فرض كورونا واقعا جديدا على كل مناحى الحياة فى ربوع العالم بعد أن تعرضت كل الأنشطة والقطاعات الحيوية للشلل التام، ومن أبرزها قطاع الطيران الذي يمر بأزمة هى الأسوأ فى تاريخه على الإطلاق، حيث بسط كوفيد التاسع عشر, نفوذه وسطوته على الكرة الأرضية فأربك البشرية وفرض حظرا جويا عالميا، وعزل أكثر من نصف سكان الأرض فى بيوتهم وخلت السماوات من الطائرات والمطارات من المسافرين فى مشهد لم ير العالم له مثيلا قبل.. خسائر قطاع الطيران الذى يسهم بحوالى 2,7 تريليون دولار فى الاقتصاد العالمى بلغت أخيرا بسبب الجائحة وفقا لتقديرات الاتحاد الدولى للنقل الجوى أياتا نحو 314 مليار دولار، وانعكست آثارها سريعا على شركات الطيران العالمية فلجأت لخفض النفقات والرواتب وأعداد العمالة بل وتسريح بعضها، ووصل الأمر الى انهيار شركات مثلما حدث فى بريطانيا واستراليا وجنوب إفريقيا وباتت 25 مليون وظيفة مرتبطة بالطيران مهددة بالخطر، مما جعل المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالنقل الجوى تطالب حكومات العالم بسرعة التدخل لإنقاذ شركات الطيران من الانهيار، حيث تحتاج الى دعم مالى 200 مليار دولار فى صورة قروض وإعفاءات ضريبية لمنحها قبلة الحياة.
عودة حركة الطيران الى طبيعتها قبل الأزمة لن تكون سريعة وقد يستغرق التعافى عاما أو عامين، لذلك تسعى منظمات الطيران حاليا بالتنسيق مع الصحة العالمية وحكومات الدول لإعداد خطة عالمية لتوحيد الإجراءات الوقائية بالمطارات لتعزيز الأمن الصحى العالمى.
الطيران فى زمن الكورونا سيكون مختلفا بالتأكيد، حيث سيشهد تغييرات كبيرة من خلال التدابير الصحية الجديدة بالمطارات.. وسيكون مألوفا أن نجد وجوه وابتسامات المسافرين وأطقم الضيافة الجوية وقد اختفت خلف الكمامات التى سيكون ارتداؤها مع قفازات اليد ضروريا بالمطارات, كما ستنتشر أجهزة الفحص الحرارى وإجراءات التعقيم المستمرة بالمطارات والطائرات والركاب والحقائب. التباعد الاجتماعى والذى سيصبح أسلوب حياة بعد كورونا سيطبق عند السفر سواء بين المسافرين خلال إنهاء الإجراءات أو داخل الطائرات، وقد تلجأ الشركات لترك مقاعد وسط الطائرة دون ركاب للحفاظ على التباعد الاجتماعى وهو ماسيؤدى الى ارتفاع أسعار تذاكر السفر بنحو 50% بينما المفترض خفض أسعارها لجذب المسافرين مع بدء تعافى الطيران، وهى معادلة صعبة ستؤثر حتما على تكاليف تشغيل الشركات. الإجراءات الوقائية قد تشمل أيضا قيام بعض شركات الطيران بإجراء اختبار فحص كورونا داخل المطار..أو استحداث جواز السفر المناعى وهو عبارة عن شهادة يحملها الراكب المتعافى من كورونا بأنه أصبحت لديه مناعة ضد الفيروس!. كل هذه الإجراءات الجديدة مع استمرار حالة الهلع العالمى من الإصابة بكورونا ستجعل الطيران فى زمن كورونا مختلفا عما كان قبله، كما أن الكثيرين سيفكرون مليا قبل اتخاذ قرار بالسفر على الأقل خلال هذا العام.
لمزيد من مقالات أشرف الحديدى رابط دائم: