الاكتفاء بما هو ظاهر من المشهد الأمريكى يغرِى بالتسرع بالقطع بأن ترامب سوف يخسر خسارة فادحة فى الانتخابات الرئاسية القادمة، لأن البادى على السطح أن فى مواجهته معارَضة صريحة ضخمة لم تتوقف منذ إعلان فوزه عام 2016، كما أن المنابر الإعلامية الكبرى صاحبة التأثير الرهيب، تبادله عداء علنيا، تجاهر به يومياً، كما أنه لم يتوقف بدوره عن الرد، بل إنه يبادر أحياناً بالهجوم عليهم، مما يبدد أى احتمال للتهدئة، أضف أيضا أنه لم تمر مناسبة إلا وخرجت ضده مظاهرات صاخبة، كان آخرها هذه الاحتجاجات المدوية بالملايين على عنف الشرطة المنظم ضد المدنيين الأبرياء. وأما ما يدعم موقف المعارضين فهو أن ترامب تجاوز كل الخطوط، ليس فقط فى سياساته المنقلبة على أمور كانت مستقرة داخلياً وخارجياً، ولم يبرأ منها الحلفاء التاريخيون لأمريكا، ولكن أيضا فى عدوانيته وفظاظته فى تعبيره عن مواقفه، بأساليب لم يمارسها رئيس أمريكى قبله!
كل هذا عن الظاهر. ولكن حسابات الفوز والخسارة فى الانتخابات أكثر تعقيدا مما يبدو على السطح، لأن العوامل الفاعلة القوية تعمل أحيانا فى الخلفية، وربما تتفق اتجاهات محصلتها مع الظاهر، أو ربما تختلف. وإذا كانت هذه قاعدة عامة موجودة فى كل انتخابات أخرى فى أى بلد آخر، فإنها أكثر تواجدا فى أمريكا وخاصة فى هذه الانتخابات! ويكفي، وعلى سبيل التذكرة، استعادة تجربة مشابهة، عندما كان دبليو بوش يسعى للفوز بمدة ثانية للرئاسة، عام 2004، بعد جريمته المروعة فى غزو العراق، وبعد توريطه لبلاده فى حرب فاشلة مستنزِفة فى أفغانستان، تحت شعار تصفية القاعدة وطالبان..إلخ. وكان الظاهر على السطح آنذاك هو المعارضة الرهيبة لدبليو بوش، إلا أنه فاز فى مفاجأة أذهلت العالم!
المستفيدون من ترامب، لا يهمهم إيحاءات خصومهم بالقوة، وهم أصحاب مصالح ضخمة، ولهم أياد تصل إلى أماكن بعيدة، وربما يحققون المفاجأة ويساعدون رجلهم على الفوز فى الانتخابات القادمة، خاصة أن الديمقراطيين يصرون على اقتراف أخطائهم التاريخية عندما يتوهمون أن عيوب منافسهم كافية وحدها لإنجاح مرشحهم.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: