رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

النسبية

نظرية النسبية هى الوصول إلى قوانين تفسر الظواهر الطبيعية، دون أن تتشكل هذه القوانين تبعا لتغير المكان والزمان والظروف والأحوال. وقد تحدث كثيرا الفيلسوف الإنجليزى جون لوك (ت 1704 م) فى كتابه عن المعرفة الإنسانية عن مصطلح النسبية وحاول أن يبين لنا أن رقعة الشطرنج التى لا تتحرك فيها البيادق على مربعاتها تظل ثابتة حتى لو وضعناها فى حجرة أو على ظهر سفينة طالما لم نحركها مهما تغير الزمن والظروف. وفى هذه النظرية أيضا الشمس متحركة إذا نظرنا إليها من خلال القمر، والقمر متحرك إذا نظرنا إليه من خلال الشمس. فاختلاف الحالة يتم من خلال اختلاف زاوية النظر.

نستطيع أن نطبق هذا المفهوم على الحياة، فما نراه ثابتا يراه الآخرون متغيرا. وما نراه مهما يراه الآخرون تافها والعكس. تأتى تلك النظرة من كيفية تربية الأولاد. و طريقة تهذيب نفوسهم فى الصغر، ومن ترتيب الأولويات لاحتياجاتهم. فليست الجينات الجسمانية هى فقط التى تورّث ولكن الصفات النفسية الإنسانية كذلك. فالمجتمع كله وصفاته غرس الأسرة والبيئة .إن نظرية النسبية الاجتماعية كانت سببا غير مباشر فى وجود النظرة الطبقية لبعض أفراد المجتمع.

نحن البشر فى كل المجتمعات من أسسنا للقيم والعادات، ونحن من هدمناها. ألم تستفهم الملائكة من الله عن سر جعل الإنسان مستخلفا على الأرض دونهم ، مشفوعا هذا السؤال الحائر باستكناه الحكمة ممن هو أدرى بخلقه. قال تعالي:( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون ) [البقرة: 30]. فعلم الله يكشف صفات الإنسان الفاعلة فى الكون. والسؤال عن الدماء فى الآية و نسبية النظرة الاجتماعية يسلمنا للنظر لشريحة قوية من المجتمع نفخر بها جميعا تستحوذ على مشاعرى كاملة ألا وهى طبقة العساكر المجندة البسطاءالعظماء الذين شاهدتهم عن قرب لأول مرة من عدة سنوات فى مركز التدريب الذى جنِّد فيه ابنىالراحل، إثر حادث سير عادي، وبعد تأديته الخدمة العسكرية بعدة سنوات. تتعدد الأسباب والموت واحد. وواحد من أسباب هذا الموت الحروب التى تأكل الجنود الخضر والأبناء الأشاوس. فمن يموت مدافعا عنى وعنك لا ينسى. وهل ينسى حادث الجنود المجندين بعد ثورة 30 يونيو؟ هؤلاء الذين ماتوا برصاص الغدر وهم صائمون فى كمين إرهابى أنزلهم من عربتهم التى كانت تقلهم على حدود سيناء وقتها، قتلهم هذا الحقد الأسود والإرهاب الغادرفأرداهم زهورا فى ملابسها الكاكي. شباب بسطاء شاهدت أهاليهم فى مركز التدريب منهم من أكمل تعليمه الجامعي، ومنهم من اكتفى بتعليمه المتوسط.من يومها كلما تذكرت المشهد وتخيلت ابنى مكانهم انفجرت دموعى ساخنة، وأحمد الله أنه لم يمت تلك الموتة الغادرة. فالله فى عون كل أم ثكلى مات ابنها غدرا.نسبية تأثير المشهد تختلف من نفس إلى نفس؛فقانون الغدر الذى حكمها كان مستمرا فى ديناميكية حركته حتى أصبحنا وقتها لا ندرك كنهه، فقط نشعر بنتائجه.وقتها خرج علينا من منصات التواصل من يشكك فى العمليات الإرهابية أصلا ليتهم أداء الدولة وقدرتها على السيطرة، فالخيانة لا تتجزأ. لقد ألجم مسلسل الاختيار الألسنة ورفع من قيمة الجنود البسطاء الذين صمدوامع القائد. فهؤلاء الجنود البسطاء ملح الأرض، صورتنا المشرقة. فرحهم بسيط ونفوسهم الجمال. لقد أخذ مسلسل الاختيار بثأرهم جميعا عندما فقه الناس ما يحدث على أرض سيناء. إنه الفن عندما يؤدى رسالته. وقد يخرج من يشكك فى قيمته؛ فالمسألة نسبية.


لمزيد من مقالات د. شيرين العدوى

رابط دائم: