رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تأمين مياه النيل.. قضية وجود!

عقب انسحاب إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة فى واشنطن ومخاطبة مصر مجلس الأمن الدولى ورفض السودان توقيع اتفاق ثنائى مع إثيوبيا وتعدى ميليشيات إثيوبية مدعومة بالجيش الإثيوبى على أراضى السودان أصبح من الواضح أن إثيوبيا تستغل انشغال المجتمع الدولى بـ«كوفيد ـ 19»، وتواصل مخططاتها السياسية، رغم إصرار مصر على موقفها الثابت إزاء أمنها المائي.. عندما وضعت إثيوبيا عام 2011 الحجر الأساسى لسد النهضة وادعت أن هذا المشروع هدفه انتشال بلادها من الفقر وتعزيز التنمية، أعلن البنك الدولى أن التحديات الرئيسية للتنمية فى إثيوبيا هى ضعف القدرة التنافسية وتخلف القطاع الخاص والاضطراب السياسى والاجتماعي.. مصر أكثر دول المصب تضررا، وفقا لدراسة نشرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية، لأن السد سوف يحد من تدفق مياه النيل لمصر ، لقد جاءت خطوة تعليق إثيوبيا وانسحابها من محادثات واشنطن غير مبررة، وحشدت الرأى العام معلنة أن سد النهضة منقذ للأمة، فى حين يكرر البنك الدولى أن أكبر تحد للتنمية الإثيوبية يكمن فى عدة أساليب ووسائل بعيدة تماما عن النهر المتدفق! ولذلك يحث حاليا المجتمع الدولى جميع الأطراف للعودة إلى مفاوضات على مائدة واحدة وعدم استغلال الموقف والعقبات التى تعترض الحل من أجل مناورة سياسية محلية قبيل الانتخابات الإثيوبية، بل لابد من تذليلها ومنع تحول الصراع السياسى المحلى إلى صراع إقليمى معقد وخطير.. ويطالب العقلاء بالحاجة الماسة إلى التحكيم لتخفيف التوتر بين الأطراف.. والسؤال الآن هو: هل سوف يطلب أحد الأطراف الذهاب إلى محكمة العدل الدولية أو عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن فى زمن الـ«كورونا»؟! ذلك لأن المفاوضات عادت إلى الصفر! وكان الدكتور بطرس غالى ينوه كثيرا إلى أن الحرب المقبلة فى القرن الحادى والعشرين سوف تتمركز حول المياه وصدقت نبوءته!. إن 85% من مياه النيل تتدفق من المرتفعات الإثيوبية وملء السد بأربعة وسبعين مليار متر مكعب سوف يقطع مجارى المياه فى النيل، مما يقلل أكثر من الكمية التى تتلقاها مصر، ويرى الخبراء أنه إذا كان يعتمد مائة مليون مصرى على خمسة وخمسين مليار متر مكعب من النيل؛ فإن 963 مليار متر مكعب من المياه تصل إلى الهضبة الإثيوبية.. كما يجب ألا تتجاهل إفريقيا بأجمعها بمؤسساتها أن مصر التى أقدمت على حركات التحرر الإفريقية هى التى بادرت إلى خطط التنمية فى إفريقيا، وأن المشروعات التى تم تنفيذها بالتنسيق مع السودان دليل على التزامها بتطوير حوض النيل، ولذلك تحتل الشركات المصرية المقاعد الأمامية للتعاون مع الكونغو الديمقراطية فى سد «أنغا» ومع تنزانيا فى سد «نيريري» ومع أوغندا فى سد «أوين». لقد شرعت مصر فى تنفيذ خطة وطنية للموارد المائية استهدفت تعزيز المحافظة على المياه والاستثمار فى المصادر البديلة لمياه الشرب وتحديث البنية التحتية للرى وفرضت قيودا على المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه، كما أنها سوف تقوم بتنفيذ 23 محطة لتحلية المياه، .. ومنذ عام 2014 تخوض مصر مع السودان وإثيوبيا جولات من المفاوضات حول سد النهضة ووقعت إعلان مبادئ عام 2015 ينص على ضرورة الانتهاء من الدراسات غير المكتملة للسد وبذلت الدبلوماسية المصرية برعاية وزير الخارجية سامح شكرى جهدا جبارا خلال مفاوضات عسيرة، وإنما تعليق إثيوبيا مشاركتها فى المحادثات الأخيرة ورفضها توقيع اتفاق الوسطاء وتعبئة الرأى العام يكشف سوء نياتها، أما مصر فقد وقعت على الاتفاقية بالأحرف الأولي، وتطلب ملء المرحلة الأولى من السد وفقا لكمية الأمطار وآلية التنسيق فى حالات الجفاف. إن المصريين على ثقة من أن مصر لم تفرط فى شبر من أرضها أو مياهها، لقد أخبرنى دبلوماسى مخضرم أن أزمة المياه أخطر من جائحة «كوفيد ـ 19» وهو على حق.. وسوف تبقى مصر «أم الدنيا»، رغم كل المؤامرات التى أحاطت بها! .


لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار

رابط دائم: