لم يعد هناك أدني شك في أن إثيوبيا تحاول بالمماطلة والمراوغة تفريغ الجولة الأخيرة من المفاوضات من أهم مضامينها ومن صلب مقاصدها دون أن تتحسب لما يمكن أن يترتب علي ذلك من تداعيات بدليل أن وزارة الري الإثيوبية خرجت علينا أمس الأول "الأحد" ببيان تقول فيه: إن أديس أبابا ستلتزم بأي اتفاق يتم إبرامه مع مصر والسودان بشأن قواعد الملء والتخزين خلف سد النهضة... ثم أتبعت الخارجية الإثيوبية بيانها بالقول: إن إثيوبيا ترفض أي ضغوط عليها باسم وجود معاهدات قديمة تعود لحقبة الاستعمار ولم تكن أديس أبابا طرفا فيها!
يا سبحان الله صورة تكاد تتكرر وحكاية تعاد روايتها بسيناريوهات المراوغة نفسها التى اتبعتها إثيوبيا لأكثر من 5 سنوات حتي انكشف الأمر تماما مع الهروب الفاضح من التوقيع علي مسودة الاتفاق في واشنطن مع مطلع هذا العام وسحب موافقتها المبدئية علي كل النقاط التي تم التوافق عليها بين الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا" وبمشاركة ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير.
ماذا يعني هذا الكلام... إنه يعني بوضوح أننا أمام محاولة جديدة للمراوغة وكسب الوقت من خلال خلط الأوراق لأن لعبة الادعاء بعدم مشروعية المعاهدات والاتفاقيات التي جري توقعيها خلال الحقبة الاستعمارية معناها فتح أبواب جهنم علي القارة بأسرها، حيث الأمر لا يتعلق باتفاقيات الأنهار فقط وإنما هناك ــ أيضا ــ معاهدات ترسيم الحدود بين مختلف دول القارة... ومن يدري ما إذا كانت الأرض التي يقام عليها سد النهضة كانت ضمن الأراضي السودانية أو الخرائط المصرية!!!
إن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من المراوغة ومصر التي لم تفقد حتي الآن صبرها هي مصر التي لن تفقد إصرارها علي حماية حقوقها بحجج قانونية مؤكدة وبفهم دولي واسع لصحة مواقفها وبقدرة ذاتية يخطئ من يتعامي عن رؤيتها.
ثم يبقي السؤال هو: ما علاقة وزارة الري الإثيوبية بالمعاهدات السياسية التي هي من صلب عمل وزارة الخارجية والمؤسسات السيادية الإثيوبية.. أليس هروبها من الحديث عن المسائل الفنية المتعلقة بالملء والتخزين عنوانا إضافيا لرغبات المراوغة وكسب الوقت!!
خير الكلام:
<< يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً.. و يَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: