عقب إلقاء أمريكا أول قنبلة ذرية فى التاريخ على هيروشيما فى 6 أغسطس 1945، التى راح ضحيتها 140 ألف شخص، خرجت صحيفة الأهرام بمانشيت عن أن القنبلة فتح علمى جديد. وفى 1966، أطلق ماوتسى تونج شرارة ثورة ثقافية قتلت مئات آلاف الصينيين، وأوصلت البلاد لحافة الفوضى، ومع ذلك اعتبرتها الصحافة آنذاك إنجازا هائلا للديمقراطية الشعبية. هل أخطأت الصحافة فهم ما حدث؟.
فى أحيان كثيرة، يتعامل الصحفيون بعواطفهم وليس طبقا للحقائق. معظم الذين يغطون اليمين الشعبوى بأمريكا وأوروبا، كما تقول الصحفية بمجلة النيويوركر إليزابيث زيروفيسكى، لا يأخذونه بجدية، ناهيك عن افتقادهم للموضوعية كثيرا. إنهم يتعاملون مع أشخاص يفخرون بعنصريتهم وتعصبهم، فمن أين تأتى الحيادية، ولذلك أظهر استطلاع أن 42% من الأمريكيين يعتقدون أن معظم التقارير الإخبارية مجرد رأى أو تعليق. كثير من التحليل وقليل جدا من الحقائق.
مناسبة هذا الكلام، كتاب صدر للباحث الفرنسى دانييل شنايدرمان بعنوان: برلين 1933، تناول فيه كيف غطى المراسلون الأجانب وصول هتلر للحكم مجيبا على السؤال: هل أدركت الصحافة خطر النازية؟ كان الصحفيون يعلمون بوجود تمييز ضد اليهود لكنهم اعتقدوا أنها ممارسات عادية. كانت تغطياتهم مجزأة وجافة ومدفونة بالصفحات الداخلية. نيويورك تايمز نشرت فى 6 يونيو 1942 خبرا صغيرا بالصفحة السادسة عن مقتل 60 ألف يهودى بمنطقة ألمانية. أيضا، كشف مسئول بولندى عن إبادة سدس السكان اليهود، لكن لم يصدقه المراسلون.
يخلص الباحث إلى أن الصحافة الملتزمة بالبحث عن الحقيقة عليها ألا تشعر بالخجل حتى لو أخطأت. ويشير إلى أن الخطر الأكبر الذى يتهددها هو عدم إبلاغ الناس بما يحدث. مع الفارق الكبير بين ما حدث بألمانيا النازية والآن، إلا أن الانتقاد الإعلامى لحظر دخول مسلمين لأمريكا وممارسات الصين ضد الأيجور والهند ضد الكشميريين يشير إلى أن الصحافة تتعلم من الماضى.
الرأى أصبح الأكثر رواجا على السوشيال ميديا لكن الصحافة وحدها القادرة على التحقق من الوقائع وإظهار الحقيقة، وهذا هو جوهرها الذى يجب ألا يغيب أبدا عنا.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام رابط دائم: