من السور فستحييكم كلاب مفترسة وأسلحة لم تروها من قبل، وتارة أخرى يخاطب حكام الولايات متهما إياهم بالضعف وعدم السيطرة ومهددا بدخول الجيش لاستتباب الأمن.. وهكذا زادت حدة المظاهرات بدلا من ان تهدأ.. الأمر الذى دعا رئيس الشرطة باحدى المدن إلى ان يوجة رجاء للرئيس الامريكي: سيادة الرئيس: إذا لم يكن لديك ما تقوله، فاصمت.. هذه ليست معركة للسيطرة وانما هى معركة لكسب القلوب والعقول.. نحن لسنا فى هووليود.. وعليك ان تفهم الفارق بين التعاطف والضعف.. أعرب عدد من حكام الولايات عن قلقهم من خطاب الرئيس الهجومى الذى يفرق الشمل بدلا من ان يجمعه وأكدوا انه دستوريًا لا يمكن نزول الجيش بدون موافقة حاكم الولاية.. لكن الصفعة الكبرى جاءت من وزير دفاعه الذى أعلن فى مؤتمر صحفى تعاطفه مع المتظاهرين السلميين وانه لا يؤيد تفعيل قانون التمرد ونزول الجيش النظامى للشارع بل قدم توضيحا وشبه اعتذار عن وجوده مع الرئيس فى الصورة التى التقطت أمام الكنيسة ويمسك بها الرئيس الانجيل بيده ويخاطب الأمة فى أشارة رمزية ان الله معه وليس مع المتظاهرين ومتملقا مؤيديه من اليمين الإنجيلي.. لا يزال الموقف مشتعلا ولكن الأكيد ما قالتة الطفلة جينا ابنة جورج فلويد: أبى غير العالم.


لمزيد من مقالات أحمد حسين قنديل

رابط دائم: