رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
نقد ذاتى جزئى

نوادر هم السياسيون العرب الذين يملكون شجاعة كافية لمراجعة تجاربهم وإجراء نقد ذاتى كامل عندما يعتزلون. ولكن أن ينقد السياسى تجربته جزئيا لهو خير من أن يبرر أخطاء أو خطايا، أو يلتزم الصمت. السياسى اللبنانى محسن إبراهيم، الذى رحل عن عالمنا قبل أيام، أحد من امتلكوا شجاعة النقد الذاتى الجزئي، وليس الكلي. كان الراحل الكبير أحد أبرز نجوم السياسة العربية بين خمسينيات القرن الماضى وثمانينياته. ومثل كثير من القوميين العرب الذين اتجهوا إلى الماركسية، إثر صدمة هزيمة 1967 التى دمرت حلمهم القومي، حافظ إبراهيم على الحلم القومى فى داخله، وبقيت قضية فلسطين محور هذا الحلم عنده. أسس، عقب مغادرته تلك الحركة، منظمة الاشتراكيين اللبنانيين التى اندمجت مع حزب لبنان الاشتراكى عام 1970 لإنشاء منظمة العمل الشيوعى عام 1970. منظمة صغيرة لم تختلف عن الأحزاب الشيوعية العربية إلا فى أنها كانت أقل جمودا وارتباطا بموسكو، ولكنها لعبت دورا أكبر من حجمها بفضل قدرات مؤسسها وطاقته الوفيرة فى العمل والحركة، الأمر الذى أهله للمشاركة فى بناء النواة الأولى لحركة المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل. لا يعرف كثير ممن وعوا ما حولهم, فوجدوا هذه المقاومة مرتبطة بحركة أمل ثم حزب الله, أن إبراهيم هو مؤسسها الأول، إبان الاحتلال الإسرائيلى للبنان عام 1982، مع جورج حاوى الأمين العام للحزب الشيوعى اللبنانى حينذاك. فقد وقعا معا البيان الأول لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. ولكن إبراهيم, الذى أغفل فى مراجعاته الكثير من أخطائه, لم يقدم تفسيرا لتراجع هذه الجبهة وانحسارها السريع، مثلما لم يراجع تجربته فى مواجهة الصهيونية منذ بدايتها عندما ألف مع هانى الهندى كتاب: إسرائيل .. فكرة حركة دولة, الذى خلط بين الصهيونية واليهودية, وحتى تخليه عن فكرة المقاومة وتسليمه بالأمر الواقع فى فلسطين. كما جاء نقده الحركة الوطنية اللبنانية، التى كانت أحد طرفى الحرب الأهلية 1975-1989, جزئيا. فقد ركز على أن تلك الحركة حملَّت لبنان من الأعباء المسلحة لقضية فلسطين فوق ما يحتمل، ونسى أخطاء كبيرة ارتكبتها, أو ربما آثر أن يتناساها.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: