ضاق العالم ذرعا بالحجر الصحى والعزل والحبس فى المنازل لأكثر من أربعة أشهر خوفا من وباء كورونا القاتل الذى حصد فى آخر محصلة له أكثر من 4 ملايين إصابة و284 ألف وفاة حول العالم حتى ساعة كتابة هذا التقرير، لأن الأعداد تتزايد بصورة سريعة ربما كل دقيقة.
فقد أصاب الملل والضجر وربما الكآبة البشر حول العالم نتيجة الحبس والعزل والخوف من «وحش» كورونا واشتاق الناس إلى العودة إلى حياتهم الطبيعية، وممارسة عاداتهم وأنشطتهم الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، والتحرر من خوف كورونا..
لكن، على الرغم من أن هذا الاستعجال البشرى فى العودة إلى الحياة الطبيعية مفهوم ومبرر، فإن منظمة الصحة العالمية تطالب دول العالم بـ«اليقظة التامة والحذر» فى التعامل مع رفع قيود العزل والإجراءات الاحترازية.
فقد بدأت دول العالم تعود تدريجيا إلى الحياة الطبيعية، على الرغم من أن وباء كورونا المستجد مازال يحصد ضحايا كل ساعة فى مناطق مختلفة من العالم، صحيح أن حصيلة الإصابات اليومية عالميا تراجعت فى العديد من دول العالم، إلا أن منظمة الصحة العالمية تطالب دول العالم بالحذر وعدم التعجل فى رفع القيود التى تم فرضها لمحاصرة وباء كورونا، وضرورة الإبقاء على الإجراءات الاحترازية، خاصة أنه لم يتوصل العالم حتى الآن إلى لقاح أو علاج يتصدى لوباء كوفيد 19. بل إن مايكل راين مسئول الطوارئ الصحية فى منظمة الصحة العالمية حذر الدول التى لم يحدد اسماءها، والتى اختارت أن تغمض أعينها وأن تمضى قدما بشكل أعمى نحو رفع العزل والعودة إلى الحياة الطبيعية دون أن تحدد وتحصر بؤر انتشار الوباء فى البلاد أو أن تستعد بإمكانات طبية كافية، أن فيروس كورونا قد يضرب بموجة ثانية أكثر عنفا وضراوة من الموجة الأولى إن لم تلتزم دول العالم بالإجراءات الاحترازية والعودة التدريجية البطيئة للحياة الطبيعية، فالتسرع والتهور لن يجلبا سوى الندم، ومن ثم يتعين ألا يندفع البشر فى العودة إلى أنشطتهم وحياتهم الطبيعية السابقة ما قبل تفشى وباء كورونا دون المراقبة الدقيقة والصارمة لانتشار الوباء، ففى فرنسا مثلا، اندفع المئات من سكان العاصمة باريس إلى الشوارع والمقاهى على ضفاف نهر السين بعد أن خففت السلطات الفرنسية من إجراءات العزل، وقد التزم السكان بارتداء الكمامات واحتفظوا بمسافات كافية فيما بينهم، وفى إسبانيا أيضا تلقى السكان أنباء تخفيف قيود العزل بارتياح كبير بعد شهور من الخوف والحبس فى المنازل.
وإذا كان مفهوما ومبررا الرغبة الشديدة للناس فى العودة إلى حياتهم الطبيعية دون الخوف من فيروس كورونا وتعويض بعض الخسائر الاقتصادية الفادحة على مدى الشهور الماضية، فإن التهاون قد يقود إلى كارثة ـ لا قدر الله ـ ويجد العالم نفسه غارقا فى موجة أكثر شراسة وعنفا من فيروس كورونا..
فالحذر واليقظة مطلبان ضروريان مع الرفع الجزئى لإجراءات كورونا والتدرج فى العودة إلى الحياة الطبيعية.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: