رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هزيمة 67 وتغيير السياسات

لم تقتصر آثار الخامس من يونيو 1967م على الهزيمة العسكرية، واحتلال وسيناء والجولان وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، ولكن كان لها تفاعلات أخرى على المدى الطويل، إذ كشفت خطأ الاعتماد على الاتحاد السوفيتى كحليف استراتيجي، وأثبتت أنه لا يتعدى أن يكون نمرًا من ورق، فصمت السوفيت على ما كشفت عنه الحرب من تداعيات، كان رسالة واضحة بتفضيلهم عدم الدخول فى صدام مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الوقوف إلى جانب الحلفاء والأصدقاء.

كما كشفت الحرب عن أن أهل الثقة عبء على أى نظام وضد مصلحته، واتخذت مصر من الهزيمة العسكرية الفاجعة نواة لأرضية صلبة، مهدت الطريق لإعادة بناء قواتها المسلحة، التى انتصرت بعد ذلك بست سنوات فى معركة العبور المجيدة. وسياسيًا أدت الهزيمة إلى إجهاض حلم الرئيس جمال عبد الناصر الوحدوي، بعدما أدرك أنه فى سعيه لتحقيق حلم الوحدة العربية أغفل أهم نقطة، ألا وهى أن مصر القوية دعامة لابد منها لأى وحدة، ومن يريد أن يبنى وحدة فعليه أن يبدأ أولاً ببناء مصر، فكان أن راجع سياساته معطيًا لمصر الأولوية مركزًا عليها، وتراجع الحلم الوحدوي، بخاصة بعدما تأكد من هشاشة شعارات الوحدة العربية، وأن الأنظمة تؤيدها وترحب بها علنًا، وتوئدها سرًا.

أدرك ناصر هذه الحقيقة جيدًا، واستبدل بشعار الوحدة العربية شعار التضامن العربي، وأوكل إلى الجامعة العربية حمل تبعات هذه الدعوة ورفع شعارها، وتجلت أول ملامح مسار السياسة الجديدة فى القمة الأولى التى عقدت فى 29 أغسطس 1967م بالخرطوم، وأسفرت عن اللاءات الثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيونى قبل أن يعود الحق لأصحابه، وشهدت تصفية النفوس بين الزعماء العرب، وتحقيق مصالحة عربية عربية بما يخدم مصالح الأمة، بما يؤدى إلى توحيد الجهود السياسية على الصعيد الدولى والدبلوماسى لإزالة آثار العدوان. إلا أن أخطر آثار الحرب وأكثرها تأثيرًا فى حياة المصريين، تمثل فى نزيف اقتصادى لا نزال نعيش تبعاته اليوم، ذلك أن العملة المصرية قبل 1967م كانت قوية، وكان الجنيه المصرى يعادل ما بين دولارين ونصف الدولار إلى ثلاثة دولارات، فجاءت الهزيمة وما استتبعها من محاولة تعويض ما فقدته القوات المسلحة من أسلحة والارتقاء بمستوى تسليحها، عبر تزويدها بالأحدث، مع بناء حائط صواريخ قادر على ردع عدو يمتلك أعتى الأسلحة، لتؤثر على قدرات مصر الاقتصادية، إذ لم تشارك الدول العربية فيها إلا بقدر مالى ضئيل، مما اضطر القيادة المصرية إلى الاقتراض، لتمويل بناء قواتها المسلحة من جديد.


لمزيد من مقالات أسامة الألفى

رابط دائم: