رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نيتانياهو يحقق أحلام بن جوريون الاستعمارية بضم الضفة

‎ العزب الطيب الطاهر

لا يعد مخطط ضم الضفة الغربية أو مساحات شاسعة منها خاصة غور الأردن وشمال البحر الميت إلى سيادة الدولة القائمة بالاحتلال أمرا جديدا، فهو متجذر فى مشروعها الاستيطانى الاستعمارى, منذ قيامها باغتصاب فلسطين فى 1948، وجاء عدوان يونيو 1967 ليوفر الأرضية التى تنطلق منها لتنفيذ المخطط عبر منهجية التدرج، وكانت نقطة البدء القدس الشرقية والتى أصبحت بحكم الأمر الواقع فى قبضة الاحتلال الإسرائيلي, وصدر قانون ضمها «قانون القدس» فى الثلاثين من يوليو 1980 والذى رفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى قراره رقم 478

وبعد ذلك ,تم تطبيق القانون الإسرائيلى على المستوطنات اليهودية ,المنتشرة فى جميع أنحاء الضفة الغربية، والتى ارتفعت وتيرة بنائها على مدى العقود الثلاثة الأخيرة  ,وبلغت حتى الآن نحو 503 مستوطنات، يقطنها أكثر من مليون يهودى من عتاة المتطرفين  ,وما يزيد على 250 بؤرة استيطانية يسكنهاعدة آلاف منهم, على نحو جعلها أشبه بالذئاب المفترسة للحجر والبشر بالأراضى الفلسطينية.

وفى هذا السياق, فإن وثيقة صهيونية خطيرة تم إعدادها فى عام 2016  ,أكدت أن قرار ضم الضفة الغربية يعد من محددات السيادة الوطنية لدولة الاحتلال  ,لاسيما أنه لاتوجد دعوى ملكية على أراضيها وفق تعبير الوثيقة - والتى تطلق عليها أرض يهودا والسامرا,على اعتبار أنه لم تكن تحت سيادة شرعية لأى دولة, وتم استرجاعها فى حرب الدفاع (عدوان يونيو 1967) ,وبالتالى فإن ما وعد به بنيامين نتنانياهو خلال حملته الانتخابية فى سبتمبر المنصرم ,يعكس هذه التصورات التوراتية للتاريخ والرؤية المتطرفة للتعامل مع الأراضى الفلسطينية بحسبانها مستباحة لليهود وذلك ضمن فرض سياسات الأمر الواقع اعتمادا على القوة المفرطة ,وتطبيق برامج للتهويد والأسرلة فى مختلف مناطق الضفة ,وفى المقدمة منها القدس المحتلة ,تقوم على تقليص الوجود العربى والفلسطينى سكانا ومؤسسات ورموزا  .

ومع تشكيل حكومته الأخيرة  ,التى أطلق عليها حكومة الوحدة الوطنية ,بالتوافق مع كتلة أزرق أبيض برئاسة بينى جانتس ,تبلورت أمام نيتانياهو ,الذى يترأسها فى فترتها الأولى التى تمتد إلى 18 شهرا ,الفرصة والبيئة اليمينية المواتية للوفاء بتعهده لضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت بالضفة الغربية الى السيادة الإسرائيلية  ,الأمر الذى سيترتب عليه تحويلها - أى الضفة الغربية  -الى كانتونات منعزلة عن بعضها البعض، فاقدة لجميع مقومات السيادة الوطنية ,مستغلا فى ذلك مساندة غير محدودة قدمتها له إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والتى يمكن وصفها بأنها اكثر إدارات الولايات المتحدة فى نزوعها العدائى ضد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى من خلال قيامها بجملة من الخطوات التى شجعت نيتانياهو وغيره من النخب اليمينية المتطرفة على تبنى خيار الضم والاستمرار فى حالة الاحتلال ورفض أى توجه لسلام حقيقى وكان آخر تجليات ذلك رؤية ترامب للسلام التى أعلنها فى الثامن والعشرين من يناير الماضى والتى تنطوى على تمزيق أوصال الضفة الغربية الى ما يشبه الكانتونات وهو ما ييسر عملية ضم أجزاء منها لسيادة دولة الاحتلال  .

 ويمكن القول فى ضوء ذلك إن الإدارة الأمريكية تداخلت فى الصراع إلى الحد الذى أصبحت فيه طرفًا أساسيًا تماهى قولا وفعلا مع شروط الاحتلال   ما يجعل نيتانياهو وأركان حكومته يرون أن موقف البيت الأبيض الذى يتبنى السردية الصهيونية من الصراع هو موقف جدير بالاهتمام، ومن الضرورى فتح آفاق له، ولعل تصريحات وزير الخارجية الأمريكى  «مايك مومبيو» مؤخرا حول الضم باعتباره شأنًا إسرائيليًا داخليًا، ثم قوة الدفع التى أطلقها للفكرة خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب  ,تمثل فرصة تاريخية يجب عدم إضاعتها أيًا كانت المخاوف والمحاذير، خصوصًا وأن إدارة «ترامب « مقبلة على انتخابات رئاسية فى نهاية العام الحالي،  وثمة خشية من عدم قدرتها على النجاح بعد الأداء السلبى فى التعاطى مع أزمة كورونا ,وتداعياتها على المجتمع الأمريكى صحيًا واقتصاديًا , بالإضافة إلى ذلك، هناك رأى إسرائيلى على قناعة , بأن بسط السيادة الإسرائيلية على أراضى الضفة الغربية , سيعيد توازن البوصلة السياسية الصهيونية حول نموذج التسوية الوحيد الممكن مع الفلسطينيين، والذى وضع أساساته الأولى  «ديفيد بن جوريون « أول رئيس للوزراء لحكومة دولة الاحتلال ,والذى يقوم على أساس جعل الكيان العربى الفلسطينى جيبًا داخل المجال الإسرائيلي، ومن جهة أخرى يتميز عنه ثقافيًا وسياسيًا وقوميًا، لضمان بقاء الدولة كدولة يهودية خالصة، وهذا هو النموذج الذى يسعى نيتانياهو لتحقيقه .

وتبلغ منطقة غور الأردن نحو ثلث الضفة الغربية، ويقع معظمها على طول الجانب الشرقى من الأراضى القريبة من الحدود الأردنية ,وتقع معظم أراضيها فى المنطقة المصنفة (ج) فى الضفة الغربية المحتلة التى تسيطر إسرائيل على 60 فى المائة منها فعليا ,ووفقا للإحصاءات الإسرائيلية، يعيش فى غور الأردن 9 آلاف مستوطن من أصل 400 ألف فى مستوطنات الضفة الغربية التى بنيت على أراضى الفلسطينيين البالغ تعدادهم 2.7 مليون نسمة وهى تعتبر مهمة من الناحية الاستراتيجية وتتخذ الكثير من الشركات الإسرائيلية منها مقرا لها خصوصا الشركات الزراعية ,ويعتبر السياسيون اليمينيون فى إسرائيل ومنذ فترة طويلة المنطقة استراتيجية لا يمكن التخلى عنها أبدا  .

ومن المنتظر أن يشمل مخطط نتنياهو لتطبيق السيادة الإسرائيلية  على مساحة تبلغ وفق تقدير دياب اللوح سفير فلسطين بالقاهرة 60 فى المائة من مساحة الضفة الغربية  -  حسب دراسة لمعهد واشنطن، جميع المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 128 ، حدود غور الأردن ، المستوطنات الحادية والخمسون الواقعة ضمن الحاجز الأمنى للضفة الغربية، التى تؤوى معظم المستوطنين والتى تشكّل نحو 8 فى المائة من الأراضى ، عدد محدود من المستوطنات الأقل إثارة للجدل المتاخمة للمدن الإسرائيلية (على سبيل المثال، «جوش عتسيون»، الذى تم شمله كجزء من إسرائيل فى الخرائط الفلسطينية المسرّبة المتعلقة بالمناقشات السابقة حول حل الدولتين ) .

ويعتقد البعض أن أبرز أولويات نيتانياهو فى الوقت الراهن هى غور الأردن , فالمستوطنات تكتسى قيمة أكبر خلال الدورات الانتخابية لكنها تضاءلت الآن بفعل القيمة الأمنية القصوى لهذه المنطقة 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق