رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
والله زمان يا كيسنجر!

لم يتعرض سياسى للهجوم الكاسح والإشادة المبالغ فيها، كهنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى ومستشار الأمن القومى الأشهر بالسبعينيات. مصاب بجنون العظمة ومجرم حرب تسبب بمقتل مئات الآلاف خلال حرب فيتنام، كما يجزم كثيرون، لكنه نموذج لعبقرية سياسية نادرة، يرى آخرون.

فى زمن تلاشت فيه أحلام التغيير الكبرى وفقدت أمريكا ألقها وسمعتها السياسية والأخلاقية وعادت لعزلتها، يجرى استدعاء كيسنجر( 97 عاما)، وسياساته لعلها تنقذها من المصير المخيف الذى ينتظرها والعالم إذا تواصلت سياسات ترامب الهوجاء.

حتمية المأساة.. كيسنجر وعالمه، كتاب جديد للصحفى بارى جوين، يرى أن خلاصة فلسفة كيسنجر تكمن فى أن الخيارات المتاحة ليست بين الأخيار والأشرار بل بين السييء والأقل سوءا، وبالتالى من الضرورى تبنى سياسة واقعية لتحويل التنافس بين القوى العظمى لمنافع متبادلة تحقق الاستقرار. حدث ذلك فى اتفاقيات فض الاشتباك برعاية كيسنجر عقب حرب أكتوبر المجيدة ومفاوضات إنهاء حرب فيتنام. ويجادل المؤلف أن ظروف أمريكا الحالية تشبه السبعينيات. فى الحالتين، هى دولة منهكة دوليا ومأزومة داخليا. الفارق أن نخبة السبعينيات، وفى مقدمتها نيكسون وكيسنجر، لم تفكر بالانتصار بل مجرد البقاء. أما فى عصر ترامب، فهاجسه الأكبر سحق المنافسين خاصة الصين مما سيؤدى، كما يقول رئيس الوزراء الاسترالى الأسبق كيفن رود، ليس لانتصار أحد بل فوضى دولية كبرى.

لم يعد هناك تأثير لكيسنجر إلا عندما ينشر مقالا أو يقول تصريحا، وهذا أمر نادر، لكن جوين يعتقد أن أمريكا بحاجة الآن لأفكاره وغرائزه لتشق طريقها عبر عالم لا يسير بشكل جيد ولن يسير. الديمقراطية، كما يقول الصحفى مايكل هيرش، تغرق وتخفق حتى بأمريكا، والثقة بالحلفاء تلاشت، والمؤسسات الدولية لم يعد لها مكان على الطاولة، والرأسمالية أنتجت عالما يسوده الظلم. هناك حاجة لسياسيين لا يحلمون بل يحاولون منع غرق السفينة.

هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل العالم بحاجة لكيسنجر، كما احتاج مترنيخ مستشار النمسا عقب حروب نابليون مطلع القرن 19، وهل سنتحمل الكوارث التى سببها كيسنجر جنبا إلى جنب مع مواهبه السياسية والتفاوضية؟

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام

رابط دائم: