مقابل التقديرات التي تشير إلي أن تدابير احتواء COVID-19 ستؤدي إلي انخفاض فوري في نمو الناتج المحلي الإجمالي من 3.2 ٪ إلي 1.8٪ عام 2020، مع المزيد من الآثار السلبية، يظهر التحدي الكبير الذي يواجه الجامعات المصرية ودورها المهم في التخفيف الاجتماعي والآثار الاقتصادية، والمطلوب في هذه المرحلة مساهمة «أكبر بكثير» منها في البحث والتطوير تغذي نشاط القطاع الخاص بدعم من الدولة.
البداية أن الجامعات نفسها تحتاج إلي الابتكار لتكون أكثر استباقية في الاستجابة للاحتياجات الفورية، وهذا لا ينطبق فقط علي البحث، ولكن أيضًا علي مستوي مهارات خريجيها، ومن الضروري «الإصلاح الهيكلي» لها لتجاوز الاضطرابات الناجمة عن الوباء، بتشجيع إنشاء حاضنات الأعمال داخلها لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ونقل المهارات المفيدة بين العاطلين عن العمل وتقديم الخدمات الاستشارية، وبالرغم من أن العديد منها تستخدم بالفعل مواردها وخبراتها لمساعدة الصحة العامة والاستجابات الاجتماعية في مواجهة «كورونا»، فإنه يجب توسيعها، كما يجب مساهمة تخصصات التخطيط الحضري والصحة العامة وأساتذة السياسة التي تأخذ في الاعتبار احتياجات السكان المعرضين للخطر.
إن الجامعات المصرية اليوم بحاجة إلي إعادة تصور إيصال المعرفة من خلال التعلم عبر الإنترنت للسماح للطلاب بدخول وضع العمل الجديد، وفي هذا الشأن يجب الاستماع إلي أصوات الشباب حول احتياجاتهم واهتماماتهم مع الاسترشاد بالتطلع إلي أجندات طموحة تسعي إلي الحصول علي نسب عالية من الخريجين في موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، أما الدور المهم الذي يجب أن تلعبه، فهو التأثير علي السياسة، وصياغة الاستجابات الفعالة لـ COVID-19 ــ بما في ذلك التداعيات الاقتصادية، ويتطلب ذلك الاعتماد علي ما تعلمناه من الماضي والتحليل الدقيق للآثار المترتبة علي خيارات السياسة في الوقت الحاضر، فيمكن للمؤرخين توثيق كيفية تعامل الناس مع الحوائج والأوبئة السابقة، ويمكن للاقتصاديين وعلماء الاجتماع استكشاف العواقب المرجوة وغير المقصودة المحتملة للسياسات، وتقديم الدعم للشركات المولدة للعمالة وأفراد المجتمع الأكثر ضعفاً وقت الأزمة, هذا؛ ويمكن لعلماء السياسة المساعدة علي فهم مدي فعالية الاستجابات الحكومية التي صيغت في الماضي، وما يعنيه ذلك في الأزمة الحالية، ويمكن للمدارس العلمية مساعدة واضعي السياسات علي فهم أكثر الطرق فعالية لتقديم التعليم عن بعد في أثناء إغلاق المدارس والجامعات.
يبدو أن الأسئلة التي نحتاج إلي إجابات عنها الآن عن المرض وآثاره الصحية والاقتصادية كثيرة ومتنوعة، وتختلف من بلد إلي آخر معتمدة علي المعرفة والخبرات البحثية.
إن قوة الجامعات تكمن في قدرتها علي أداء دور في «رفع مستوي الفرص» بين الفئات الاجتماعية المختلفة، فلا يمكن لها أن تحل بشكل واضح الآثار الاجتماعية والاقتصادية العميقة لوباء فيروس كورونا بمفردها، ولكن بالعمل مع الحكومة والشركات من خلال سياسات وممارسات مستنيرة، وأن «تعيد تأهيل الناس وهم يتعافون»، ويجب أن يلعب التعليم دوره في رفع مستوي الفرص، فأصداء الأزمة علي المدي الطويل يمكن أن تؤدي إلي تفاقم الانقسام في فرص الحياة بين الفقراء والمميزين، وما لم تتمكن الجامعات من المساعدة في معالجة أوجه عدم المساواة هذه، فإننا سنواجه عصرا من انخفاض الفرص.!
د. حامد عبد الرحيم عيد
أستاذ بعلوم القاهرة
رابط دائم: