رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
حسابات أم توجهات؟

السعى إلى فهم الدوافع وراء سلوك الأفراد مبحث مهم فى معظم العلوم الاجتماعية، وليس فى علمى النفس والاجتماع فقط. يسهم فهم هذه الدوافع فى تفسير كثير من الظواهر التى يبقى إدراكها ناقصا فى غياب معرفة كافية أو معقولة بما أدى إليها. فما هى، إذن، الدوافع وراء الطريقة التى تصرف بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن مقتل مواطنه الأسود جورج فلويد، والاحتجاجات الواسعة التى اندلعت إثر بث فيديو يُظهر وحشية الشرطى الذى ألقى القبض عليه فى مدينة مينابوليس بولاية مينيسوتا.

لم يجد ترامب فى القاموس ما يصف به مشهد الشرطى، الذى جثم بركبتيه على رقبة فلويد لعدة دقائق وتسبب فى قتله، إلا عبارة مأساة خطيرة, التى لا تتضمن إدانة واضحة. ويبدو أن ترامب وفر ما فى جعبته من كلمات وعبارات تعبر عن أعلى مستويات الإدانة لاستخدامها ضد المحتجين، مستغلا وقوع أعمال شغب وتخريب خلال الاحتجاجات التى بدأت سلمية. وعلى مدى ما يقرب من أسبوعين لم تهدأ فيها هذه الاحتجاجات، أدان ترامب يساريين راديكاليين، ثم شبكة تُسمى ضد الفاشية Antifa، أكثر من مائة مرة، بينما تجاهل تماما يمينيين متطرفين ومنظماتهم التى تُحرَّض ضد السود، وغيرهم من الأقليات، وتؤثر فى اتجاهات آخرين بينهم رجال شرطة، يتحولون وحوشاً حين يقع مواطن أسود تحت أيديهم.

كان فى إمكان ترامب، ومازال، التصرف بطريقة أكثر توازنا، أقله على المستوى اللفظى عبر إدانة اليمينيين المتطرفين ودعاة تفوق العرق الأبيض واحتقار الأقليات بدورهم، وليس بالضرورة عن طريق استخدام صلاحياته لإجراء تحقيق مستقل أكثر عدالة.

ولكنه لم يفعل، لأحد احتمالين. أولهما أن حساباته السياسية تفيد أن تبنيه موقفا متوازنا يؤدى إلى خسارته جزءا من قاعدته الانتخابية فى أوساط الأمريكيين البيض المتعصبين حتى إذا جلب له دعم بعض المترددين الذين لم يحسموا خيارهم فى انتخابات الرئاسة فى 3 نوفمبر المقبل. والثانى أن خلفيته ونمط تفكيره، وبالتالى توجهاته فى الشأن العام، تدفعه إلى الانحياز للتطرف الأبيض حتى عندما يتعلق الأمر بحادثة ربما لا يكفى وصفها بأنها وحشية للتعبير عن طابعها.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: