إذا كان هناك من يتصور أن مصر على استعداد للقبول بأى تهديد لأمنها القومى المرتبط بأمن واستقرار ليبيا فهو يعيش فى وهم كبير... تلك حقيقة مجردة وصريحة ومختصرة وقاطعة لا مجال فيها لأى نقاش وليست مطروحة للمساومة.
أقول ذلك استنادا لما أعرفه عن بنود الكراسة الاستراتيجية للأمن القومى المصرى وهى بنود لا تتغير ولا تتأثر بأية متغيرات يمكن أن تطرأ على خريطة المشهد العام من نوع ما وقع من تطورات تكتيكية على الأرض الليبية فى الفترة الأخيرة نتيجة فجاجة وسفور التدخل العسكرى التركى الداعم للفصائل الإرهابية فى الغرب الليبى مما أدى إلى زيادة الغموض وإثارة العديد من المتناقضات وطرح العديد من علامات الاستفهام والاستغراب والتعجب حول مواقف العديد من القوى الدولية الكبرى التى أصابها الخرس وهى تشهد انقلابا على الأرض يعزز مؤقتا من قوة وقدرة الإرهابيين الذين ازدادت أعدادهم وقويت شوكتهم بعد استجلاب تركيا لعشرات الآلاف منهم ودون تحسب لما يمثله ذلك من تهديد مباشر لدول الجوار ولدول الاتحاد الأوروبى التى تتواجد على الضفة الأخرى للبحر المتوسط قبالة الساحل الليبى وتمثل تهديدا صريحا ومباشرا للأمن الأوروبى، سواء من ناحية إعادة فتح بوابات الهجرة غير الشرعية أو تسلل الإرهابيين مجددا للساحة الأوروبية!
والحقيقة أن إعلان القاهرة الذى تضمن مبادرة متوازنة للحل السياسى كان بمثابة رسالة للجميع قبل فوات الأوان مفادها أن طريق الحل واضح استنادا إلى بنود الاتفاقات والتفاهمات الدولية السابق إقرارها بشأن الوضع الليبى بدءا من اتفاق الصخيرات ووصولا إلى نتائج مؤتمر برلين ومن ثم فإن مصر ستمضى فى طريق السعى لتأمين حدودها الغربية وضمان الحقوق المشروعة للشعب الليبى مهما تكن الاحتمالات.
ويخطئ من يظن أن توقيت الدعوة لإعلان القاهرة برعاية الرئيس السيسى ومشاركة الزعيمين الليبيين حفتر وعقيلة الذى ينص على وقف إطلاق النار جاء مرتبطا فقط بما جرى من تطورات تكتيكية فى الغرب الليبى وإنما كانت مصر تسعى فى هذا الاتجاه وبقوة ومن ثم كان حرصها على لم الشمل الليبى بدءا بتوحيد الرؤية بين مبادرة البرلمان الليبى وبين خطة عمليات الجيش الوطنى الليبى بالارتكاز على القاسم المشترك بينهما حول الهدف الأساسى وهو تطهير ليبيا من الإرهابيين والمرتزقة كخطوة أولى لضمان الحل السياسى الذى يؤكد وحدة التراب الليبى وعدم إقصاء أى فصيل سياسى وإعادة توزيع الثروة الليبية توزيعا عادلا فى إطار الفهم لأن معركة إعادة بناء ليبيا هى المعركة الأعمق والأهم!
خير الكلام:
<< القرار الحاسم لا يدع مجالا للتردد أو التراجع!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: