رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل تقود الرقمنة مستقبل النظام الصحى العالمى؟

بين الحياة والموت ما زال يترك فيروس كوفيد 19 من ورائه الآلاف من القتلى والمصابين على النحو الذى لم يشهده العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وليكشف عن حالة الضعف فى النظم الصحية الوطنية من جهة، والنظام الصحى العالمى من جهة أخرى. وذلك مع التوجه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، وتحسين رفاهية البشرية فى مجال الصحة والتأمين الصحى الشامل، والقضاء على الوفيات المبكرة للأطفال، والحد من انتشار الأوبئة الرئيسية. وعلى الرغم من تنامى النزعة الوطنية الحمائية لمكافحة الفيروس إلا انه مازالت توجد نزعة إنسانية أعلى صوتا لاعتبارات تتعلق بأهمية التعاون الدولى فى المكافحة مع البعد العابر للحدود. ووفق مقتضيات الأمن الإنسانى تصاعد دور منظمة الصحة العالمية إلى جانب المؤسسات الدولية المعنية بالصحة او بالدواء، وعقدت العديد من المؤتمرات الدولية، افتراضيا، فى ظل البحث عن دبلوماسية وقائية. وأدى الخلل بداية فى النظام الصحى فى الصين إلى تفشى العدوى محليا ثم انتقاله عالميا إلى إعادة النظر فى هيكل وقيم وممارسات النظام الصحى العالمى، وجاءت الثغرات فى النظام الصحى العالمى بسبب عدم الأخذ فى الاعتبار حجم التغييرات الهائلة على مستوى الكم والكيف من جراء الثورة العلمية والتكنولوجية من قبل النظام الدولى، والاتجاه نحو العسكرة على حساب الأبعاد الإنسانية حيث بلغ حجم الإنفاق العسكرى العام الماضى ما يزيد على تريليونى دولار إلى جانب معاناة عدد كبير من الدول من مشكلات سياسية وأمنية أثرت على جاهزيتها فى النظام الصحى الوطنى.

وهناك أزمة معيارية أخرى ارتبطت بأنه على الرغم من تصنيف مؤشر الصحة العالمى لعام 2019 للولايات المتحدة على أنها أكثر الدول استعدادا للتعامل مع الأوبئة وحصولها على 83.5 نقطة فى مقابل الصين بـ 48.2، والتى احتلت المركز 51 عالميا إلا أن واقع الحال أشار إلى تفوق الصين فى التعامل مع كوفيد 19، وأصبحت الولايات المتحدة فى المركز الأول فى الإصابة فى مقابل المركز المتأخر للصين بعد نجاحها فى السيطرة على المرض. ولم يعكس ذلك التباين فى قدرة النظام الصحى بين البلدين، بل جاء بسبب عوامل أخرى تتصل بطبيعة النظام السياسى وحالة الوعى والاستجابة من جانب السكان وثقتهم فى الشفافية التى تتعامل بها الحكومات، ودرجات تكاتف المجتمع لمواجهة الخطر المشترك. وكان من أبرز ذلك مستوى توظيف الرقمنة فى مكافحة العدوى وهو الأمر الذى كشف عن الفرص التى يمكن أن تتيحها تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة فى السيطرة على الأوبئة، والتى أحدثت تغيرات جذرية على كافة نواحى الحياة، وبخاصة فى مجال تقديم الخدمات الصحية والهوية الرقمية، وزيادة الطلب عليها مع ارتفاع معدلات الشيخوخة فى المستقبل، ومواجهة حالة العجز فى العاملين فى المرافق الطبية،و زيادة توقعات المريض والوعى بالصحة العامة.. وعلى الرغم فرض ذلك تحديات مثل اختراق البيانات الصحية او نشر الشائعات والتى تسبب فى إرهاق النظام الصحى، فان ذلك لم يقف حائلا أمام التقدم فى مجال التطبيقات الصحية مع الحوافز الكثيرة التى تضيفها على مستوى مكافحة الأوبئة عبر قوة البنية التحتية للمعلومات والتطبيقات المختلفة كالذكاء الاصطناعى وانترنت الأشياء والبيانات الضخمة وتوظيفها فى دعم الإجراءات الاحترازية مثل إجراء الاختبارات وعزل المصابين وتطبيق إجراءات الحجر الصحى والرقابة التقنية وتوفير الخدمات الطبية والمستلزمات للمستشفيات وتطبيق التباعد الاجتماعى او من خلال تقديم خدمات التعليم والعمل والترفيه إلى جانب تدريب الكوادر الطبية ونشر الوعى بالمعرفة الصحيحة.وتوفير منصات للتمويل والتبرعات والتطوع وتبادل الخبرات والتجارب وقيام شركات الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعى بدور مهم فى مجال التوعية والرصد.

و تساعد رقمنة المجال الصحى فى إدارة عملية توزيع الأدوية وأمن المنتجات الطبية، وجودة تقديم الخدمات الصحية، وترشيد النفقات والموارد، وفى التدريب وبناء القدرات للموارد البشرية، والعمل على إتاحة نظم معلومات صحية يتم توظيفها لمواجهة التحديات الصحية والاجتماعية، وتحسين قدرة المرافق الطبية على إدارة الأزمات وفى مجال البحث والتطوير والإنذار المبكر عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعى. وتدعم جهود التحول الرقمى التعبئة الفردية والجماعية والتضامن العالمى. وهو ما يعد ركيزة لتغيير قواعد النظام الصحى العالمى لتجعله أكثر قدرة على تقوية المناعة البشرية وأن يتعاون الجميع من اجل توفير التمويل اللازم لإيجاد شروط صحية مناسبة، وما يمكن تحقيقه من تقدم على المستوى الوطنى من سياسات واستراتيجيات صحية يسهم من جهة فى ضمان استدامة وعدالة توزيع الخدمات الصحية، ويمثل خط الدفاع الأول ضد الأوبئة والأمراض.


لمزيد من مقالات د. عادل عبدالصادق

رابط دائم: