رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصر وإفريقيا تعاون غير مسبوق ..ورئاسة السيسى للاتحاد «تاريخية»
علاقات راسخة..ومستقبل مشرق..وتمثيل مشرف فى المحافل الدولية

هانى عسل

  • حشد الجهود لدعم الأشقاء الأفارقة فى مواجهة كورونا
  • التواصل مع دول القارة لم يتوقف بعد تولى جنوب إفريقيا قيادة الدفة

 

 

 

تعد العلاقات المصرية الإفريقية، والمستوى الذى وصلت إليه بعد سنوات من التراجع والفتور، من أبرز العلامات المضيئة فى سياسة مصر الخارجية فى حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه الرئاسة فى 8 يونيو 2014.

عادت مصر إلى أحضان قارتها بعد غياب استمر ما يقرب من 11 شهرا، منذ تجميد عضويتها فى 5 يوليو 2013 بسبب سوء الفهم الإفريقى لما جرى فى مصر فى ثورة 30 يونيو، وتطورات 3 يوليو و26 يوليو.

وبعد صدور قرار إلغاء تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى يوم 17 يونيو 2014، عادت مصر من جديد إلى أحضان قارتها، وإلى الاتحاد الإفريقي، الذى كانت على رأس مؤسسيه إبان منظمة الوحدة الإفريقية، ليشارك الرئيس السيسى للمرة الأولى فى القمة العادية الـ23 للاتحاد الإفريقى فى غينيا الاستوائية، والتى حملت عنوان «الزراعة والأمن الغذائى فى إفريقيا».

وشدد الرئيس فى كلمته على حرص مصر على زيادة التعاون بين دول القارة، كما تم إعلان إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى إفريقيا، بهدف إعداد وتأهيل الكوادر الإفريقية، ولدعم مبادرات تنفيذ المشروعات التنموية بالقارة الإفريقية.

غير أن «درة التاج» بالنسبة للعلاقات المصريةـ الإفريقية كانت عام 2019، عندما تولت مصر رئاسة دورة الاتحاد الإفريقي، لتقدم واحدة من أنجح الدورات على الإطلاق، بفضل دور مصر الريادى والتاريخى فى قيادة العمل القاري، وأيضا بفضل قيادة الرئيس السيسى للعمل القارى خلال هذا العام، على وجه التحديد.

وعلى النقيض، كانت قضية مفاوضات سد النهضة الإثيوبى هى النقطة السلبية الوحيدة فى المشهد بشكل عام، ليس بسبب موقف مصر، وإنما بسبب ما أبداه الجانب الإثيوبى من مراوغة ومماطلة وتعنت فى التعامل مع قضية أمن قومى مصيرية بالنسبة للمصريين، مما جعلها قضية غير قابلة للحل حتى يومنا هذا، على الرغم من اتباع مصر سياسة حكيمة تعتمد على «النفس الطويل» فى تلك المفاوضات، التى وصلت بالأزمة الآن إلى مرحلة شديدة الحساسية والخطورة.

لذا، يبدو من الضروري، ونحن نتحدث عن علاقات مصر الإفريقية فى ولاية السيسي، تناول تلك العلاقات من خلال ثلاث علامات بارزة: عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي، وجهود مصر لتطوير العلاقات الإفريقية قبل وبعد عام الرئاسة المصرية للاتحاد، وقضية سد النهضة.

 

حصاد عام «إفريقيا فى مصر»

ووفقا لما جاء فى تقرير حصاد عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي، فقد جاءت الرئاسة المصرية للاتحاد عام 2019 فى وقت شهدت فيه الساحة الإفريقية تطورات ملموسة فى طبيعة العلاقة بين القارة ومحيطها الخارجي.

ولهذا، جاءت توجيهات الرئيس بضرورة انسجام النهج المصرى فى إدارة الاتحاد الإفريقى مع النهج المُتبع على المستوى الوطني، من خلال إعداد خطة واضحة وبرنامج عمل يستهدف عددا مُنتقى من الأولويات يتسق مع الاحتياجات الآنية للقارة، وأولويات عمل أجندة 2063، وتنفيذاً لذلك، تم اختيار عدد محدود من الأولويات: التكامل القاري، والتنمية الاقتصادية، ومجال السلم والأمن، واستهدفت الرئاسة أيضا هدفاً مهما آخر هو تعزيز وتيرة التفاعل بين مصر والاتحاد الإفريقى وقارتنا الإفريقية بشكل عام على كل المستويات، بداية من مُشاركة وتمثيل الرئيس فى عدد من المحافل الدولية، بجانب تعميق التواصل على المستوى الرسمي، بحيث إن عام الرئاسة المصرية كان بالفعل «عام إفريقيا فى مصر.. وعام مصر فى الاتحاد الإفريقي».

وفيما يتعلق بالمقترب الأول، وفى ملف التكامل الإقليمى والقاري، أولت مصر هذا الملف أهمية خاصة نظراً لإيمانها بمحوريته ودوره المهم فى مجال التنمية واستقرار القارة، حيث تمت استضافة وتنظيم عدد من الفعاليات المهمة التى مثلت علامة مهمة على مسار عملية التكامل وتطويرها، ففيما يتعلق بالتكامل الإقليمي، تم عقد الُنسخة الأولى من اجتماع القمة التنسيقى بين التجمعات الاقتصادية الاقليمية والاتحاد الإفريقى يوم 8 يُوليو 2019 لوضع حجر الأساس لمنصة التنسيق بين المركز والأفرع القارية، وكان هذا هو البداية الحقيقية التى تمت تحت رئاسة مصر لتنفيذ حلم القادة المؤسسين بقارة مترابطة متكاملة، وبما يعمل على زيادة التنسيق والتناغم فى العمل بين آليات صنع القرار بين كل من الاتحاد الإفريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية.

أما فيما يتعلق بالتكامل القاري، فشهد عام الرئاسة المصرية الإطلاق التاريخى لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والأدوات التشغيلية الخاصة بها، وهى الاتفاقية الطموح التى تستهدف زيادة مُستوى التبادل التجارى بين الدول الإفريقية ليصل إلى 25%، إذ لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية دون تبادل تجارى واستثمارى بين الدول الإفريقية، ولذلك، ومن منطلق إدراك مصر أهمية محور البنية التحتية، استضافت القاهرة أسبوع البنية التحتية القاري، الذى أرسى المعايير الأساسية لاختيار مشروعات البنية التحتية الإفريقية خلال العقد القادم، ومنها محور القاهرة - كيب تاون.

وكان مجال السلم والأمن من الأولويات الرئيسية لعام الرئاسة المصرية، فقد أدركت مصر الارتباط الوثيق بين السلم والأمن والتنمية الاقتصادية، حيث لم يعد ممكنا التعامل مع التحديات المتزايدة فى مجال السلم والأمن بمعزل عن متطلبات التنمية والبناء الاقتصادي، ومن هذا المنطلق، اختارت الرئاسة المصرية ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات، نظراً لأهميته الخاصة فى إطار بنية السلم والأمن الإفريقية، وعدم إيلاء الاهتمام الكافى لهذا الملف على الرغم من محوريته وتركيزه على مُعالجة الأسباب الجذرية للصراعات والعمل على الوقاية من اندلاعها وتكررها وتجفيف منابع الإرهاب وأسباب انتشاره، وفقا لما ورد فى تقرير عام الحصاد.

وفى هذا الصدد، تم اختيار الرئيس السيسى لقيادة هذا الملف على مستوى القارة، وتلا ذلك توقيع اتفاقية المقر الخاصة باستضافة مصر لمركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات على هامش منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة فى 9 ديسمبر 2019 والذى سيصبح ملتقى سنويا يعقد فى مصر للتباحث بشأن قضايا السلم والأمن بالقارة.

 

تمثيل إفريقيا على الصعيد الدولى

وفيما يتعلق بالمقترب الثاني، قامت مصر ببذل الجهد فى هذا الصدد بقدر عال من الإدراك لأهميته، والتى تنبع من أن تمثيل القارة الإفريقية أمام المجتمع الدولى مسئولية ذات خصوصية متفردة فى ضوء حمل من يمثلها آمال وتطلعات ما يربو على مليار مواطن، وعلى بالرغم مما قد يبدو من تقارب وتماثل طموحات هؤلاء المواطنين، فإنه يجب مراعاة الاختلاف والتميز المجتمعى والثقافى الذى تتمتع به قارتنا الإفريقية، وفى هذا الصدد، ترأس الرئيس قمتين إفريقيتين، هما القمة العادية الثانية والثلاثون فى فبراير 2019 بأديس أبابا، والقمة الاستثنائية الثانية عشرة، واجتماع القمة التنسيقي، فى يوليو 2019 بالنيجر، بجانب ترؤسه قمة التيكاد فى يوكوهاما فى أغسطس الماضي، والقمة الإفريقيةـ الروسية الأولى فى 25 أكتوبر الماضي، فضلاً عن تمثيل القارة فى قمة مجموعة السبع فى فرنسا فى أغسطس، واجتماع وقمة مجموعة العشرين فى مدينة أوساكا اليابانية فى يونيو الماضي، بالإضافة إلى قيامه بجولة إفريقية شملت عدداً من الدول ذات الأهمية الخاصة لمصر.

ومن بين الأمثلة على ذلك، انعقاد الدورة الأولى من منتدى الشباب العربى الإفريقى فى مارس 2019، وكذلك النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم فى ديسمبر 2019، ودورة شباب المتطوعين الأفارقة، وهى الفعالية السنوية التى تضم شبابا من البلاد الإفريقية للتدريب على جميع أنشطة الاتحاد الإفريقي، حيث استضافت مصر النسخة الأكبر من حيث العدد فى تاريخ الدورة، من خلال استضافة 200 متدرب إفريقى شاب خلال العام الماضى.

 

.. وبعد عام الرئاسة

ولم تتوقف الجهود المصرية للتواصل مع القادة الأفارقة بعد انتهاء عام رئاستها للاتحاد القاري، بل ظهر دورها الريادى فى الفترة التى أعقبت تسليم الرئاسة إلى جنوب إفريقيا، بدليل الجهود المهمة التى بذلتها وتبذلها مصر فى سبيل مواجهة انتشار جائحة كورونا فى القارة.

ومؤخرا، نظمت بعثة مصر فى جنيف سلسلة من اللقاءات للمجموعة الإفريقية مع مديرى ورؤساء المنظمات الدولية الإنسانية لمتابعة نشاط تلك المنظمات فى القارة الإفريقية، وبخاصة جهودها فى دعم ومساعدة دول وشعوب القارة فى التعامل مع هذا الوباء، حيث شملت تلك اللقاءات كلا من فيليبو جراندى المفوض السامى لشئون اللاجئين، وأنطونيو فيتورينو مدير عام المنظمة الدولية للهجرة، وبيتر مورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك فى إطار حرص مصر والمجموعة الإفريقية على حشد الجهود الدولية لتقديم الدعم لدول القارة وتكثيف المساعدات المقدمة للقارة للتعامل مع الجائحة، خاصة فى ظل هشاشة النظم الصحية فى العديد من الدول الإفريقية، وما تمثله تلك الجائحة من ضغوط إضافية على تلك النظم، فضلاً عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة للجائحة على الدول النامية - خاصة الدول الإفريقية. كما احتفلت مصر يوم 25 مايو الماضى مع شعوب ودول القارة الإفريقية بـ «يوم إفريقيا»، والذى يواكب ذكرى تأسيس أول منظمة للعمل الإفريقى المُشترك، وهى منظمة الوحدة الإفريقية، والتى تجسدت فيها روح التضامن الإفريقى وإحساس قادة وزعماء القارة بوحدة الهدف والمصير، ولعبت مصر دوراً محورياً من خلال قيادتها فى بلورة هذه الرؤية المُشتركة لمواجهة تحديات القارة.

 

«عقبات» سد النهضة

وعلى الرغم من السياسة المتعقلة التى اتبعتها مصر فى مفاوضات سد النهضة، فإن الجانب الإثيوبى واصل عناده وتعنته، عبر وضع العراقيل المختلفة فى طريق جهود التوصل إلى حل، على الرغم من الجهود الكبيرة التى بذلها الوسيط الأمريكي، والرئيس الأمريكى دونالد ترامب شخصيا فى مفاوضات واشنطن.

وقد أحسنت مصر صنعا عندما أحالت ملف السد بالكامل إلى مجلس الأمن الدولي، لمناقشته، والتعرف على صحة وقوة الموقف المصري، كما أحسنت صنعا أيضا عندما قامت بعرض تطورات هذا الملف على عدد كبير من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، سواء من خلال اللقاءات الثنائية، أو من خلال الجولات التى قام بها وزير الخارجية، والتى نقل فيها رسائل بهذا الخصوص من الرئيس السيسى إلى قادة هذه الدول. ومع ذلك، أكدت مصر أنه لا يزال أمامنا فرصة لحل متوازن يؤمن المصالح المشتركة لجميع الأطراف ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وهى الفرصة التى يجب اغتنامها لمصلحة 240 مليون مواطن فى مصر والسودان وإثيوبيا، بدليل أن مصر كانت أول من رحب بنتائج الاجتماع الذى عقد يوم 21 مايو الماضى بين رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك ونظيره الإثيوبى آبى أحمد، والذى تم خلاله الاتفاق على عودة الأطراف الثلاثة لطاولة المفاوضات لاستكمال الجزء اليسير المتبقى من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق