لم تتعلم المكسيك الدرس جيدا من الدول التى سبقتها، واذا نظرنا إلى السياسة التى يتبعها الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور فسنجد أنها لا تختلف كثيرا عن التصرفات «المستهترة» لنظيره البرازيلى جايير بولسونارو، فاستجابة الأول لانتشار الفيروس التاجى لا تعدو كونها «استجابة باهتة» لرئيس كان يدفع الناس، عبر مقاطع الفيديو، إلى النزول إلى الشوارع وممارسة حياتهم بشكل طبيعى فى وقت أغلقت فيه دول أوروبية أبوابها فى وجه الفيروس اللعين، ووصل تقاعسه إلى حد تطوع عصابات المخدرات لفرض حظر تجوال فى المناطق التى تخضع لسيطرتهم خوفا من انتشار العدوي. أما بالنسبة لقطاع الصحة فقد غرقت المستشفيات فى طوفان من الإصابات. ووفقا لأرقام وزارة الصحة العالمية تتجه المكسيك الآن لكسر حاجز الـ 129 ألف إصابة و15 آلاف حالة وفاة، وحوصر الأطباء بين نقص معدات الحماية وخطر الاعتداء عليهم من جانب المواطنين الذين يرون أنهم مصدر جلب للعدوي. وتقول منظمة الصحة العالمية إن ما يصل إلى 38% من العاملين الصحيين يعانون العنف الجسدى فى مرحلة ما من حياتهم المهنية، ولكن يبدو أن الفيروس التاجى قد فاقم هذا التهديد فى المكسيك، وهو ما دفع الأطباء والممرضات للقيام باحتجاجات عامة فى جميع أنحاء البلاد. خبراء الصحة يقولون إن المكسيكيين أكثر عرضة للخطر بسبب «وباءالأمراض المزمنة الناجم عن سوء التغذية»، مثل السكر والضغط والسمنة، إذ تفتخر بلاد «التاكو» وهى أشهر أكلة مكسيكية، بكونها واحدة من أعلى معدلات الإصابة بالسمنة فى العالم، ولكن بالطبع هناك أسباب أخرى ومنها أن تقديرات القطاع الصحى بشأن ذروة انتشار المرض لم تكن دقيقة، فقد استمر مسئولو وزارة الصحة فى إعلان نجاح الدولة فى تسطيح المنحني، على الرغم من عدم وجود أى تسطيح موثق نتيجة لعدم اجراء اختبارات كافية، وهو ما أعطى المكسيكيين «إحساسا زائفا» بالانتصار فى المعركة.
كما أن قلة البيانات أعطت للحكومة «رؤية غير مكتملة» عن مدى سوء تفشى المرض قبل أسابيع فقط من بدء تخفيف قيود الإغلاق، حيث أجرت المكسيك - التى يبلغ عدد سكانها أكثر من 125 مليون شخص، نحو 230 ألف اختبار فقط حتى الآن، وهو واحد من أدنى معدلات الاختبار فى نصف الكرة الغربي.
كورونا ليس الرعب الوحيد الذى يسيطر على البلاد الآن، فقد حذر مسئولو قطاع الأمن فى المكسيك من أن البطالة ستؤجج انعدام الأمن مع زيادة الجريمة. فمن المعروف أن المكسيك تحتل المركز الثانى بعد كولومبيا من حيث ارتفاع معدلات جرائم القتل، لكنها الأولى من حيث انعدام الأمن والأمان. والآن مع عزم الرئيس المكسيكى إعادة فتح البلاد تدريجيا لتدوير عجلة الاقتصاد، يتوقع خبراء الصحة إصابة 19 مليون شخص - نحو واحد من كل ستة مكسيكيين - بالفيروس التاجى بحلول شهر سبتمبر المقبل، مما يعنى أن «الذروة» لم تأت بعد!
رابط دائم: