رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

محاصرة «الكـاش» !

تحقيق ــ على شيخون

رئيس اللجنة الاقتصادية بالنواب: وقف التعامل بالأوراق النقدية خلال 4 سنوات وتحصيل مستحقات الدولة لتقليل الفجوة التمويلية

وكيل لجنة الخطة والموازنة بـ«النواب»: سيزيد إيرادات الدولة تريليون جنيه ويحارب الفساد والبيروقراطية ويكافح التهرب الضريبى

اتحاد الصناعات: يضاعف حصيلة الضرائب .. ولابد من وجود صيغة لإجبار الموردين على التعامل البنكى مع المصانع

وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق: الميكنة ضرورية .. ومطلوب حلول لمعالجة الأمية ومواجهة مجموعات المصالح والتشريعات العتيقة

 

تمويل الإرهاب وتجارة السلاح والآثار والمخدرات والتهرب الضريبى قضايا شائكة عانى منها المجتمع طويلا ... هذه الأعمال غير المشروعة انتعشت وكان أصحابها يتعاملون بعيدا عن أعين الدولة بسبب التعامل بالنقود، أى بـ»الكاش».

فمن المتعارف عليه أن أى تاجر من هؤلاء يقوم بتجهيز حقيبة النقود المحشوة بالملايين مقابل الحصول على البضاعة رأسا .. الأمر الذى دعا الدولة إلى التفكير فى محاصرة هذه الأعمال بوقف التعامل بالكاش، ومن ثم مضاعفة حصيلة الضرائب وتوفير نفقات إصدار وطباعة وتأمين الأوراق النقدية، ومحاربة الرشوة والفساد بكل أنواعه على حسب الخبراء والمسئولين، وكذلك تسهيل إنهاء المعاملات مع الجهات الحكومية والمؤسسات المحلية والدولية.

هذه بعض أهداف قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى الذى صدر مؤخرا ويتزامن تطبيقه مع منتصف العام الحالي.

هذه التفاصيل وغيرها نناقشها مع رجال الصناعة والخبراء والمصرفيين فى التحقيق التالي..

فى البداية يقول أحمد سمير رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب إن العالم كله لا يستخدم الدفع الكاش إلا فى أضيق الحدود، وقد أصدرت مصر قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى العام الماضى والذى استغرق قرابة عام من الدراسات قبل صياغته منذ تبنى البنك المركزى فكرته، وعرضها على المجلس القومى للمدفوعات فى اجتماعه الأول فى 3 يونيو 2017 برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى كلف المركزى ووزارة العدل بإعداده، بهدف التحول تدريجيا إلى مجتمع غير نقدى متفق مع المعايير الدولية، ويراعى أيضا خصوصية الحالة المصرية، لذلك فهذا القانون ليس بدعة وإنما اتجاه عالمى يهدف إلى التيسير على المواطنين فى سداد التزاماتهم، وتسهيل انتقال الأموال بكفاءة وفاعلية ودقة، بشكل يفوق الكاش بمراحل، والمساهمة فى الحد من الفساد، بأن تتم جميع التعاملات المالية بشكل مرئى للدولة، وأيضا للقضاء على البيروقراطية، والحماية من عمليات النصب وغسيل الأموال والتجارة غير المشروعة، وإحكام الرقابة على المتحصلات الحكومية، وخطوة رقابية من خلال السيطرة على المستحقات الموردة للدولة والتغلب على الثغرات التى تسمح بالتلاعب فى موارد الدولة بالتسريع من تحصيل الإيرادات بما يساعد على إدارة الدين العام بشكل أفضل وتقليل الفجوة التمويلية بنسبة حوالى 35%، مما يقلل أيضا من الفجوة بين المصروفات والإيرادات، كما يتيح لوزارة المالية سيولة أكبر فى أى وقت من العام لتستخدمها فى إنشاء المشروعات وتمويل الدعم .. إلخ.

ويضيف رئيس اللجنة الاقتصادية بـ»النواب» إن القانون بدأ تطبيقه العام الماضى بسداد المدفوعات الحكومية كفواتير الكهرباء والغاز والمياه والمرور والاتصالات للمبالغ الأكثر من 500 جنيه باستخدام كروت موحدة والتعليم، مشيرا إلى أن تنفيذ المنظومة بالكامل يستلزم على الأقل ثلاث سنوات، وذلك لتوفير البنية التحتية اللازمة والوعى الكامل لدى الجميع بأهمية النظام له وللدولة، وبحسب القانون فإنه «يُعاقب بغرامة لا تقل عن واحد فى المائة من قيمة المبلغ المدفوع نقدًا، ولا تتجاوز مليون جنيه، كل من خالف القانون، أو قام بتجزئة المدفوعات»، وتتضاعف الغرامة فى حالة العودة، على أن تؤول حصيلة الغرامات إلى حساب مخصص ضمن حساب الخزانة الموحد لوزارة المالية، يخصص لدعم جهود توفير البنية التحتية لوسائل الدفع غير النقدى بالجهات الحكومية، ورفع وعى المواطنين بهذه الوسائل.

ومن الإجراءات التى قامت بها الدولة مؤخرا فى إطار البنية التحتية مشروع قانون جديد للبنك المركزى يشمل بابا كاملا عن أساليب الدفع الجديدة وأوامر الدفع وغيرها من الأمور التى كانت تطبق بدون قوانين تعتمد فقط على قرارات وأوامر، وهذا المشروع معروض حاليا على مجلس الدولة لمراجعته تمهيدا لإصداره، والصورة النهائية هى أن يكون لدينا اقتصاد قائم على الشفافية والعدالة بدلا من الوضع غير الطبيعى الموجود حاليا والذى يعتمد بالكامل فى إيراداته على الاقتصاد المنظم، والنصف الآخر من الاقتصاد والمسمى «الاقتصاد الموازي» يحصل على جميع المزايا من بنية تحتية وتعليم وخدمات، ولا يدفع حق الدولة، وإذا كان السبب فى ذلك سابقا هو عدم وجود تشريعات تجذب وتشجع الاقتصاد الموازي، فإن الدولة ستضع جميع الإمكانات والتشريعات المحفزة.

يقلل الفساد

ويشير ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إلى أن التحولات والمتغيرات العالمية فرضت علينا تلك الأنظمة، وهو بالإضافة إلى أنه يقلل الفساد ويسهل التعامل مع الجهات الحكومية، فإنه سيحدث قفزة للاقتصاد الوطنى وسيزيد دخل الدولة بأكثر من تريليون جنيه، وذلك من خلال أمور عديدة، منها إجبار الاقتصاد الموازى الذى يصل حجمه إلى أكثر من نصف الاقتصاد الرسمي، وأيضا ضبط جزء كبير من الذين يتعاملون فى الأسواق بدون فواتير أو بفواتير مضروبة، بالإضافة إلى أن الاقتصاد سيصبح قائما على أسس علمية وأرقام دقيقة تشجع على جذب الاستثمار الأجنبى للدخول وبقوة فى مشروعات عملاقة قائمة على دراسات واقعية للسوق المحلية لأول مرة، مع الأخذ فى الاعتبار أن كل الأنظمة التى يتم تطبيقها واتباعها فى إطار الإصلاح الاقتصادى تواجه نوعا من الرفض والتحديات فى بداية تطبيقها، وهو ما يحدث فى التحول الرقمي، وللاستغناء بقدر الإمكان عن التعامل بنظام الكاش ولنجاح المنظومة نحتاج إلى الاهتمام بالبنية الأساسية، بداية بتوفير عدد أكبر من ماكينات الصرف الآلى وفروع للبنوك فى الأقاليم والقرى وتحفيز جمع فئات الشعب، على أن يكون لكل مواطن حساب فى البنك.

قفزة قوية

ويرى منير الزاهد الرئيس الأسبق لبنك القاهرة والخبير المصرفى أن تحول الاقتصاد إلى نظام الدفع الإلكترونى والذى تحقق بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئاسته للمجلس القومى للمدفوعات أعطى دفعة قوية للاقتصاد المصرى غير مسبوقة، فالسداد الإلكترونى للضرائب يزيد من الحصيلة ما يقرب من 8%، وهذا يتمثل فى الشيكات المرتدة وكفاءة وسرعة التحصيل، كما أنه يوفر تكاليف إصدار وطبع وتداول وتجديد «البنكنوت» أو العملات الورقية، ويجنب المواطنين الأمراض التى يمكن أن تنتقل من تلك العملات، ناهيك عن الوقت الذى يضيع فى تحصيل تلك الأموال وتكاليف نقلها وتأمينها، مما يوفر عدد الموظفين، وبالتالى يقلل التكلفة، ويضيف أن حجم التعاملات الإلكترونية بالسوق يمثل نسبة 35% منها قرابة 20% ضرائب والباقى مقابل الخدمات الحكومية كفواتير الكهرباء والتليفون وغيرها، أما بالنسبة للفوائد التى تعود على المواطن فإنها عديدة تشمل زيادة كفاءة المعاملات البنكية، فمن لديه إنترنت بنكى يمكنه أن ينهى المعاملات فى قرابة الساعة بدلا من إنهائها خلال أيام بالنظام التقليدي، مع محاربة الرشوة التى يحصل عليها بعض الموظفين من المواطنين لإنهاء وتسهيل الخدمات، وبالنسبة للقروض متناهية الصغر يمكن من خلال تطبيق «محفظة الموبايل» سداد الأقساط من خلال المحمول، بل والحصول على القروض بالاستفادة من التطبيق الإلكترونى «إعرف عميلك»، وهو تطبيق متصل بهيئة السجل المدني، فعندما يتقدم العميل بطلب للحصول على القرض مرفق به صورة بطاقة الرقم إلى البنك، يقوم البنك بإرسال البيانات إلى السجل المدنى لمعرفة ما إذا كان العميل يمكنه الحصول على القرض من عدمه، وهى مرحلة تتبعها مراحل أخري، منها المتبع فى الصين على سبيل المثال، فهى تحتاج إلى تشريعات لإمكانية تطبيقها فى مصر، فقد أنشأت الصين بنوكا إلكترونية تقدم إليها طلبات الحصول على القرض من خلال تطبيق من التليفون المحمول الخاص بالعميل، ويتم الرد على الطلب خلال دقائق معدودة، وهو ما نستهدفه مستقبلا.

تصحيح المسار

ويضيف الخبير المصرفى منير الزاهد أن سياسات الإصلاح الاقتصادى التى اتبعها الرئيس السيسى كان لها تأثير قوى جدا لإحداث قفزة للاقتصاد الوطني، حيث بدأت بتحرير سعر صرف الجنيه، والذى صحح مسار العملات الأجنبية وضاعف الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى وشجع الصادرات والسياحة، وساعد بالتالى على تحسين ميزان المدفوعات، الأمر الذى ترتب عليه منح شهادة ثقة من قبل مؤسسات التصنيف العالمية والتى جعلتنا نستطيع الحصول على قرض من البنك الدولى وهو القرض الذى يمثل شهادة ثقة أخرى فى الاقتصاد المصري، وهو ما يشجع على جذب الاستثمار الأجنبى ويزيد القدرة على طرح سندات دولارية طويلة الأجل للمساعدة فى سداد الديون الخارجية قصيرة الأجل التى حصلت عليها مصر من بعض الدول بعد أحداث 25 يناير، والأهم مما سبق، إعادة هيكلة القطاع المصرفى خلال الفترة من 2013 حتى 2017، ليصبح قوة ضاربة ومن أقوى القطاعات المصرفية فى المنطقة والعالم، وذلك لأنه أصبحت لديه من القدرة المالية ما يستطيع من خلاله مساندة السوق والدولة فى وقت الأزمات، على عكس ما يحدث فى البنوك الأوروبية والأمريكية، والتى تلجأ إلى حكوماتها لطلب المساندة وقت الأزمات، كما ان إسهامات القطاع المصرفى فى المساعدات الإنسانية ضخمة جدا، بالإضافة إلى تعدد الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء ونسب السيولة المتوافرة لديها وحجم الفروع المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، كما أن البنوك على استعداد كامل للتعامل مع النظم الحديثة ولديها برامج متعددة للشركات والأفراد ولكل الناس بمختلف دخولهم، وتشير البيانات والأرقام المتاحة إلى أن عدد فروع البنوك التى تعمل فى مصر تتجاوز حالياً نحو أربعة آلاف فرع، فيما يبلغ عدد ماكينات الصرف الآلى «إيه تى إم» نحو 13 ألف ماكينة موزعة على جميع أنحاء الجمهورية.

المستفيد الأول

ولأنه من أكبر القطاعات التى قيل إنها متضررة من إلغاء التعامل بالكاش، التقينا مع المهندس محمد البهى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية، الذى بادرنا بالقول إن القطاع الصناعى المنظم هو أكبر القطاعات استفادة من قرارات وزارة المالية والبنك المركزى المتعلقة بوقف التعامل بالكاش فى الأسواق، وذلك لأن هذا الأمر سيجبر القطاع غير الرسمى أو ما يعرف بالسوق الموازى على الدخول فى الشرعية، وهو القطاع الذى لا يخضع لرقابة الدولة على الإطلاق ولا يدفع ضرائب، وإنتاجه فى الغالب غير مطابق للمواصفات، ويشمل مصانع «بير السلم» وقرابة 1200 سوق منتشرة فى مختلف المدن لا تتعامل بالفواتير والاستيراد العشوائي، بل تعتمد على الفواتير المضروبة، وكذلك الباعة الجائلون، وأصحاب مصانع «بير السلم» وأسواق السيارات والعقارات والأراضى الزراعية التى تتعامل بتوكيلات عرفية، ويكفى أن تعلم أن لدينا قرابة 30 مليون عقار، المسجل منها نحو 2% فقط، بالإضافة إلى تجار الخضر والفاكهة والحاصلات الزراعية الذين لا يتعاملون بالفواتير، وغير ذلك من أشكال السوق غير الرسمية، والتى تمثل ما يقرب من 60% من حجم الاقتصاد الكلى البالغ حجمه 12 تريليون جنيه تقريبا، أى أننا نتحدث عن سوق موازية غير رسمية حجمها يقارب من 7 تريليونات من الجنيهات لا يدفع عنها ضرائب، وللأسف، فإنه عند التحدث عن زيادة حصيلة الضرائب، فإن القائمين على الأمر بوزارة المالية يركزون فقط على الاقتصاد الرسمى الذى يدفع بالفعل ضرائب، دون النظر إلى القطاع غير الرسمى والذى يتهرب من سداد التزاماته بالكامل، والتى تقدر بقرابة 900 مليار جنيه، لتكون الحصيلة الاجمالية للضرائب تقترب من 1500 مليار جنيه، وهذا يغنينا عن الاقتراض الداخلى والخارجي، ويوفر لنا الموارد المالية المطلوبة للارتقاء بخدمات الصحة والتعليم والسكان والبنية التحتية، فى حالة إحكام الدولة تعاملات الكاش وضبط السوق بشكل حاسم وتحقيق ميكنة الدفع بقوة القانون على الجميع.

ويرى رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات أن المشكلة تكمن فى رفض الموردين للقطاع الصناعى من تجار الجلود والألبان والحاصلات الزراعية والخردة واللحوم وغيرهم التعامل البنكى مع المصانع وتفضيلهم التعامل الكاش، ولديهم مقاومة شديدة للنظام المميكن، ويرجع ذلك إلى ثقافة متوارثة لديهم منذ عهد التأميم فى الستينيات أو لرغبة البعض فى التهرب من الضرائب، لذلك كان يجب على الدولة وضع صيغة لإجبار هؤلاء على التعامل بالفواتير أو الشيكات البنكية، ولابد من تشديد العقوبات لإلزام الجميع على التعامل من خلال البنوك وتقليل الكاش، وقد تقدمنا بطلبات لجميع وزراء المالية السابقين بإلزام تجار التجزئة على اعتماد المستند البديل، لأن الضرائب لا تعترف إلا بالشكل الموحد التقليدى للفاتورة الضريبية، بالرغم من أن جميع دول العالم تعترف بالفواتير، حتى تلك التى تخرج من ماكينات «الكاشير» فى المحال وأسواق السوبر ماركت.

مواجهة غسيل الأموال

ويرى الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية أن الدفع الإلكترونى جزء من الشمول المالى المتبع فى الدول المتقدمة، والاعتماد على الدفع الإلكترونى يحقق العديد من المزايا منها تنشيط الاقتصاد، لأن البطاقات الائتمانية «الفيزا» تعطى ميزة لحامليها للشراء بقيم أكبر مما فيها من رصيد، الأمر الذى يؤدى إلى تنشيط الاقتصاد، ويساعد على مكافحة عمليات غسيل الأموال التى تستخدم نظام الدفع الكاش الناتجة عن تجارة المخدرات والسلاح والآثار، وغيرها من القنوات غير المشروعة المعروفة بعيدا عن البنوك، فعلى سبيل المثال، يكون هناك شخص لديه أموال غير مشروعة، وفى هذه الحالة يقوم بشراء عقارات أو أصول كالمصانع بقيم أعلى من المعروض بها بقرابة 10% ودفع ثمنها «كاش»، وبعد تسجيل العقد بأشهر يعيد بيع تلك الأصول بقيمة أقل من سعر الشراء بنسبة 10% تقريبا، ولكن بشرط أن توضع فى حساب مصرفى بالبنك، سواء من حساب إلى حساب أو بشيك مصرفي، ومن هنا، فالتعامل الكاش يوفر فرصا كبيرة للفساد وغسيل الأموال وتمويل العمليات الإرهابية وتجارة السلاح، ولذلك فمحاربتها مهمة وطنية، كما أن التعامل من خلال البنوك يعنى توافر السيولة بشكل أكبر لتمويل رجال الأعمال والمشروعات الاستثمارية المختلفة، وبالتالى تنشيط الاقتصاد الوطني.

وردا على سؤال حول أسباب وجود من يرى أن التعامل مع البنوك غير مضمون ويفضل الاحتفاظ بأمواله «كاش» بالمنازل، كالمزارعين مثلا، يجيب الدكتور رشاد عبده قائلا إنه ليست أمامنا بدائل أخري، وعلينا القيام بتكثيف الحملات الإعلامية من جانب الحكومة والقطاع المصرفى لتغيير ثقافة المجتمع للاتجاه بأسرع ما يمكن للدفع الإلكترونى بعيدا عن الدفع الكاش، لأن أى أمر جديد لابد أن يواجه بشيء من الرفض فى البداية، وهناك من ينظر إلى البنوك على أنها خاصة بطبقة من المجتمع يطلق عليها طبقة «البهوات»، وهو إحساس قديم، خاصة أن البنوك قديما عندما كان يتم بناؤها كانت تشيد كالمعابد وتعطى لمن يدخلها إحساسا بالرهبة، والبعض أيضا أطلق شائعات بأن أموال البنوك ربوية ويحرم التعامل بها، وأن البديل وضعها فى شركات توظيف الأموال والتى تعطى أرباحا أكبر من البنوك، وذلك لاستغلال طمع البعض، ولكن فى النهاية، تتم سرقة تلك الأموال من هؤلاء البسطاء.

معوقات التطبيق

ولأنه كان وزيرا سابقا للتموين والتجارة الداخلية، فقد سألنا الدكتور جودة عبد الخالق عن مدى إمكانية تطبيق المنظومة على قطاع التجارة الداخلية، فقال: إننا فى حاجة إلى هذا النظام، وهو من حيث المبدأ أو فى المطلق أمر لابد من السير فى تحقيقه، مع الأخذ فى الاعتبار أن لدينا معدل أمية لا يقل عن 26% لا يستطيع أصحابه التعامل مع خدمات الإنترنت، بالإضافة إلى أن إمكانات وسرعة شبكة الإنترنت التى لدينا ثبت عدم فاعليتها خلال الأسابيع الماضية خلال رفع طلاب المدارس للأبحاث، وقبلها الامتحانات.

أمر آخر أشار إليه الوزير الأسبق للتجارة الداخلية، وهو أن هذا القطاع فى مصر له طبيعة متفردة وتحكمه جماعات المصالح وتجد فيه أحدث ما وصل إليه العصر من مولات تجارية إلى أسواق تعود للعصور الوسطى دون رقيب كأسواق «التلات» و»الخميس» و»الجمعة»، وغيرها من المنتشرة فى المحافظات، مرورا بأسواق الجملة فى العبور و6 أكتوبر والحضرة وغيرها.

ويقول أيضا: «طالبت بضرورة تغيير القانون وجعل الغرامات واقعية طبقا لدراسات دقيقة، ولكن للأسف لم يتم تغيير القانون، والأمر نفسه يحدث فى قطاع المخابز والذى يشهد نوعا من الفساد، فلدينا قرابة 25 ألف مخبز فى مختلف المحافظات، وهو ما يحتاج إلى جيش من المفتشين، بما يعنى تكلفة ضخمة، وقد طالبت وقتها بعمل كيانات كبيرة، وهى المخابز المليونية أو مجمع المخابز، فى كل محافظة، وتم بالفعل افتتاح عدد من تلك المخابز، ولكن تعميم الوضع كان يستلزم توجه دولة، وهو ما لم يكن متوفرا عام 2012 وقت أن كنت وزيرا، وقد قوبل الأمر بحرب من مجموعات المصالح، ولو كان قد تم تعميمه لكان قد وفر على الدولة مئات الملايين من الجنيهات».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق