رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إنه الخامس من يونيو

ثروة الأمم، هو الكتاب الأهم للاقتصادى والفيلسوف الاسكتلندى آدم سميث، المولود فى مثل هذا اليوم سنة 1723. وفيه يؤكد أن الأنانية، لا الإنسانية، هى التى تحرك البشر. ومن هذا التصور، الذى يفترض أن كل البشر، لديهم النزعة نفسها، وأن علاقة الفرد بأقرانه قائمة على تبادل المصالح، جاء التعريف الليبرالى للإنسان بأنه كائن اقتصادي.

قبل سنوات طويلة من صدور هذا الكتاب، سقطت فى مثل هذا اليوم، 5 يونيو 1249مدينة دمياط فى أيدى لويس التاسع، ملك فرنسا، قائد الحملة الصليبية السابعة. وبعد صدوره بسنوات طويلة، وفى مثل هذا اليوم، أيضًا، سنة 1967، قامت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق ليندون جونسون، عبر وكلائها فى المنطقة، باحتلال سيناء، فى معركة خاطفة، لم نفرضها عليهم، كما زعموا، بل خططوا لها طوال سنوات. ولم تكن غير معركة فى حرب طويلة، ومستمرة إلى الآن، أكد خلالها الشعب المصرى بكفاحه، وببطولات جيشه، أن الإنسانية، لا الأنانية، هى التى تحركه، وأنه قد يخسر بعض المعارك لكنه ينتصر دائمًا فى الحروب. وعليه، هزم الأمريكيين أو الإسرائيليين فى 6 أكتوبر 1973، واستعاد سيناء. وقهر الفرنسيين أو الصليبيين، فى 8 فبراير 1250، وحمى المنصورة واسترد دمياط. كما انتصر، وسينتصر، فى معارك عديدة سابقة أو لاحقة. لو استوقفك تجاهلنا دور الوكلاء، وتحديدًا الوكيل الإسرائيلي، فى معركة 5 يونيو 1967، نحيلك إلى كتاب المؤرخ الفرنسى بيير رازو، وستجد فيه شهادات لخبراء كثيرين يؤكدون أن طائرات فانتوم أمريكية، أقلعت ليلة 3 يونيو 1967، من قاعدة رامشتاين، فى ألمانيا، متجهة إلى قاعدة مورون، فى إسبانيا، بحجة المشاركة فى تدريبات سرية لحلف شمال الأطلسى (الناتو). ومن هناك، أقلعت تلك الطائرات إلى قاعدة هاتزيريم الإسرائيلية فى صحراء النقب. دور الولايات المتحدة، أو إدارة ليندون جونسون، فى حرب يونيو 1967 أوضحه، أيضًا، جاى لارون فى كتابه «حرب الأيام الستة: كسر الشرق الأوسط»، وشرح بالتفصيل كيف كانت تلك الحرب نقطة التقاء لاتجاهات إقليمية ودولية، تتابعت بطرق متعرجة لتلتقي، وتقرع معًا طبول الحرب، لمواجهة أزمة اقتصادية عالمية طاحنة. وأهم ما جاء فى هذا الكتاب، كان تأكيده أن تلك الحرب زرعت بذور سقوط القومية العربية، وأدت إلى نمو التطرف الإسلامي، وأتاحت للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق حضورًا عسكريًا أكبر فى المنطقة. الرئيس الأمريكى السادس والثلاثون، كان نائبًا لجون كيندي، وتولى الحكم بعد اغتياله، فى 22 نوفمبر 1963، وأدت سياساته، الداخلية والخارجية، إلى انهيار ائتلاف الصفقة الجديدة، الذى هيمن على السياسة الأمريكية لمدة 36 سنة. وبعد أن غادر البيت الأبيض فى 20 يناير 1969، غادر الدنيا كلها فى 22 يناير 1973، بعد يومين من بداية الولاية الثانية لريتشارد نيكسون، الذى أنهى التدخل الأمريكى فى فيتنام، وقام بزيارة تاريخية إلى الصين فتحت آفاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكان أول رئيس يبرم معاهدة مع الاتحاد السوفيتى السابق، وكان أيضًا أول وآخر رئيس أمريكى يضطر إلى الاستقالة، قبل أن يقيله الكونجرس. واللافت، هو أن إدارة نيكسون ضمت أفضل وأبرز وزيرين للخارجية فى تاريخ الولايات المتحدة: وليام روجرز، وهنرى كيسنجر، وكلاهما لعب دورًا مهمًا فى الصراع العربى الإسرائيلي.

من إدارة أمريكية إلى أخرى، اختلفت معادلة العلاقات المصرية الأمريكية، إلى أن تغيرت تلك المعادلة تمامًا، منذ 30 يونيو 2013، بعد صدام حتمي، أو معركة مستترة، مع الإدارة السابقة، إدارة باراك أوباما، ثم صار للشراكة القائمة مع الإدارة الحالية دور مهم فى تعزيز السلام والاستقرار فى المنطقة. ولعلك لاحظت مدى حرص الرئيس دونالد ترامب على تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين، وعلى التنسيق والتشاور مع الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب. ونتوقع، أو ننتظر، بعد فوزه شبه المؤكد بولاية ثانية، فى نوفمبر المقبل، أن يتم البناء على ما تم تحقيقه. المهم، هو أننا فى مثل هذا اليوم، خسرنا معركتين، وبعد فترة تراوحت بين سنة وسبع سنوات، حققنا انتصارين عظيمين فى أخريين. والأكثر أهمية، هو أن الحرب استمرت، وتغيرت أشكالها وأساليبها، خلال العقود الأخيرة، وصولاً إلى المعركة التى استهدفت الروح المعنوية للشعب ونجحت فى تدمير ثقته بمؤسساته الوطنية، وأوهمته بأنها هى العدو، وبأن الأعداء الحقيقيين هم الحصن والملاذ. لكن سرعان ما انتصرنا فى المعركة التالية، واستعادت مصر عافيتها العسكرية والسياسية، واستردت دورها، إقليميًا ودوليًا، وحققت قفزات اقتصادية وتنموية، تكفى وزيادة لأن تفخر بنفسك، بجيشك، وبوطنك، ولكى لا تلتفت إلى أكاذيب أو ادعاءات مَن يحاولون إشاعة اليأس والإحباط، فى عالمهم الوهمى أو الافتراضي.

أخيرًا، وبما أن الشاعر أحمد رامي، رحل عن دنيانا فى مثل هذا اليوم، أيضًا، سنة 1981، يكون الختام الأنسب، هو أن نستعيد، معًا، إحدى رباعيات الخيام، التى ترجمها ولحّنها رياض السنباطى وشدت بها الست أم كلثوم: لا تشغل البال بماضى الزمان، ولا بآتى العيش قبل الأوان.. واغنم من الحاضرِ لذَّاتِه، فليس فى طبع الليالى الأمان.


لمزيد من مقالات ماجد حبتة

رابط دائم: