رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العالم لا يتحمل حربا باردة جديدة

درجت الدراسات الأمنية على التمييز بين التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية. وحظيت الفئة الأخيرة باهتمام متزايد خلال السنوات الأخيرة، على خلفية تزايد حجم هذه التهديدات، والتى تتطلب مواجهتها تعاونا دوليا واسع النطاق، وتعبئة موارد دولية تفوق قدرات أى دولة بمفردها. وشهد العالم خلال العقود الأخيرة نماذج من هذه التهديدات، لكن أياً منها لم يكن بالحدة والشمول التى مثلها فيروس «كورونا المستجد». ورغم قسوة الأزمة، وتكاليفها الاقتصادية والبشرية والنفسية، لكنها مثلت فى الوقت نفسه لحظة نادرة فى حياة المجتمع الدولى والمجتمعات الإنسانية، وفرصة لمراجعة العديد من السياسات الدولية.

لقد امتلك المجتمع الدولى لحظة مثالية ونادرة كان من الممكن خلالها إعادة ترتيب أولوياته، وإعادة ترتيبه للتحديات وأنماط التهديدات الرئيسية. هذه اللحظة كانت تستوجب توسيع حجم التعاون متعدد الأطراف، وتوسيع حجم التعاون الدولى فى مجالات مثل البحث العلمى بهدف الوصول إلى إجابات دقيقة حول أصل الفيروس، وكيفية تطوره، وكيفية مواجهته، وكيفية تعزيز قدرة الاقتصاد العالمى والاقتصادات الوطنية على التعامل مع هذا النمط من الأزمات.. إلخ من التساؤلات التى كان يجب العمل عليها فى إطار تعاوني.

على العكس من كل ذلك، فإن الاتجاه الأغلب حتى الآن هو انزلاق النظام العالمى نحو حرب باردة جديدة، بأدوات وبلغة مختلفة. هذه الحرب لن تؤثر فقط على فرص مواجهة التحدى الراهن الذى يمثله فيروس كورونا، وما يفرضه من استحقاقات على جميع القوى الدولية، ولكنها قد تكون أكثر عنفا وأكثر تكلفة من خبرة الحرب الباردة التى امتدت خلال النصف الثانى من القرن العشرين، وذلك بالنظر إلى حجم التشابك والاعتماد الاقتصادى المتبادل، وحجم التقدم العلمى والتقنى الذى وصل إليه العالم، الأمر الذى يفتح المجال أمام توظيف قائمة واسعة من أدوات الصراع، وتوسيع حجم المتضررين فى هذه الحرب.

مازال العالم يمتلك الفرصة لإجراء المراجعات المطلوبة، والانتصار لهدف حماية الإنسانية من مخاطر نوعية لا تعترف بالتقسيمات التقليدية للدول، ولا التمايزات الثقافية أو الدينية. فهل تدرك القوى الدولية طبيعة التحدى الذى يواجهه العالم؟


لمزيد من مقالات رأى الأهرام

رابط دائم: