رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مرح وخفة وغفلة عن العواقب

نميل إلى الفرح والمرح والخفة والغفلة عن العواقب ،ولدينا قدرة هائلة على التكيف مع الظروف المختلفة ومع الأحوال المتباينة، وقدرة هائلة على التحمل والصبر تجعلنا لانميل إلى المواجهة أو التغيير بل انتظار الزمن أو القدر ليغير ما نحن فيه، وإلى أن يحدث ذلك نقوم بتكييف أنفسنا وضبط احتياجاتنا طبقا لما تسمح به الأوضاع القائمة.

لم أقل ذلك أنا بل ذكره ابن خلدون فى مقدمته حينما وصف الشعب المصرى .رغم بريق هذه القدرة العالية على التكيف فى الظاهر إلا أنها تمثل عيبا فى كثير من الأحيان لأنها تجعله يميل إلى الاستسلام إلى درجة الخضوع المذل والصبر السلبى على ظروف تستحق التغيير، يشهد بصحة ما جاء فى مقدمة ابن خلدون طوفان البشر الموجودين فى الشوارع، الطوابير أمام المحال، موائد الإفطار فى الشوارع دون مراعاة لأى إجراءات وقائية، كورنيش الإسكندرية الذى يعج بالبشر الذين ينزلون ليفطروا عنده، المشاهد المرعبة لاختلاط أنفاس البشر داخل وسائل المواصلات وعلى الأرصفة، السؤال الأهم هنا من الملتزم؟

الحقيقة أن من التزم هم طواقم الأطباء والتمريض يتعبون ويسهرون ويتغربون عن بيوتهم وأهلهم وأحبابهم، بل ويموتون من أجلنا، ونحن نستمتع بالإفطار الجماعى على كورنيش البحر وفى مخابيء اخترعناها تحت كورنيش النيل، التزم أيضا جيشنا العظيم وهذا عهدنا به دائما ، قواتنا المسلحة لم تر بيوتها منذ شهور، ونحن نشكو أننا اصبحنا نكلم الحيطان من حبسة البيت، احمدوا ربنا أنكم تكلمون الحيطان فقط فأنتم بكامل صحتكم النفسية، أما إذا ردت عليكم جدرانكم فعليكم الذهاب إلى الطبيب النفسى كما يقول الدكتور أحمد عكاشة.

هل وصل الشعب المصرى لهذه الدرجة سألنى سائل؟ بالطبع لا كيف يصل وهو يملأ الشوارع .

من حبس نفسه فى بيته نفر قليل، فئة لا تتعدى 01% من الشعب ولا أستثنى طبقة معينة من الأمير للغفير ومن الجاهل إلى المتعلم ومن الفقير إلى الغني، فلا يقول أحد إن الفقراء وحدهم غير ملتزمين أو أن غير المتعلمين لم يلتزموا، فى هذه المسألة نتحدث عن ثلاثة مستويات من الالتزام، أناس التزموا تماما بجلوسهم فى البيت لا يتحركون إلا للضرورة القصوى وإذا تحركوا فمع كامل الاحتياط وهم قليل جدا، وفئة أخرى تتحرك بحرية وتتزاور ولكن باتخاذ الإجراءات الاحترازية، أما الفئة الثالثة فكانت ملتزمة لمدة معينة ثم ضجرت وانفلت عيارها، هنا أكدت أزمة كورونا صفة أصيلة فى الشعب المصرى، وهى أن كل الناس لا ترتدى الكمامة، كل الناس فى الشارع، كل الناس بتعمل كده إشمعنى أنا، وهنا أصبح الحبل على الغارب. إن المصرى فى تشريح الشخصية المصرية للدكتور أحمد عكاشة يشعر بعدم الراحة فى الوحدة ويميل إلى التعامل مع المحن بإلقاء المسئولية على الآخر وكثرة النقد والسخرية من سلوكيات يقوم هو بها، كما تسقط هذه الشخصية كل الكوارث على السلطة دون أن تقوم بأى عمل إيجابي، وتتأثر قراراتها بالناحية المزاجية الإنفعالية أكثرمن تأثرها بالناحية الموضوعية مما يجعل تأثير المنطق هامشيا .

فى ضوء هذا التشريح الذى انطبق على واقع حياتنا نحن نحتاج إلى إدارة الأزمة الحالية بناء على هذه المعطيات مع العمل بخطة طويلة الأمد لتغيير سمات هذه الشخصية فيما يخص المثابرة ومواصلة الجهد، فمن الشقاء ألا نتحمل الشقاء. هذا مع الاحتفاظ بالصفات الفريدة العظيمة الأخرى التى يتصف بها الشعب المصرى .


لمزيد من مقالات سهيلة نظمى

رابط دائم: